السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصور خالد .. (شيطان رجيم) أم مثقف فذ؟!!
نشر في الأهرام اليوم يوم 12 - 06 - 2011

منصور خالد رجل مُثير للجدل.. يعتبره البعض مثقفاً (فذاً) ومُفكراً (كبيراً).. لكن البعض الآخر يعتبرونه (شيطان رجيم) ومُجرد (عميل).. (الأهرام اليوم) ليست الصحيفة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تحاول التنقيب في (شخصية) كانت وما زالت ملء السمع والبصر.. لكنها تحاول جاهدة استنطاق أصدقائه وأعدائه في آن واحد بميزان ال (دهب) لاستكشاف الكثير المُثير في بواطن شخصية الدكتور منصور خالد محمد عبد الماجد.. الذي يصفه أصدقاؤه بأنه رجل في داخله طفل.. قد تصعد به كلمة صغيرة إلى السماء، وأخرى صغيرة قد تغضبه.. حليم مع كبرياء أو نرجسية لا تحدها حدود.. تكسرت في وجهها كل الحملات والمؤامرات التي وجهت ضده.. كما أن للرجل قدرة على مقارعة أعدائه للحد الذي يمكن أن يقال فيه (يمسح بهم الأرض).. منصور دبلوماسي أتقن فن «السبك والإبهار» في خطاباته وكتاباته، كاتب وسياسي ومُفكر سوداني، يُعد من أكثر الشخصيات السودانية إثارة للجدل بآرائه المُختلفة التي تغذيها مناصبه المحلية والعالمية التي تقلدها.
حياته ونشأته:
ولد الدكتور منصور خالد بأمدرمان العاصمة الوطنية للسودان في يناير من العام 1931م في حي (الهجرة).. من أسرة أمدرمانية عريقة، فجده لأبيه هو الشيخ العالم الشهير (محمد عبد الماجد) المتصوف المالكي الذي أفنى عمره في تدريس الفقه المالكي والتصوف، ولأمه الشيخ (الصاوي عبد الماجد) الذي كان أيضاً قاضياً شرعياً وعمل في تدريس الفقه.. إذاً فهو من أسرة غلب عليها طابع التصوف، وهو ما وثقه منصور بنفسه في سيرته (الثلاثية الماجدية).. نشوء منصور في أسرة متصوفة ظهرت معالمها واضحة في كتاباته المختلفة، فاشتهر الرجل بسلامة اللغة، وجمال البلاغة، وسعة التخيل، ودقة التحليل.. مما يجعل الكتابة عنه ضرباً من الرهق القاتل إن لم تستعن عليها بأنداده وأصحابه، فها أنذا أفعل وهاتفت رئيس المجلس القومي للصحافة والمطبوعات االبروفسور علي شمو الذي قال ل(الأهرام اليوم) إن منصور خالد من أسرة سودانية مُتدينة غزيرة بالعلماء والفقهاء والمفكرين الذين كان لهم القدح المُعلى في نشر الفقه والتفسير، وأشار إلى أن منصور من الشخصيات النادرة جداً، وتميز منذ أن كان طالباً بثقافته ووعيه، بجانب قوة شخصيته، موضحاً أن مواقف الرجل التي اتخذها كانت صادرة عن قناعة تامة. كما حملت خُطاي ناحية رئيس تحرير صحيفة (الرأي العام) الأستاذ كمال حسن بخيت الذي لازم الرجل لأكثر من (30) عاماً، ليبدأ حديثه معي بذكر أخصب سنوات الرجل بوزارة الخارجية، سيما وأنه خلق من يومه دبلوماسياً ومُثقفاً.. مُبرزاً منذ نشأته، ووفياً لأصدقائه، أهلته بحسب كمال لأن يُمغنط محيطه الدبلوماسي فكان معاونوه فيها كل يحاكي منصور.. يواصل كمال بالقول:( أنا أقول عنه دائماً إنه أخي الذي لم تلده أمي).. عرفته رجلاً كريماً تربى في منزل ديني بأمدرمان (أبو روف).. في منزلهم يوجد (مسجد)، أهله أصحاب علم، ودين وخلق، وشعراء، لديه مجموعة شعرية باسم (الماجدية)، منصور رجل مُثقف ثقافة رفيعة جداً، وأن الأطفال في منزلهم لديهم مكتبة ضخمة ويحفظون ألفية بن مالك. ويعود على شمو ويقول ل(الأهرام اليوم) إن منصور خالد شخصية عالمية، وأهلته خبراته المتنوعة وقناعاته وكتاباته لأن يكون شخصاً مميزاً.
