القوة المشتركة تكشف عن مشاركة مرتزقة من عدة دول في هجوم الفاشر    كامل إدريس يلتقي الناظر ترك ويدعو القيادات الأهلية بشرق السودان للمساهمة في الاستشفاء الوطني    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. حسناء أثيوبية تشعل حفل غنائي بأحد النوادي الليلية بفواصل من الرقص و"الزغاريد" السودانية    شاهد بالفيديو.. بلة جابر: (ضحيتي بنفسي في ود مدني وتعرضت للإنذار من أجل المحترف الضجة وارغو والرئيس جمال الوالي)    اللجنة العليا لطوارئ الخريف بكسلا تؤكد أهمية الاستعداد لمواجهة الطوارئ    حملة في السودان على تجار العملة    اتحاد جدة يحسم قضية التعاقد مع فينيسيوس    إيه الدنيا غير لمّة ناس في خير .. أو ساعة حُزُن ..!    خطة مفاجئة.. إسبانيا تستعد لترحيل المقاول الهارب محمد علي إلى مصر    من اختار صقور الجديان في الشان... رؤية فنية أم موازنات إدارية؟    المنتخب المدرسي السوداني يخسر من نظيره العاجي وينافس علي المركز الثالث    الاتحاد السوداني يصدر خريطة الموسم الرياضي 2025م – 2026م    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني محمد الأمين خليفة يفتح خزائن أسرار ال(30) من يونيو (4-4)

بقرية أرمل، ريفي النهود بكردفان، في عام 1948م كان ميلاده، تلقى تعليمه الأولي والأوسط بالطويشة والفاشر شمال دارفور، ومن ثم درس بالمعهد الفني بولاية الخرطوم، ثم إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم كلية الآداب قسم الاجتماع، قبل أن يحصل على دبلوم العلوم العسكرية في عام 1973م من الكلية الحربية السودانية، وكذا عدد من من الدبلومات في مجالات العسكرية المختلفة. ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان السودانية في عام 1985م؛ كان إحدى محطات ترقيه الأكاديمي، وبعدها حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الجزيرة في عام 2008م.
عضويته في مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني التي تسنمت السلطة وانقلبت على النظام الدستوري في 30 يونيو 1989م كانت من المحطات الفارقة في حياته، حيث شغل عدداً من المناصب، بينها رئاسة المجلس الوطني الانتقالي في الفترة من عام 1992م- 1996م، وكان وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء ورئيس دائرة السلام والعلاقات الخارجية بالمجلس، ورئيس وفد التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في كل من (أديس أبابا ونيروبي وأبوجا). وبعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة اختار ضيفنا الانحياز إلى صف (المنشية).
(الأهرام اليوم) حرصت على الجلوس مع العقيد (م) محمد الأمين خليفة عضو مجلس قيادة الثورة لتقليب دفاتر (الإنقاذ) ونفض الغبار عنها. حوار على طريقة فتح (خزائن الأسرار).
معاً نتابع هذه المراجعات الإنقاذية:
{ حدثنا عن الأدوار التي قام بها المدنيون في الانقلاب؟
- المدنيون كان لهم دور قبل الإنقاذ وأثناءها وبعدها، قبل الإنقاذ هنالك التأهيل العام، فمنهم من ذهب إلى أمريكا بخطط الحركة الإسلامية كي ينهلوا من العلم الغزير، وهؤلاء كثر جداً، أمثال دكتور سيف الدين محمد أحمد والدكتور بشير آدم رحمة وسيد الخطيب ومجموعة من الإخوان، ذهبوا إلى أمريكا عندما كانت الجبهة الإسلامية القومية في قوتها، وكان المسؤول من العلاقات الخارجية وقتئذٍ التيجاني أبوجديري - عليه رحمة الله - وهو الذي يقوم بابتعاث كوادر الحركة الإسلامية إلى الغرب والغرب الأقصى لينهلوا من العلم، وكذلك العمل في ترقية المجال العلمي لدى المهندسين والأطباء والكوادر العلمية وعمل النقابات في صفوف المزارعين والعمال، والقيام بالمظاهرات وإحباط الأخرى.. والعمل الشعبي ككل والتخطيط للسلطة البعيدة، وهذا قبل الثورة، وأثناء الانقلاب لم نقم نحن العسكريين منفردين بالانقلاب، بل كان المدنيون أكثر منا عدداً في واقع الأمر، وقاموا بتأمين كثير جداً من المناطق التي كنا نخشاها ونخاف منها، وأمنوا لنا البترول والأسواق والبنوك والمراكز الخدمية جميعها، حتى لا تُستغل إذا حدثت أي أحداث، وبعد الانقلاب هنالك من اشتركوا في السلطة السياسية، سواء أكانوا وزراء أو محافظين، وعدد كبير منهم جاءوا من الخارج.. من الخليج وغيره من الدول، تركوا أعمالهم ومخصصاتهم التي كانوا يأخذونها بالعملات الصعبة وجاءوا.. وبعضهم تركوا أولادهم وأتوا، مثال الشهيد محمد أحمد عمر، وآخرين.. جاءوا كي يخدموا الوطن ككل.
