بزيارته التاريخية المزمعة إلى العاصمة الصينية (بكين) خواتيم يونيو الجاري، يكون الرئيس البشير قد انتقل إلى مرحلة جديدة من مراحل تحديه لقرار الجنائية الدولية، التي أصدرت في حقه مذكرة توقيف دولية في مارس 2009م بزعم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في إقليم دارفور. وكانت الصين أعلنت أن الرئيس البشير سيقوم بزيارة رسمية إلى (بكين) في وقت لاحق من هذا الشهر، فيما أعلنت دولة ماليزيا أن البشير ألغى زيارة كانت مقررة لها. وحول ما إذا كانت زيارة البشير إلى الصين تحدياً جديد للمحكمة الجنائية الدولية يقول القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي ل (الأهرام اليوم): «الحكومة تجاوزت الجنائية منذ زمن بعيد، وزيارة البشير إلى (بكين) تندرج في إطار الزيارات الخارجية العادية للرئيس، باعتبارها ليست المرة الأولى التي يزور فيها دولة خارجية». الناطق باسم الخارجية الصينية هونغ لي قال للصحافيين إن البشير سيلتقي الرئيس الصيني هو جينتاو وقادة صينيين آخرين خلال الزيارة التي تستمر من السابع والعشرين وحتى الثلاثين من يونيو الجاري، وسيبحث الجانبان خلالها في كيفية تعزيز أواصر الصداقة التقليدية بينهما ودفعها للأمام وتوسيع التعاون الشامل وتعميقه. ووفقاً لأستاذ العلوم السياسية إبراهيم ميرغني الذي تحدث ل (الأهرام اليوم)، فإن هدف الحكومة الأول من زيارة الرئيس للصين من الزيارة سيكون تسجيل غلة إضافية من الأهداف في مرمى الجنائية الدولية، سيمّا وأن الصين عضو دائم بمجلس الأمن الدولي. المتتبع لمسار الأحداث يلحظ أنه منذ صدور قرار الجنائية فإن البشير قام بأكثر من (20) جولة خارج حدود السودان، شملت دولاً عربية وأفريقية ضمت بلدان إريتريا، مصر، ليبيا، قطر، السعودية، أثيوبيا، زيمبابوي، تشاد، أوغندا، وجيبوتي. العاصمة الإريترية أسمرا مثلت أولى المحطات الخارجية حين قام الرئيس بجولة خاطفة في الثالث والعشرين من مارس 2009م للتعبير عن عدم أهمية القرار واستحالة تنفيذه، وحظيت مصر، الجار الشمالي للسودان، ب (3) زيارات من البشير، الأولى في الخامس والعشرين من مارس 2009م حين أبدت القاهرة دعمها ومساندتها لحليفها ضد قرار المحكمة الدولية. وبحسب إبراهيم ميرغني فإن الرسالة من وراء الزيارة هي أن دولة الصين بعيدة عن السودان، وفي ذلك تأكيد من الحكومة السودانية على ضعف سلطات المدعي العام للجنائية. وباستقراء عشوائي لجدول توزيع الزيارات نجدها قد راوحت معظم شهور العام، ففي الثامن من مايو 2011م وصل الرئيس البشير إلى جيبوتي للمشاركة فى حفل تنصيب الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر قيلي الذي أُعيد انتخابه لولاية ثالثة. أما تاريخ الرابع عشر من يوليو 2009م فقد حضر فيه البشير الدورة الخامسة عشرة لدول حركة عدم الانحياز في مدينة شرم الشيخ، كما قام في السابع والعشرين من أبريل 2010م بالتوجه إلى القاهرة في أول زيارة خارجية له بعد فوزه في الانتخابات، وفي من مارس 2011م استقبل رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية المشير حسين طنطاوي الرئيس البشير الذي وصل إلى القاهرة في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس عربي إلى القاهرة في أعقاب ثورة اللوتس وبعد أحداث يناير المنتهية بتنحي الرئيس السابق مبارك والإطاحة بنظامه. البشير كان قد قام كذلك بزيارتين ناجحتين إلى المملكة العربية السعودية، الأولى في مطلع أبريل من العام 2009م عندما قام بزيارة قصيرة أدى خلالها مناسك العمرة، ثم زيارة أخرى تاريخية، في الثالث والعشرين من سبتمبر عندما استقبله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في مقر جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية بجدة. وخلال جولاته الخارجية حضر البشير قمتين عربيتين، الأولى في الدوحة القطرية في التاسع والعشرين من مارس 2009م، والثانية في سرت الليبية في مارس 2009م. كما قام البشير بزيارة أخرى للدوحة في الثالث من شهر فبراير الماضي في زيارة عمل قصيرة استغرقت يوما واحدا، ذات صلة بدفع مفاوضات الدوحة بغية تعزيز التفاهم مع حركة العدل والمساواة. وزار البشير ليبيا مرتين أخريين، بخلاف حضوره قمة (سرت)، الأولى في السادس والعشرين مارس 2009م، لكنها كانت الزيارة الخارجية الثالثة له منذ صدور مذكرة التوقيف. والثانية في الثامن والعشرين من مايو من العام نفسه، للمشاركة في قمة الساحل والصحراء. على صعيد الدول الأفريقية، تعد العاصمة الأثيوبية أديس هي أكثر المحطات التي هبطت فيها الطائرة الرئاسية، ففي الحادي والعشرين من أبريل 2009م شارك الرئيس البشير في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة السودانية – الإثيوبية، وفي الحادي والثلاثين من يناير من ذات العام حضر أعمال قمة الاتحاد الأفريقي هناك، كما شارك في الرابع من يوليو في قمة رؤساء دول (إيقاد) الاستثنائية، فيما شكلت زيارة يونيو الجاري آخر المطارات الخارجية للرئيس البشير حيث شارك في القمة الأفريقية المصغرة بشأن القضايا العالقة بين شريكي اتفاق السلام الشامل. في السياق كانت الخارجية السودانية قد استدعت سفير هولندا لدى السودان للاحتجاج على البيان الذي ألقاه رئيس الوزراء الهولندي أمام الجمعية العامة في نيويورك الذي استنكر فيه استقبال بعض الدول الأعضاء الموقعة على ميثاق (روما) المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية للرئيس البشير في إشارة إلى دولتي تشاد التي زارها البشير في يوليو 2010م، وكينيا في أغسطس 2010م.