مراحله التعليمية:
تلقى منصور جميع مراحل تعليمه حتى المرحلة الجامعية بالسودان.. درس الأولية بأمدرمان، ثم مدرسة أمدرمان الأميرية الوسطى، ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية العليا، ثم كلية الحقوق جامعة الخرطوم التي زامله فيها الدكتور حسن الترابي، ورئيس القضاء الأسبق خلف الله الرشيد، ووزير العدل الأسبق عبد العزيز شدو.. حصل على الماجستير في القانون من جامعة (بنسلفانيا) بالولايات المتحدة الأمريكية، والدكتوراة من جامعة باريس. يؤكد كمال حسن بخيت ل(الأهرام اليوم) بأن منصور رجل موسوعة و(مؤسسة كاملة)، وربما كانت الصداقة التي تجمع كمالاً بمنصور أهلته لتبني الرؤية التي اجترحها مؤخراً الكاتب الصحفي الأستاذ أحمد علي بقادي وكان فحواها أن منصوراً لم ينضم إلى الحركة الشعبية، إنما هي التي انضمت إليه، لأن بانضمامه إليها فتح لها آفاقاً واسعة، وأخرجها من كونها حركة مُسلحة مرتبطة بمجلس الكنائس، تحت غطاء ماركسي كما بدأ في المنفستو الخاص بها ، لكنها تحولت إلى حركة ليبرالية عندما دخلها منصور خالد، وأن الغرب دخل داعماً لها بفضل علاقات الرجل.. ورغم (ليبراليته) التي أسبقها حتي علي الحركة، إلا أنه كان أكثر تديناً من أدعياء الدين ، واستطاع أن يفك ما التبس على الناس من كون (الليبرالية) مرحلة ما من مراحل (الكُفر) السياسي فهذا هو كمال يروي عن منصور أنه رجل حافظ للقرآن، لم تقعده (ليبراليته) عن آداء منسكي الحج العمرة لأكثر من مرة.. وقال: (عندما كتبت ذات مرة عن ذلك احتج أحد الأخوان وقال لي منصور خالد مالو ومال الحج والعمرة والحاجات دي، لكن فيما بعد أصبح الرجل من أقرب أصدقاء منصور)، وربما بدأ الإخواني الذي عناه كمال واحد من جملة الناس الذين عضوا أصابع الندم لكونهم قدروا أن الشمال فقد مفكراً كبيراً بانضمام منصور خالد إلى الحركة الشعبية، لكن كمالاً لا يمل من لفت الإنتباه إلى أن الرجل رغم انكماشه القليل، ظل منبسط ومتوفر جداً على أهله ومعارفه، وقال إن أصدقائه قبل (30) عاماً ما زالوا هم أصدقائه إلى الآن، تربطه علاقة قوية برجل البر والإحسان حسن إبراهيم مالك، وعبد المنعم مصطفى المهندس، والكارب المحامي، والآن بنجم المجتمع رئيس مجلس إدارة المريخ جمال الوالي.. مشيراً إلى أن الرجل في نيفاشا كان عنصراً فاعلاً.. منصور يحب الوطن رغم انتمائه للحركة الشعبية، وتنطبق عليه عبارة (مُجبر آخاك لا بطل)، لأنه رجل لا يحب الانقلاب على مواقفه، لكن في تقديري أن علاقته بالحركة الشعبية انتهت بعد الانفصال لأنه رجل وحدوي، وأوضح أن الرجل كان يزور كل السودانيين المتواجدين في القاهرة إبان الفترة التي سبقت عهد الإنقاذ، وكان يمد لهم يد العون في لندن. ورغم مدح كمال لصديقه منصور بيد أن الكاتب الصحافي أحمد علي بقادي قال ل(الأهرام اليوم) إن منصور طيلة سني كتاباته لم ينتقد الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل، رغم مؤامرات تلك الدول الواضحة تجاه السودان، لافتاً إلى أن الرجل له أجندته الخاصة وأن الأمريكان يساندوه.. وبقادي ليس وحده الذي هاجم الرجل، إذ نجد أن الدكتور عبد الله علي إبراهيم دبَّج مقالات موسومة ب(منصور خالد القوّال) أشار فيها إلى وقوعه على وثائق تؤكد أن منصور خالد خدم المُخابرات الأمريكية في عام 1953م وهو طالب بعد بكلية الخرطوم الجامعية، وربما كان في عامه الثاني بكلية القانون، فقد ورد اسمه ونوع خدمته في تقرير من ضابط الاتصال بالسفارة الأمريكية بتاريخ 8 أغسطس 1953م إلى الخارجية الأمريكية بصورة إلى أفرع القوات المسلحة الأمريكية وال(C.I.A)، وهو تقرير استكمل به ضابط الاتصال مذكرة سلفت له بتاريخ 31 مارس 1953م وعنوانه «الشيوعية في السودان».
