لم نكد نتحلحل من وصاية بعض الفنانين المخضرمين تجاه الفنانين الشباب وتجاربهم الغنائية التي يطرحونها وإسباغ الأوصاف والنعوت عليها لدرجة أن بعضهم أفتى وأرادنا أن نقتنع بما أفتى به، بأن معظم هذه التجارب هابطة ولا تستحق الاستماع متناسين في ذلك أنه من حق المستمع أن ينتقي ما يشاء من المعروض في فترينة الغناء ويختار ما يناسبه ويريحه. ولم نكد نفيق من وصاية بعض أبناء الفنانين ووراثتهم لأغنيات آبائهم لدرجة أنهم امتلكوا زمام من يغنيها ومن لا يغنيها وبعضهم اعتبرها جزءاً من ميراث العائلة لا يشاركهم فيه أحد وكأن هذا الجمهور الذي منحها الديمومة وحق البقاء ليس شريكاً أصيلاً فيها، بل إن بعض هؤلاء الورثة قرر أن يردد أعمال والده حتى ولو لم يكن مالكاً لذات الصوت الأخاذ أو الأداء الطروب والإحساس المرهف وكأن تلك الأعمال عربية جاته في الميراث وقرر يقلبها تاكسي يدخل له بعضاً من المال حتى لو كان قد غير من موديلها وشكلها. لم نكد نستفيق من هذه الوصاية إلا وفوجئنا بمصيبة أكبر وأخطر وتحمل إشارات لا تمت لسماحة المشهد الفني وسمو الأغنيات الجميلة بشيء، على فكرة أنا دائماً أقول إن الاستماع للأغنيات الجميلة يجمل الدواخل ويهذب الإنسان ويكتسب روح المعاني التي تحملها، يعني لا أتصور أحداً مدمناً على أغنيات التاج مصطفى ولا يحمل قدراً من الشفافية ومسحة من جمال، ولا أظن أن بني آدم يعشق عثمان حسين لا تحمل دواخله قدراً من التسامح والامتداد نحو الآخر بمساحات من الروعة والحسن والبهاء. أقول لم نكد نستفيق مما يعكر سماحة المشهد الفني إلا وحملت الأخبار أن أحد معجبي عثمان حسين قد تصدى للفنان الشاب معتز صباحي مانعاً إياه من ترديد أغنية يا ربيع الدنيا في المنتدى الذي أقيم بالنادي العائلي إحياء لذكرى الراحل الكبير، ودعوني أحدد نقاط مهمة تعالوا نتفق عليها، أولاً إن معتز صباحي ورغم رأيي في الطريقة التي يؤدي بها أغنياته وفيها الكثير من عدم الوضوح إلا أنه صوت قوي وجميل ما في ذلك شك. ثانياً المناسبة نفسها التي شارك فيها معتز كفيلة بأن لا نبدي رأياً (فظاً) ومحرجاً طالما أنه جاء يشارك محبة في الفنان الكبير وهو حب كان كفيلاً بأن يجعل المعترض يتجاوز عن رأيه في أداء صباحي. ثالثاً هل أخطأ صباحي وحرف من اللحن أو غير الكلمات أو أضاف من عنده أم أن المسألة هي مزاجية الرجل الذي يعشق ربيع الدنيا بصوت عثمان حسين؟ أعتقد أنه ما من حق أحد كائناً من كان وارثاً أو معجباً أن يمنع شخصاً من ترديد أغنية طالما أنه لم يحرفها أو يبترها حتى لا يفتح الباب على مصراعيه لكل معجب بفنان كبير راحل أو مقيم أن يمنع هذا أو ذاك من الغناء لأن المسألة نسبية وما لم يطربك ربما يكون قد جعل آخر يتمزق من الطرب. في كل الأحوال أقول إنه لا أحد وصياً على أحد طالما لم يخرج ذلك ال(أحد) عن الأعراف والقيم ولم يشوه أو يقصقص أجنحة كلمات عاشت في دواخلنا، ولذلك المعجب الغيور على عثمان حسين أقول حبنا لعثمان حسين يجعلنا نغض الطرف عن أي أداء أقل قامة من الرجل لأننا نفترض في من غنى لأبوعفان أنه أيضاً يعشق أبوعفان وهذا كفيل بأن نغني له مسامحك يا حبيبي مهما قسيت علي!! واللاشنو؟ كلمة عزيزة استلفت أمس بعضاً من أغنية الصديقة ندى القلعة التي تقول فيها ضرب السوط (يشح) إن ما قدره زح يا جناي ماني دايرة ولدي يوح.. وجعلتها ضرب الشمس (يشح) وليس (يسح) كما ورد أمس والتوضيح لفائدة المعنى رغم ثقتي في فطنة القراء وسبب آخر أنني عايزة أعيدها (كية) كده!! كلمة أعز واحدة من مظاليم الفضائية السودانية الأخت ندى سيد كامل فهي لم تأخذ فرصتها كما يجب وفقرة في برنامج بيتنا ليست كفاية!