رغم ظروف الحرب…. بدر للطيران تضم طائرة جديدة لأسطولها    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    إسرائيل تستهدف القدرات العسكرية لإيران بدقة شديدة    "خطوة برقو" تفجّر الأوضاع في دارفور    الصادق الرزيقي يكتب: الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    الحلقة رقم (3) من سلسلة إتصالاتي مع اللواء الركن متمرد مهدي الأمين كبة    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    التقى بروفيسور مبارك محمد علي مجذوب.. كامل ادريس يثمن دور الخبراء الوطنيين في مختلف المجالات واسهاماتهم في القضايا الوطنية    هيمنة العليقي على ملفات الهلال    نشاط مكثف لرئيس الوزراء قبل تشكيل الحكومة المرتقبة    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    شاهد بالصور والفيديو.. الفنان حسين الصادق ينزع "الطاقية" من رأس زميله "ود راوة" ويرتديها أثناء تقديم الأخير وصلة غنائية في حفل حاشد بالسعودية وساخرون: (إنصاف مدني النسخة الرجالية)    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عضو مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني محمد الأمين خليفة يفتح خزائن أسرار ال(30) من يونيو (3)

بقرية أرمل، ريفي النهود بكردفان، في عام 1948م كان ميلاده، تلقى تعليمه الأولي والأوسط بالطويشة والفاشر شمال دارفور، ومن ثم درس بالمعهد الفني بولاية الخرطوم، ثم إلى جامعة القاهرة فرع الخرطوم كلية الآداب قسم الاجتماع، قبل أن يحصل على دبلوم العلوم العسكرية في عام 1973م من الكلية الحربية السودانية، وكذا عدد من من الدبلومات في مجالات العسكرية المختلفة. ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان السودانية في عام 1985م؛ كان إحدى محطات ترقيه الأكاديمي، وبعدها حصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة الجزيرة في عام 2008م.
عضويته في مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني التي تسنمت السلطة وانقلبت على النظام الدستوري في 30 يونيو 1989م كانت من المحطات الفارقة في حياته، حيث شغل عدداً من المناصب، بينها رئاسة المجلس الوطني الانتقالي في الفترة من عام 1992م- 1996م، وكان وزيراً لرئاسة مجلس الوزراء ورئيس دائرة السلام والعلاقات الخارجية بالمجلس، ورئيس وفد التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في كل من (أديس أبابا ونيروبي وأبوجا). وبعد مفاصلة الإسلاميين الشهيرة اختار ضيفنا الانحياز إلى صف (المنشية).
(الأهرام اليوم) حرصت على الجلوس مع العقيد (م) محمد الأمين خليفة عضو مجلس قيادة الثورة لتقليب دفاتر (الإنقاذ) ونفض الغبار عنها. حوار على طريقة فتح (خزائن الأسرار).
معاً نتابع هذه المراجعات الإنقاذية:
{ كيف كانت تدار دفة الدولة في الفترة من 30 يونيو إلى العام 1994م قبل حل مجلس قيادة الثورة؟
- قيادة ثورة الإنقاذ الوطني جاءت بدفع سياسي، وليس بعمل عسكري مثل انقلاب نميري، ومن حسن حظنا أننا لنا قوى سياسية كبرى خلفنا تخطط ونحن ننفذ، ونحن نخطط معهم أيضاً، لذلك كان هنالك برنامج معد بأن لا يكون هذا الانقلاب مثل الانقلابات العسكرية الأخرى، بل هو لرد السلطة إلى مصدرها الرئيسي، الشعب، وهنالك تقسيم محدد ومحاور، هنالك المرحلة الأولى وأسميناها مرحلة الشرعية الثورية، وفي مرحلة الشرعية الثورية عزمنا أن يكون أعضاء مجلس قيادة الثورة بزيهم العسكري، حتى تعطي تلك المشروعية الثورية، وأن يكون حكام الأقاليم أيضاً من العساكر، وهذا للضبط، والمراسيم تكون مراسيم جمهورية، وليست