حياته العملية:
عمل منصور لفترة قصيرة -بعد إكمال دراسته- بالمُحاماة، ثم سكرتيراً لرئيس وزراء السودان عبد الله بك خليل(1956-1958م).. انتقل بعدها للعمل بالأمم المتحدة في نيويورك ثم منظمة اليونسكو بباريس.. عمل أستاذاً للقانون الدولي بجامعة (كلورادو) بالولايات المتحدة. ونوّه كمال إلى معرفته برجل جاد، لا ينشغل بالصغائر، ولا يرد على الذين يتهمونه اتهامات لا أساس لها من الصحة.. وأضاف: (حدثني الشاعر العظيم حسين بازرعة الذي درس معه في مدرسة وادي سيدنا الثانوية، وقال لي أنه لأول مرة وهم طلاب في وداي سيدنا الثانوية يشاهدون صحف(النيورك تايمز) و(التايمز) عند منصور خالد الطالب معهم بالمدرسة.. وذكر لي أيضاً بأن منصور كان جُل وقته مُنكباً على القراءة، ليست الأكاديمية فقط، إنما القراءة العامة، ولا تجده إلا ومعه كتاب). روى الصحافي طلحة الشفيع ل(الأهرام اليوم) قصته مع الدكتور منصور خالد وقال إن الرجل كان رئيساً لمجلس إدارة صحيفة (الصحافة) ورئيساً لتحريرها، إبان عمل الشفيع بسكرتارية تحريرها، وكان ذا شخصية قوية وتفوح منه رائحة العطر من مسافة بعيدة، تدل علي أن الرجل في طريقه إلى الصحيفة، موضحاً أن منصور كان يصل إلى مقر الصحيفة في حوالي الساعة الثالثة ظهراً لكتابة زاويته اليومية ويعود من جديد في حوالي الساعة العاشرة مساءً لإدخال بعض التعديلات على ما كتب ومن ثم إجازتها للنشر النهائي، واقترح عليه ذات مرة إرسال مادته الصحافية منذ وقت مُبكر لمراجعتها وتصحيحها، باعتبار أن الصحيفة أصبحت (نهارية) بسبب تأخر مادة رئيس التحرير، مشيراً إلى أن الرجل كان يتقبل الرأي الآخر ووافق على المقترح وأصبح يرسل مادته الصحافية مبكراً، ويأتي لمُراجعتها في الثالثة ظهراً، مما مكَّن الصحيفة من الظهور بالمكتبات في الصباح الباكر.
