{ أعترف أنني إنسانة «قلقة»! يتحور قلقي هذا ليصبح أمراً مقلقاً للآخرين من حولي، فأنا أخاف من كل شيء وأحسب حساباً لكل شيء ولا أعيش كل يوم بيومه كما يفعل أصحاب البال الهاديء. { وأحياناً يكون قلقي وخوفي هذا من دون أسباب منطقية، والغريب أنني أعلم ذلك وبرغمه أمضي في قلقي قدماً وكأنه واجب مفروض علي. هذه المعاناة مع القلق جعلتني أبحث عن وسيلة للتخلص منه، أو على أسوأ الفروض جعله قلقاً معتدلاً ومبرراً. { ولأن أزمتي مع القلق تتزامن مع أمومتي تحديداً: اجتهدت في بحث الأمر، فكلما خرج أبنائي في رحلة مدرسية ساورتني الظنون ونسجت أوهامي قصصاً مأسأوية حول ما يمكن أن يكون قد أصابهم حتى يعودوا سالمين. وكذلك كلما تأخروا عن موعد العودة وحتى كلما ذهب أحدهم إلى «الدكان». وقد تفاقمت أزمتي مؤخراً بسبب المستجدات السالبة على المجتمع وتلك القصص والحكايات التي تفزعنا كل يوم. { عليه.. فإن قلقي الأمومي الفطري بالإضافة إلى العديد من المخاوف التي تسيطر علي وتؤثر على مستوى تفكيري وشكل حياتي اليومي أصبحا يسببان لي بعض الأعراض المرضية ويقحمانني في مواقف صعبة أمام نفسي وأمام الآخرين، وهذا القلق المرضي الذي يتجاوز حدود القلق المحمود له مظاهر عدة، أبرزها بقاؤك في حالة من الترقب الدائم في انتظار وقوع كارثة مفترضة حتى وإن كانت كل الأمور تسير على ما يرام فتظل تقول لنفسك إن هذه الحالة الجيدة من الاستقرار لن تستمر طويلاً فتحرم نفسك من متعة السعادة بالأمور الجيدة وذلك يسبب لك نوعاً من التعب والتوتر وعدم القدرة على التركيز لانشغالك الدائم بالبحث عن المصائب المرتقبة. { بعض حالات القلق تندرج تحت قائمة الوساوس كأن نفترض الأمور السيئة قبل وقوعها، فإذا كان أحدنا ذاهباً إلى معاينة أو امتحان نجده واثقاً 100% من نسبة فشله أو تأخره عن الموعد لقناعة تامة داخلنا بأن حظنا سيئ ولن يبتسم يوماً، لهذا علينا أن نحاول أن نكون إيجابيين قدر الإمكان، ورغم أن الكمال لله علينا أن نرفع معدل ثقتنا ونظرتنا الإيجابية لأنفسنا ونستعيد ذكريات نجاحاتنا وإنجازاتنا السابقة، إن جسدنا يحتفظ بذاكرة للأحاسيس الإيجابية، فلماذا لا نستعملها على الأقل؟!! { وحتى نتصالح مع أنفسنا ونتخلص من بعض القلق - فهو قطعاً لن ينتهي مرة واحدة - يجب أن نبحث عن القدوة وننظر كيف يتصرفون في المواقف الصعبة المقلقة ونحاول أن نصبح متوازنين وحكماء مثلهم، وكلما عربد القلق بأعماقنا علينا أن نسأل أنفسنا: «لو كانت أمي هنا كيف كانت ستتصرف؟»، مثلاً. إلى جانب أن الكتابة والتنفيس عما يقلقنا شيء إيجابي لهذا أنا لا أستطيع أن أفصل تفاصيلي الشخصية عن كتاباتي فأرجو أن يقدر العديد منكم ذلك ويستوعبون قلقي. فالتجارب تؤكد أن البوح والحوار من أهم الأشياء التي ستساعدك - بلا شك - على التخفيف عن قلقك، تحدثي عن مخاوفك إلى شخص تثقين به، تحدثي عما يزعجك ويوترك ويجلب لك التعاسة، فهذا أفضل من أن تحاوري نفسك وترهقيها بهواجس وأوهام مخيفة ومرهقة لأعصابك. { تحكمي أيضاً بأنفاسك، أو حاولي تعلم ذلك، فهذا يساعدك على التحكم بشك أفضل في أحاسيسك، فكلما دخل الهواء النقي بعمق إلى رئتيك، تجددت قدرتك على الاحتمال لتكوني إيجابية أكثر. { بالإضافة لذلك..لا بد من الحصول على قدر وافر من النوم، فالأرق يشكل جزءاً أساسياً من مشكلتك مع القلق.. وعدا عن أن النوم يمكن الإنسان من تجديد طاقته وحويته فإنه يساعد كذلك على اكتساب قدرة التفكير الهادئ والموضوعي والإيجابي ولا بد من الاجتهاد في النوم والاسترخاء رغم إصرار مخاوفك على إيقاظ ذهنك، حاربيها ولا تتنازلي عن حقك في النوم والبوح واستعيني بالصلاة والاستغفار. { تلويح: ورغم ذلك يبقى للقلق وجه إيجابي فهو يعلمنا الاحتراز والحيطة..