لا أحد ينكر أهمية إيران وثقلها التاريخي الحضاري وثراءها وما تملكه من إمكانات ومؤهلات تجعلها قادرة على لعب دور يخدم مصالحها القطرية ومصالح كل الأطراف في المنطقة وليس الشيعة وحدهم. وفي أواخر سبعينيات القرن الماضي كانت للإيرانيين ثورتهم العظيمة التي بهرت العالم وحازت على تقديره وأطاحت بحاكم مستبد موالٍ للولايات المتحدةالأمريكية وإسرائيل هو الشاه محمد رضا بهلوي، وأعلنت الجمهورية الإسلامية وتصدر النظام الجديد الإمام الخميني. وبعد فترة قصيرة من التحسن النسبي في علاقات إيران مع الخارج العربي عادت هذه العلاقات الى الانكماش والبرود والتوجس، ثم سرعان ما اندلعت الحرب بين إيران وواحدة من أهم وأقوى وأغنى الدول العربية وهي العراق، واستمرت من عام 80 الى عام 1988م ولم يكن هناك غالب.. ولا مغلوب، ولكن خسر البلدان كثيراً من الموارد ومن البشر. ثم شغلت إيران العالم ببرنامجها النووي، وعارضته أو اعترضت عليه دول كثيرة، وفي المقدمة منها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، لكن إيران لم تتراجع، ويبدو أنها لن تتراجع عنه. وفي الآونة الأخيرة أخذت أجهزت الإعلام تتحدث عن شرخ اعترى العلاقة بين الرئيس نجاد والمرشد علي خامنئي، وقال مجتبى ذو النور ممثل القائد الأعلى - الذي هو المرشد - في الحرس الثوري «إن العلاقة مع قائد الثورة هي العلاقة بين الذي يقود والذي يُقاد». وأضاف في الحديث الذي ألقاه بمدينة قم «ما معنى أن يقول المرء إن العلاقة بينه وبين القائد تشبه العلاقة بين الابن ووالده»، مشيراً بذلك إلى كلام قاله الرئيس نجاد عن العلاقة التي بينه وبين مرشد الثورة على خامنئي. وقد خرج الخلاف بين الرجلين المرشد والرئيسي إلى العلن منذ شهرين تقريباً. وذكرت جريدة «ذي انترناشونال هيرالد تريبيون» في عددها الصادر أمس الخميس الموافق 23 يونيو أنه تم إغلاق المواقع الإلكترونية المؤيدة للرئيس نجاد وقد شوَّش معارضوه على الخطاب الذي كان يلقيه في ذكرى وفاة آية الله، الخميني قائد الثورة ومؤسس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ويُعزى هذا الخلاف بين الرجلين الى إسفانديار رحيم كبير مساعدي الرئيس المدير السابق لمؤسسة السياحة التي اعتبرتها الصحافة الإيرانية معقلاً للفساد. ووقف الى جانب المرشد كثيرون في المؤسسة الدينية وفي الجيش والبرلمان، وتقول الجريدة إن الخلاف ناجم عن طبيعة النظام الذي أنشأته الثورة الاسلامية عام 1979م، فهو يسمح بوجود رئيسين! هما مرشد الثورة ورئيس الجمهورية.. ويسيطر المرشد على الجيش والقضاء وأجهزة الإعلام. وبينما يبقى المرشد في منصبه مدى الحياة فإن الرئيس يتغير بالانتخابات، وقد اختلف مع المرشد من قبل رئيسان سابقان هما علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، وبالتدريج ذهبا الى الظل، ويبدو الرئيس نجاد مصمماً على تجنب مصيرهما.. وبعد.. إن حكم البلد الواحد برئيسين أمر صعب وله مخاطره، وقال الرئيس البشير مرة في ظرف يحمل بعض الشبه مع الظرف الإيراني «ريّسين غرقوا المركب».