ما الذي يميز الخرطوم كمدينة؟! رجاءً، لا تذكروا (مقرن النيلين) فهو من صنع الله وليس الإنسان. ما عدا ذلك فهي متسخة، ممتلئة حد الفيضان بكل شيء، وإذا تواضع أهل الهيئة ومروا بميدان (جاكسون) الموقف الحضري للخرطوم سيعرفون أن السلوك الجمالي الذي يبتدعونه في ثلاثة شوارع رئيسية تمر بها عربات المسؤولين الكبار، لا يعني أبداً ما تسمى به الهيئة! وقد تهيأ لي أمس، وأنا أعيد قراءته مرتين، أني لن أجد قصوراً في مثل حديث تدفع به هيئة عن نفسها تهمة ربط الشجر بالقوة ليبدو قوساً ملتوياً - وشتان بين تشذيب الشجر وبين ربطه، واسألوا اهل البستنة إن كنتم لا تعلمون لكن القصور وضح ألف مرة بدفاعهم عن أنها كهيئة استطاعت تفعيل عمل شرائح غير مفعلة في المجتمع ليعملوا لديها بنظام ليل - نهار، فهذا يبدو اجتماعياً وإنسانياً غير أخلاقي، الفقرة التي ذكر فيها السيد (عثمان على أبكر): (اتحاد الصم والبكم فهؤلاء لا مجال لهم للعمل المدني لكن الهيئة أتت بهم فهم أصحاب قدرات وإمكانيات مهولة يعملون ليل نهار في الطلاءات والبناء والأنقاض). ورغم ذكره (للطلاءات) بحال الجمع إلا أن الأمر لا يهم، بقدر ذكره لاتحاد كامل له مؤسسية وكيان وحقوق، ويحاول الناشطون فيه جاهدين تغيير فكرة التمييز الاجتماعية والقدرية على أنهم فاعلون اجتماعياً، وليس كما دافعت الهيئة بأنهم غير ذلك، فقد حققوا أبعد من ذلك تماماً، لدرجة أنك ترى يا سيدي الفاضل صندوقاً صغيراً أسفل كل شاشة من شاشات القنوات الفضائية المحترمة، التي يدرك مسؤوليها أنهم ليسوا أفضل ممن تنقص لديه حاسة، ليسمعوا عبر لغة الإشارة المعتمدة عالمياً كواحدة من اللغات، نشرة الأخبار! والخبر الذي حاول المدافع جعله صاعقاً لنا، باعتبار أن الهيئة هي المدافعة عن حقوق الشرائح المستضعفة وتحاول أن تقوم بعمل وزارة كاملة للشؤون الاجتماعيّة، تقوم عنها وزيرة وسيدة فاضلة ورهط من الموظفين المختصين الحقيقيين في الخدمة المدنية لوطنهم وليس لأفراد! ولا توظف الأبواق للحديث عنها بقدر ما تقوم أعمال الوزارة المشرفة بذلك، ناهيك عن وزارة الداخلية التي غيرت كثيراً من مفهوم (الموقوف) ببرامج إعادة التأهيل داخل الدور الإصلاحية وليس السجون - كما وصف - والتي تنتهجها منذ سنوات بلا ضجيج وأشجار مربوطة من أعناقها! لأن صميم عملها إعادة تأهيل الموقوفين للعودة إلى المجتمع بوضع نفسي موفق، فخير الخطائين، يا سيدي، التوابون، ليتخيّروا بأنفسهم الأعمال التي يودون القيام بها وليس التي يجبرون عليها ليل نهار، بلا حقوق إنسان! إن الإنسان بطبعه عاطفي، وقائمة ذاكرته على النسيان البغيض والسيد (عثمان على أبكر)، الذي اختار عدم ذكر وصفه الوظيفي داخل الهيئة، ينسى تماماً أن النظافة التي وضعت لها الهيئة لجاناً ومختصين ومقررين - كما ذكر - كانت ذات ولاية سابقة تتبع لشركة خاصة تتبع لذاك الوالي شخصياً! إذن، ليست فاضلة هذي المدينة يا سيدي! ونتذكر تماماً أحاديث الوالي الحالي إبان الانتخابات المنصرمة عن العمل الجماعي بين الولاية والمواطن لتحقيق الوجه الأفضل للولاية العاصمة. فماذا فعلت الولاية للمواطن من رفع الأذى عن طريقه وجلب براميل النفايات، ليقوم هو بسلوك حضري بوضع النفايات في أماكنها المخصصة؟ اختصاص (بعض) موظفي الدولة في التطبيل للأسماء دون الأفعال جعلت الأفعال تدنو، لترتفع الأسماء، لأنهم بطانة السوء الذين لا يدركون إلا الذي بين أيديهم! أما الذي بين أيدينا فهي أقلام فقط، ولها أغراضها، يا سيدي! أولها غرضنا الما انقضى حتى الآن، أن يقوموا في الولاية - بمدنها الثلاث الكبرى - إلى نظافتها وتصحيح وتغطية مجاريها، فالنظافة من الإيمان، وهي السلوك الحضري لكل ثقافة. وأن تجد الهيئة - ما دامت مستمرة - مدافعين عنها يتقنون اللغة كتابة وسلوكاً وتحضراً، فنحن في (الجرايد) وبصورنا المعلقة على مشنقة كتاباتنا، والحمد لله لدينا شهادات مهنية في الصحافة ولو لم نتقن بها الصرف! } هذا الرد يخص السيد (عثمان علي أبكر) فقد علمنا أنه ينتحل صفة الدفاع عن الهيئة وأنه لا يمت لها بصلة حسب ما جاءنا على لسان مدير إعلام هيئة تطوير السلوك الحضري.