العمل السياسي:
نشر منصور خالد مقالات في (يناير1969) بصحيفة (الأيام)، تنبأ فيها بزوال الحكم الديموقراطي- نسبة للمشاحنات الحزبية، والعداء الطائفي وعدم احترام الأحزاب لمبدأ الديموقراطية واستقلالية القضاء مستشهداً في ذلك بطرد الحزب الشيوعي من البرلمان، وتعديل الدستور، وتحقير القضاء الذي حكم بعدم دستورية طرد الحزب، واستقالة رئيس القضاء (بابكر عوض الله)- وبعد شهور من تلك المقالات.. في (25) مايو أطاح جعفر نميري بالحكم الديموقراطي وأتى بانقلاب سمى ب(ثورة مايو).. ولإيمانه بعظمة الأفكار التي يحملها قبل ان يشغل منصب وزير الشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية في الحكومة التي شكلها نميرى شهدت معه قطاعات الشباب نهضة كبرى تمثلت في تفعيل الشباب في الخدمة الطوعية (صيانة الطرق، بناء المشافي والمدارس إلخ)، وفي إنشاء مراكز الشباب، ومراكز التأهيل، ومحو الأمية.. ومثلما حق لكمال أن يروي عن منصور السياسي جاز له أن يشير إلى أن الرجل باراً بأهله، يحب والدته حباً جماً، كان يرسل إليها ولشقيقاته وأشائقه المال الوافر، والهدايا الضخمة طيلة فترة تواجده خارج السودان، كانت رسائله إلى السودان إبان ثورة (الإنقاذ) تمر عبر شخصي، الرجل يحفظ العُشرة، وعطوف عل الفقراء.. منصور ساهم في تعليم الكثير من الشباب بإرسالهم في بعثات خارجية، ولا يرفض طلباً لأحد، ولا يرد يداً مُدت إليه. ويقول الصحافي طلحة الشفيع ل(الأهرام اليوم) إن الدكتور منصور خالد كان رجلاً (ساخراً) وأشار إلى زميل لهم اسمه فاروق سليمان كان في يوم من الأيام محرراً للسهرة بجريدة (الصحافة)، وصادفت سهرته ذات يوم إذاعة خبر عن إبادة الرئيس العراقي صدام حسين للشيوعيين، وعندما دخل منصور خالد إلى (الصحيفة) سأل عن الصفحة الأولى، وعندما جلبناه له طالعها بتروي ولم يجد فيها خبراً عن صدام حسين، وعلى الفور خاطب زميلنا فاروق سليمان قائلاً: (العالم ده نام ولا شنو)، لكن محرر السهرة أجاب قائلاً: (نحن نتابع فقط إذاعة أمدرمان).. لكن منصور خالد باغته قائلاً: (أسع إنت رئيس تحرير، العالم كله مشغول بإعدام صدام للشيوعيين، وتقول لي نحن بنتابع إذاعة أمدرمان بس).. ويعود طلحة الشفيع ويؤكد ل(الأهرام اليوم) بأن منصور خالد كان أنيقاً أناقة رهيبة، ويرتدي أزياء بديعة.
مؤلفاته:
للدكتور منصور خالد عدداً كبيراً من المؤلفات ومؤلفاته تقع معظمها في مجلدات ضخمة خصوصا ما كتب منها في فترة التسعينات ومن مؤلفاته:
حوار مع الصفوة:
عبارة عن مجموعة مقالات كُتبت مجموعتها الأولى عقب انتفاضة أكتوبر عام 1964م وكان الكاتب يعمل وقتها مندوباً للأمم المتحدة بالجزائر.. وكُتبت مجموعتها الثانية خلال فترات اغترابه بفرنسا وهو يعمل في باريس بمنظمة اليونسكو. ضم الكتاب عدداً مقدراً من المقالات بلغت (25) مقالا تحدث فيها منصور عن مختلف القضايا الفكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية والتعليمية.. الطبعة الثانية من الكتاب كانت في العام1979م وصدر الكتاب عن دار جامعة الخرطوم للنشر بمقدمة من الأستاذ المفكر الراحل جمال محمد أحمد.
لا خير فينا إن لم نقلها:
مجموعة مقالات كُتبت في فترة السبعينيات من القرن الماضي ونقد الكاتب بها نظام مايو والمجتمع نقداً غير صدامي (لا توجد معلومات متوفرة الآن عن التفاصيل).
السودان والنفق المظلم: الإسم الكامل للكتاب هو: (السودان والنفق المظلم قصة الفساد والاستبداد).. وهو كتاب في نقد نظام النميري بصورة مصادمة وظهرت فيه مفاصلة منصور الكاملة لنظام الخرطوم.. ولقد صدرت طبعته الأولى في يناير من العام 1985 قبل أقل من ثلاث شهور من سقوط نظام نميري إثر انتفاضة الشعب السوداني في أبريل 1985م يعتبر الكتاب سيرة ذاتية لمنصور وللنظام المايوي إذ ذكر فيه من دقائق الأخبار الكثير. صدر الكتاب عن (Aedam Publishing House limited, London-Malta).
الفجر الكاذب: في نقد نميري أيضا.