{ هنالك حديث عن أدوار عسكرية لمدنيين في التأمين، ورشح حديث مفاده أن «عمر عبدالمعروف» و»عوض الجاز» وغيرهم قاموا بتأمين الرئيس البشير وأدخلوه إلى القيادة العامة للجيش.. ما مدى صحة ذلك؟
- الرئيس لا يحتاج لتأمين من مدنيين، وهو عميد في القوات المسلحة وضابط عظيم، ولا أعتقد أن هذه المعلومة صحيحة، وأنا أتيت وكنت مقدماً بالقوات المسلحة ولم أستعن إطلاقاً بمدني كي يقوم بتأميني، أتيت للوحدة وقمت بذلك العمل، لكن هنالك مدنيون اشتركوا معنا في تأمين المناطق والأهداف البشرية وتأمين المناطق الاستراتيجية وأشياء من هذا القبيل، وليس عمل تأمين حراسة، إنما تأمين عمل لتسهيل عملية الانقلاب.
{ من هم أبرز هؤلاء المدنيين؟
- عدد كبير جداً لا أستطيع أن أحصيه لك، ولا أحسب أن عوض الجاز معهم لأنه كان قيادياً كبيراً ولا يأتي في هذا المعترك، وكان الفضل في ذلك لصغار الإسلاميين وليس للقيادات.
{ هنالك حديث مفاده أن تنظيم الإسلاميين اختطف الثورة من العسكريين.. كيف تعلق على هذا الحديث؟
- الثورة ليست ثورة عسكريين ومدنيين وإنما هي ثورة إسلامية لكل الناس، وجميعهم شركاء في هذا الأمر، والاختطاف لم يأت من المدنيين للعسكريين وهذا ينافي الواقع، فهل عمر حسن أحمد البشير مدني؟ إنه الآن في قمة السلطة السياسية.. وهل بكري حسن صالح مدني؟ وهو الآن الرجل الثاني أو الثالث، وكذلك عبد الرحيم محمد حسين وهو الآن وزير للدفاع.. هنالك كثير جداً من العسكريين موجودون الآن، وهنالك من خرجوا، وهنالك مدنيون موجودون مثل علي عثمان محمد طه وهنالك أيضاً من خرجوا.. وأين الترابي؟ القضية ليست مدنيين وعسكريين، هذا تصنيف غير صحيح، بل هناك فئة تشابهت قلوبهم موجودون في السلطة، وآخرين أيضاً تشابهت قلوبهم وهم الآن خارج السلطة، وهم المتمسكون بالتيار العام وليس بالانحراف الذي جرى.
