{ قال الرئيس «البشير» في معرض حديثه خلال افتتاحه مستشفى «رويال كير»: إن العلاج بالخارج أصبح (ميتة وخراب ديار). { وقد يكون الرئيس محقّاً في ما ذهب إليه، فالعلاج بالخارج مكلف جداً، وبالتالي فهو (خراب ديار)، وقد يعود المريض ميتاً محمولاً في (صندوق) حتى من «بريطانيا»، و«ألمانيا»، و«فرنسا»، دول الريادة والتقدم في مجال الطب، دعك من «مصر» و«الأردن»، حيث تتكاثر أعداد (الجنازات) المحمولة جواً القادمة من مطارتها.. (وما تدري نفس بأي أرض تموت).. صدق الله العظيم. { لكن الثابت - سيدي الرئيس - أن نسبة (الأخطاء الطبية) في حالة العلاج بالخارج، أقل كثيراً من كميات الأخطاء في مستشفياتنا ومراكزنا الصحية في الخرطوم والولايات. { وفي كثير من الأحيان، يضطر المريض إلى السفر للخارج لمعالجة تداعيات خطأ طبي، في التشخيص، أو خلال العمليات الجراحية، والقصص والروايات تتزاحم في التقارير الطبية المتوفرة بسفارات السودان بالخارج.. فلماذا لا تشكّلون لجنة لحصر تلك الحالات وتصنيفها بالتعاون مع وزارة الخارجية؟! { روح الإهمال واللامبالاة تضرب مرافقنا الصحية، وتنخر في مفصل الثقة الرابط بين أطبائنا والمرضى في بلادنا الموجوعة بآلام مزمنة منذ زمن طويل. { الإهمال هو الذي يجعل (الجراحين) ونوابهم، ينسون قطعاً من (الشاش) في باطن المريض، أو يصرف اختصاصيي وفنيي التخدير من التأكد من وصول أنبوب التخدير إلى (القصبة الهوائية)، لا إلى مكان آخر، فتنتفخ بطن المريض (المخدّر) خلال ثوان معدودات، ويفارق الحياة قبل بداية العمليّة، فيزعم أهل (المرحوم) وأصدقاؤه وأحبابه أن المغفور له بإذن الله تلقى (جرعة زائدة) من المحلول!! { والإهمال هو الذي يجعل مستشفياتنا بما فيها (الخاصة) - فخيمة المباني، ضعيفة المعاني - تعجز عن استجلاب أجهزة (غير مكلفة) تسمى «كابنو قراف»، يتم إلحاقها بماكينة التخدير لمساعدة الاختصاصي على التأكد من وصول الأنبوب إلى القصبة، حتى لا يموت الناس في بلادي كما يموت الضأن..!! { بعض (الجرّاحين) عندنا يغادرون غرف العمليات قبل إفاقة المريض من المخدّر، وأحياناً قبل إكمال عملية قفل الجرح، تاركين المهمة ل (النواب) أو (العموميين)..!! { نحتاج إلى إحداث نقلة (نوعية) كبيرة في (ثقافة العمل) بالعيادات والمستشفيات والمراكز الصحية قبل التدريب واستجلاب الأجهزة الحديثة والمعدات المساعدة، لأن موت مريض خلال عملية استئصال (زائدة)، أو جراحة عظام، بسبب التخدير، أو سبب آخر، لا يشجعنا على إغلاق باب العلاج بالخارج، فقط لأننا افتتحنا مستشفى دولياً جديداً!! { لدينا - مثلاً - أزمة كبيرة في تخصص (جراحة العيون)، والمنتظرون لإجراء عمليات العيون بالآلاف، كما أن الاختصاصيين (المهرة) في هذا المجال قلة، ومواعين العلاج أقل، فهل نترك أهلنا ضحايا لاحتمالات الإصابة بالعمى؟! { كلّما تحسنت الخدمة الصحية في بلادنا، كلما تناقصت رحلات العلاج بالخارج دون حاجة إلى توجيهات وقرارات. { حماكم الله.. وحمانا.