جنوب السودان في المخيلة العربية
النخبة السودانية وإدمان الفشل (من جزئين)
قصة بلدين.. (السودان، أهوال الحرب.. وطموحات السلام):
(الثلاثية الماجدية).. صور من أدب التصوف في السودان تحتوي على ثلاثة أجزاء.. الكتاب الأول ومؤلفه الشيخ محمد عبدالماجد جد منصور وهو عبارة عن سيرة ذاتية. الكتاب الثاني بعنوان صاوي القوافي وهو عبارة عن جزئين الأول: مجموعة أشعار الشيخ الصاوي.. الثاني: (جُمانة التوحيد).
الكتاب الثالث بعنوان الدباغ الشاعر.. وهو يتناول ديوان الشيخ عبدالعزيز الدباغ ابن الشيخ محمد عبد الماجد عم منصور خالد.. الكتاب الأول والثاني يضمهما مجلد واحد، وكلا المجلدين محققين من قبل الدكتور منصور خالد وبمقدمات عدة.
اسهامات أخرى:
أسهم منصور في خلق علاقات قيمة ومفيدة مع (هيئة اليونسكو، ومنظمة العمل الدولية، وحكومات مصر والجزائر وكوريا الشمالية).. كما أن وزارته قد أقامت عدداً من المهرجانات الشبابية وأنشأت قصور الثقافة.. في أغسطس 1970م استقال من الوزارة رغم اعتراضات الرئيس وكثير من مجلس الثورة، لكنه أصر عليها لأنه رأى أن الصراعات الأيدلوجية أنهكت النظام الذي كان يعيش في تلك الفترة بالموازنات الأيدلوجية اليسارية.. رغم الفترة القصيرة التي قضاها في الوزارة إلا أنها شهدت إنجازات ضخمة.. بعد استقالته من الوزارة عمل ممثلاً لمدير عام هيئة اليونسكو «رينيه ماهيو» ضمن برامج التعليم لهيئة غوث اللاجئين الفلسطينيين.. عاد بعد ذلك ليعمل سفيراً للسودان بالأمم المتحدة.. تقلد عدة مناصب في السودان من وزارة الخارجية ووزارة التربية وكمساعد لرئيس الجمهورية.. في العام 1978م استقال من المكتب السياسي وخرج من (نظام مايو) لأنه رأى أن الرئيس (نميري) تغول على المؤسسية في الدولة.. عمل كزميل في معهد (ودرو ويلسون) بمؤسسة اسمثونيان بواشنطن عقب تركه السودان في عام 1978م. شغل موقع نائب رئيس للجنة الدولية للبيئة والتنمية التي أنشأتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1982م، ومقرها جنيف.. ألف عدداً من الكتب حول السياسة السودانية باللغتين العربية والإنجليزية كما نشر العديد من المقالات في الحوليات الدولية عن قضايا التنمية والسياسة في العالم الثالث، ومهندس جميع اتفاقيات السلام في السودان. وعاد كمال وقال إن منصور يمتلك مجموعة كبيرة من الأصدقاء والمفكرين والمفكرات، تربطه علاقات بكثير من رموز السياسة في العالمين العربي والإسلامي على رأسهم أمير الكويت الحالي، تربطع علاقات قوية جداً بقيادات الخليج، وأضاف: (مرة كنت جالساً معه بمنزله أيام حكومة مايو.. وعندما ههمت بالمغادرة قال لي أليس لديك الرغبة في رؤية زوج ملكة هولندا وتسلم عليه؟.. قلت له أريد رؤية الملكة نفسها) وقبل مرور دقائق دخل طبيب وطبيبة أزواج، كان ذلك الرجل زوج ملكة هولندا، لأول مرة أعرف أن منصور خالد لديه مستوى كبير من العلاقات، وزاد: (لا تجد كتاب يصدر في الكرة الأرضية إلا وحصل منصور خالد على نسخة منه).. لافتاً إلى أن الرجل مُعتدل في حياته وتعامله وسلوكه، ومع علاقاته بالآخرين.. قُبيل انفصال الجنوب تلاحظ ابتعاد الدكتور منصور خالد عن الساحة السياسية، وبحسب ما يظن بعض الناس أن الرجل (صُدم) في مستقبل خياراته السياسية، فيما ذكر آخرون أن الدكتور توارى عن الأنظار لأسباب شخصية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.