{ ما الأسباب الحقيقية لمفاصلة الإسلاميين وما دور أعضاء مجلس قيادة الثورة فيها؟
- المفاصلة عندما تمت لم يكن هنالك مجلس قيادة للثورة حتى يكون جزءاً منها، لكن المفاصلة تمت كما هو معلوم لأننا كنا نريد أن ننتقل من مشروعية ثورية إلى مشروعية دستورية، ومن سلطة في أيادي معينة إلى عامة الناس ومن نظام حزب واحد إلى توالٍ وإلى كل الأحزب، كي يكون الناس مشاركين في سلطة التوالي، ولننتقل من مراسيم جمهورية إلى دستور 1998م ومن تعيين الولاة باسم الرئيس إلى الانتخاب الحر المباشر من المواطنين، ومن الاقتصاد المحتكر إلى الاقتصاد الحر، وهكذا، وهذه التغييرات لم يتحملها الإخوة الموجودون الآن في السلطة وهذا هو السبب الأساسي للخلاف.
{ ما علاقة أعضاء مجلس قيادة الثورة بمذكرة العشرة وإلى ماذا كانت تهدف؟
- ليست هنالك كتلة على رأي رجل واحد أو ضد شخص واحد، وحتى أعضاء مجلس قيادة الثورة كانت لهم آراؤهم، ومثلاً بكري حسن صالح كان مع المذكرة ومحمد الأمين خليفة كان ضدها، ولدينا آراء تباينت، لكن أغلب أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا ضد المذكرة، سوى بكري حسن صالح وعبدالرحيم محمد حسين، وبقيادة البشير الذي كان يقف مع المذكرة، فهؤلاء الثلاثة كانوا مع المذكرة، أما أغلب أعضاء المجلس فكانوا ضدها ولم يوقعوا عليها إطلاقاً ولم تمر عليهم.
{ كيف تنظر إلى الأهداف التي جاءت من أجلها الإنقاذ ماذا تحقق منها؟
- تحقق الكثير من أهداف الثورة، لكن كما ذكرت لك انحرف القطار، وإذا كان المسار في الاتجاه الصحيح لتدفقت الثمار أكثر فأكثر، ولعمّت الناس، ولكن الخسوف الذي حدث أخيراً بالشره والطمع وبالأنانية والاستئثار بالسلطة والإقصاء وعدم مشاركة الرأي الآخر وفي كبت الحريات للآخرين.. هذا ما أدى إلى الحروب وعدم العدالة الاجتماعية بالنسبة للناس، والناس في بداية الثورة عملوا خيراً لأننا كنا ننظر للسودان الكبير الواسع المتعدد الأعراق والديانات والألوان والثقافات، وننظر إلى كيف يكون حكم السودان، وتشريع المواد الدستورية التي تربط وتوطد هذه العلاقة حتى يكون السودان مستقراً، لأن السودان كان مضطرباً منذ قبل الاستقلال.. كنا نريد ذلك ولكن مهما حدث من إيجابيات مثل استخراج البترول والتوسع في التعليم العالي وثورة الاتصالات والتدين الذي حدث وما شاكل ذلك.. ما يحدث الآن كما أنه الشيء الماحق الذي يمحق ويمسح ذلك الفعل الجميل، لأنه أصاب الإنسان في حياته، فما قيمة الإنسان إذا كان في طريقه بفعل السياسات إلى الهلاك، والحرب التي كنا نريد أن توقف اشتعلت أكثر.. والعدالة الاجتماعية كنا نريدها للناس لكن انتشر الفساد الآن وغطى كل ذلك، والتعليم الذي كنا نريده لكل الناس الآن أصبحت نتيجته العطالة وغطت على ذلك، وأنا الآن في بيتي وهناك ثلاثة من العاطلين من أصل أربعة شباب.. يعمل واحد فقط وفي مجال غير مجاله الذي تخصص فيه، وهكذا، وأنا أقول لنفسي إنني سياسي، ليس لي عمل غير ذلك، وقدمت للجامعات كي أكون أستاذاً مشاركاً ولم يتركوا لي ثغرة، وهذا لأن الجامعات غير مستقلة، وإذا كانت الجامعات مستقلة وكانت هنالك حرية لعملت في الجامعات، وكل هذه الأعمال هي من جراء الفساد السياسي الذي حدث، وهو أسوأ من أي فساد آخر، وظهرت انشقاقات حتى في داخل صف المؤتمر الوطني، وأكبر مؤسسة اقتصادية وهي مشروع الجزيرة قد دمر الآن، وانشطر ثلث السودان، وأنا لا أستطيع أن أرى خارطة السودان دون الجنوب ولا أتخيل نفسي كاملاً أو جزءاً من كل عندما أرى إخواني أمثال موسى المك كور وعبدالله دينج نيال وعلي تميم فرتاك والشيخ بيش.. أراهم بعيدين منا وفي دولة أخرى، بل دولة تحارب الدولة التي أنا فيها وهذه هي الماحقة.
