كان لاعباً متميزاً والدليل أنه لعب في المنتخب الوطني ثمانينيات القرن الماضي. وكان يمكن أن تكون شهرته لاعباً أكبر من تلك التي حققها لو أنه لعب في الهلال أو المريخ لكنه مثل أستاذنا المحترم عبد الله عبيد لعب في الموردة مع كامل التقدير لهذا الفريق الكبير العريق الذي حمل اسم حي له مكانته السامقة في تاريخنا الوطني، السياسي، العسكري، الغنائي. وبالمصادفة شاهدت لقاءً تلفزيونياً وآخر إذاعياً ويبدو أنهما معادان مع هذا اللاعب الذي تخرّج في جامعة القاهرة بالخرطوم بليسانس الحقوق ليعمل بالقضاء ثم المحاماة وقد ارتحل عن الدنيا قبل بضعة شهور إنه اللاعب الدولي الأستاذ المحامي عز الدين الصبابي. وفي اللقاءين التلفزيوني والإذاعي وجدت نفسي مشدوداً إليه فقد كان يتكلم بطريقة آسرة، وفيه كثير من خفة الظل وأكثر ما أعجبني اعتزازه بوالدته وبوالده اللذيْن كافحا وصارعا الدنيا وانتصرا وسط ظروف بالغة القسوة. وقال عز الدين الصبابي إن والدته كانت تصحو في الثالثة صباحاً «لترمي» اللقيمات ليبيعها الطفل عز الدين وشقيقه ثم يعود الشقيقان بالمال الحلال إلى أمهما وبعد ذلك يذهبان إلى المدرسة. وهذا نموذج رائع لأم عظيمة مكافحة ولابن عظيم لم يخذل أمه ثم ضرب أو قدم نموذجاً آخر للعظمة عندما حكى مزهواً عنها «أليست الجنة تحت قدميها» وتكلّم عز الدين معتزاً أيضاً عن والده الذي كان يعمل سائقاً وقال إنه كان يكره الدَّيْن وكان عندما تضيق به الحياة يذهب بسنارته إلى النهر الخالد بالخرطوم بحري ليصطاد ما تيسر من سمك ثم يعود به إلى البيت ليتناول هو والأم العظيمة (أم عز الدين) وبقية العيال وجبة شهية انتجها الصبر والأمل وعرق الجبين والترفُّع عن الالتجاء إلى الآخرين. وبينما كنت أشاهد في التلفزيون وأسمع في الراديو عز الدين الصبابي يحكي عن الملحمة التي كان بطلها هو وأمه الشاهقة ووالده الممتاز وكل أسرته كنت أتذكر مخلوقاً آخر وتعمدت ألا أقول إنساناً آخر هو الرئيس المصري السابق حسني مبارك. فقد قرأنا أنه أيام كان طالباً حربياً زاره والده الذي كان مكافحاً عظيماً يعمل في مهنة متواضعة ورفض الابن غير البار أن يخرج لمقابلة والده وسط ذهول موظف أو عساكر الاستقبال وعرف مدير الكلية اللواء طيار مدكور أبو العز بما جرى ووبّخ الطالب الحربي الحقير. وقرأنا أيضاً أنه كانت للرئيس السابق محمد حسني مبارك بياخات أخرى مع أمه التي كانت فلاحة أمية. لقد كان عز الدين الصبابي ابناً باراً، ورجلاً محترماً وكان الرئيس محمد حسني مبارك ابناً أنانياً عاقاً يتعامى عن حقيقة يعرفها كل الأسوياء وهي أن الأم أم لها جلالها وتقديرها ووضعها الخاص الاستثنائي فقيرة كانت أو غنية، جاهلة كانت أو متعلمة. وأن الأب أب أياً كانت وظيفته وله احترامه وتقديره وليجزل الله مثوبة الكابتن الأستاذ الابن العظيم البار عز الدين الصبابي.