{ من خلال حديثك هل يمكن أن نقول إن الواقع أثبت أن الإنقاذ تحولت من خدمة الشعب إلى خدمة مجموعة؟
- يمكن أن تقول ذلك، وهذا جاء لخطأ في المنهج، وبعض هذه المجموعة لم يكن هدفهم حتى خدمة أنفسهم، بل خدمة أفكارهم الخاطئة، والخطأ الفكري أكبر وأسوأ من غيره، وهنالك خلل كبير جداً في المنهج الترتيبي، وهذا ما أدخل السودان في هذه المحنة.
{ جاء في البيان الأول للإنقاذ أن الثورة جاءت لفشل الديمقراطية والمؤسسات الدستورية في تحقيق السلام، وهي جاءت لتحقيقه.. ما الذي تحقق من ذلك؟
- تحقق الكثير في بداية الثورة، ولا أقول ذلك لأنني كنت مشاركاً.. أنظر إلى التطور الملموس في إطار فتح الحريات، ولكن قطع الطريق في منتصفه.. وفي السابق كانت هنالك ضائقة اقتصادية كبيرة جداً، وحتى مشتقات البترول ما كانت موجودة، والآن هذا تلاشى، ولكن في منتصف الطريق عندما أراد بعض الناس أن يستأثروا بالسلطة انقطع ذلك.. وفي السياسة التعليمية أيضاً كانت هنالك مجالات واسعة للتعليم ولكن أيضاً انقطع ذلك وتسبب في العطالة الموجودة الآن.. وبخصوص السلام ففي السابق وُقعت عدة اتفاقيات لأغلب الفصائل، سواء كانت اتفاقية الخرطوم للسلام أو اتفاقية فشودة، وحتى إلى اتفاقية نيفاشا، ولكن شطب كل ذلك بسوء التخطيط والإدارة والتنفيذ من بعض المتحكمين، واندلعت الحرب، وواقع الأمر هذا يعضد ما ذكرته من قبل.. بأن كل ما أنجز في الإنقاذ ذهب في إطار هذا السلوك الساحق والماحق والمتلاحق.
{ يربط البعض سنوات الإنقاذ الأولى ب (بيوت الأشباح) والقمع والتشريد.. ماذا تقول في ذلك؟
- هنالك تضخيم في واقع الأمر، لكن كما ذكرت لك عندما جاءت الثورة حدث إبعاد لبعض الناس من أجل تأمينها، وخاصة بعض من كانوا في القوات المسلحة، وفي الجانب المدني أنا كنت بعيداً ولم أعرف ماذا حدث بالضبط، لكن أخيراً علمت أن هنالك كثيرين جداً تم إبعادهم، لكن أنا كنت قريباً جداً من جانب أشخاص بالقوات المسلحة أبعدوا، وكان يمكن أن يصبر الناس عليهم، لأن المؤسسة العسكرية قومية، ومهما يختلف معك فيها الضابط في الرأي يجب أن لا يفصل، لكن هنالك تضخيم في الأمر بفعل بعض القادة السياسيين الذين لم يجدوا لهم سلطة آنذاك، لأن الثورة كانت حريصة على المال العام، لكن الآن بعد أن دٌفعت للبعض من الساسيين مليارات الجنيهات أصبحوا يقولون إن بداية الثورة كانت أسوأ من الآن، وذلك لأنهم كانوا لا يجدون ما أخذوه الآن من مليارات باسم التعويضات، وهذه الأقوال تأتي من أفواه بعض كبار السياسيين وليس من عامة الناس، وفي البداية كان الأمر يسير بتدرج، ولا يمكن أن تقيس بداية الثورة مع الواقع الآن.. ولا يمكن أن يكون بعد عشرين سنة الوضع كالسابق.. ولعل بعض الناس وجدوا ضالتهم مع هذا النظام، لذلك يتوددون إليه ولا ينتقدونه كنقدهم بداية الثورة.
{ هناك من يتهم بعض المسؤولين في الإنقاذ بمحاولة اغتيال فاشلة ضد الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك في أديس أبابا.. ما مدى صحة ذلك؟
- يجب أن تسأل المنفذين لهذه المحاولة، وأرجو أن تحمل أوراقك وتتجه إلى الجهة التي فعلت ذلك، وأنت صحفي وتدري كيف ومن، والآن أصبح الأمر متاحاً للعالم جميعه من خلال الويكيلكس والإنترنت ومن خلال ما قاله الإخوة في كتب محررة، وأقرأ كتاب المحبوب عبد السلام وسيعطيك كل التفاصيل في كيفية اغتيال حسني مبارك، وأسأله عن ماهي الدوافع لذلك، وهل في الإسلام هنالك من يدعوك أن تذهب لتقتل رئيس دولة أخرى.. وهل الإسلام يحل ذلك.. لا أعتقد أن هنالك في الإسلام شيء من هذا القبيل ولكن أسأل الذين قاموا بهذه المسألة.
{ هل وراء محاولة الاغتيال مدنيون أم عسكريون؟
- أنا لا أستطيع أن أفرق كثيراً ما بين المدنيين والعسكريين في العمل الإسلامي، وهل هي فكرة إسلاميين أم غير إسلاميين، ولكن واضح مما ورد من الحيثيات أن البشير ليس له علم بمحاولة اغتيال حسني مبارك، وكذلك بكري حسن صالح وعبد الرحيم محمد حسين ليس لهم علم بذلك، إذن هنالك جهة أخرى وهذه المعلومة ستجدها في ويكيلكس وتجدها في الكتب المؤلفة في من هم وراء ذلك، والترابي نفسه لم يكن يعلم بذلك، وهو قائد الحركة الإسلامية منذ الستينات، بل هنالك فئة معينة تدربت على ذلك، وهذه كانت أفكار غريبة لا أعرف من أين أتت لمحاولة اغتيال رئيس طرده شعبه الآن.. كان يجب أن يتركوه لشعبه.
{ يمكن أن نقول كانت هنالك مجموعة منفلتة من الإسلاميين كانت تسعى لتحقيق ذلك الهدف؟
- التفلت في كل مكان موجود وهذا انحراف تام عن المسار.
{ بعد مرور (22) سنة من انقلاب الإنقاذ إلى أين يسير ويتجه قطار الإنقاذ الآن؟
- يتجه في الاتجاه الخطأ وليس الآن وليس الأمس بل منذ وقت بعيد وهذا الاتجاه سيؤدي إلى هلاك بكل أسف طبعاً، باندفاع أهوج وليس هنالك رشد كما أرى، لذلك لابد من أن ينهض كل الناس لتغيير هذا النهج الذي نحن فيه بتغيير هذا النظام، والقضية ليست قضية أشخاص بل القضية قضية نظام يجب أن يتغير، وهذا النظام لم يحافظ على السلام وحدود البلاد، ولم يحافظ على المركز والأطراف، وهنالك دماء سائلة في جنوب كردفان وفي دارفور.. ولم يحافظ على الاقتصاد ولا على العدالة الاجتماعية.. وهنالك فساد، ولا بد لهذا النظام أن يتغير وهذا ما أطلبه في نهاية هذا الحوار.. وهو لا بد من تغيير هذا النظام، وهذا في منتهى البساطة، وأن لا يترك الناس الأمر للذين يريدون أن يخرقوا السفينة لنغرق بها جميعاً.
{ من الذي هزم مشروع الإنقاذ: تنظيم الإسلاميين أم العسكريين؟
- فئة من العسكريين والمدنيين تشابهت قلوبهم من داخل الإنقاذ، والإنقاذ ليست للعسكريين أو للمدنيين فحسب، بل أتت بها الحركة الإسلامية ككل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.