دستورية، ويمهرها رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وكل هذه هي الفترة الأولى للإنقاذ، وأن يقال رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وليس رئيس الجمهورية، ويقال عضو مجلس قيادة الثورة، وبرتبنا العسكرية، وحتى مرتباتنا كانت من القوات المسلحة في ذلك الوقت، وتلك هي المرحلة الأولى، وفي هذه المرحلة أيضاً تكون مجلس وزراء من المدنيين، وفي مجلس الوزراء يكون الاجتماع مشتركاً دائما ما بين أعضاء مجلس قيادة الثورة ومجلس الوزراء؛ وتصدر فيه القرارات باسم مجلس الوزراء وهكذا، والدوائر الموجودة في مجلس قيادة الثورة كل دائرة أيضاً تعمل كخلايا في جانب السلام والجانب الاقتصادي والجانب الاجتماعي وجانب الإعلام، ومن داخل هذه الدوائر نشط العمل ككل في السودان، ومن إيجابيات تلك الفترة الدفع الرفيع، وخاصة أن هذا من أفكار الحركة الإسلامية، وقيام الحوارات للناس ككل، وعُقدت مؤتمرات كثيرة جداً لنأخذ الرأي وإعمال الشورى، كما قمنا بالحوار في أصعب قضية وهي السلام، وكان هنالك مؤتمر الحوار الوطني حول قضايا السلام من الدائرة السياسية، وأنا كنت رئيساً لهذا المؤتمر، والإسلاميون كانوا قلة فيه، وأغلب الناس كانوا من الأحزاب الأخرى، وحتى من الشيوعيين والديمقراطيين، والجنوبيون كانوا حوالي ثلث أعضاء المؤتمر، وهكذا، وهنالك مؤتمر الإعلام بقيادة الأخ سليمان محمد سليمان، وكان هنالك المؤتمر الاقتصادي بقيادة الأخ صلاح كرار، وهنالك مؤتمر النازحين واللاجئين بقيادة بيو يو كوان الذي كان يمسك بالجانب الخدمي، وهنالك مؤتمر النظام السياسي بقيادة الأخ عثمان أحمد حسن الذي كان مسؤولاً من الدائرة الساسية.. هكذا كان يتم العمل، وبعد ذلك تخرج قرارات وتوصيات وتنفذ، ومن ثم نتصل بالعالم الخارجي ونبرزها ونخطرهم على ما قمنا به، وبعد توصيات المؤتمرات تصدر المراسيم والقرارات الجمهورية من القصر، والعمل يتم بتنسيق مع الإخوان المدنيين من الخارج، أمثال علي عثمان، ونخطر الترابي وهو في سجنه، تأتيه بعض النقاط الكبيرة، وكانت تصله المعلومات بطرق نعرفها نحن، لأنه هو المخطط لهذه الثورة ولا ننكر ذلك (شفتَه الشغلة دي بتتم كيف).
{ بخصوص ذكر الترابي، نريد منك أن تحدثنا عن خطة (اذهب إلى القصر رئيساً وأنا أذهب إلى السجن حبيساً) ومن الذي خطط هذه الخطة للتمويه؟
- هذه العبارة لم يقلها الترابي إلا بعد المفاصلة، لكن التخطيط تم بسرية حتى لا يعلم الناس أن هذه الثورة وراءها الإسلاميون، وما كان المقصود بالتمويه أهل السودان، بل للغرب، الذي لا يريد أصلاً سلطة يتبوَّأها الإسلاميون، ولنا عبرة في تركيا وفلسطين والجزائر، فالثورات الإسلامية في جميع هذه البلدان وئدت، ونحن لنا هذه التجربة، ولذلك الترابي وقيادات الإسلاميين جميعهم ذهبوا إلى السجن، ودُفع بنا نحن إلى السلطة حتى نخفي هذه الشبهة ويكون مكرنا أكبر من مكر الغرب الذي كان يتربص بنا، وقد نجحت الفكرة في واقع الأمر وكانت قراءة، وهذا القول يجب أن يؤرخ في كتب التاريخ وفي الأضابير.
{ كيف كانت علاقة الرئيس البشير بأعضاء مجلس قيادة الثورة.. وكيف كان يتعامل معهم في بدايات الإنقاذ؟
- مثل علاقة رئيس مجلس إدارة أو رئيس تحرير صحيفة (الأهرام اليوم) مع المحررين وهكذا، وهو رئيس، وكما ذكرت لك ترفع له الدوائر عملها، والعمل كان ليس مثل الأعمال الإدارية، وإنما هو عمل سيادي ككل، ونحن جميعاً كنا مستشارين للرئيس، وكل منا كان يحمل هم السودان، وأنا كنت مسؤول دائرة السلام في ذلك الوقت، وهمي كله كان في كيف نستطيع أن نأتي بالسلام في السودان، لذلك كانت المفاوضات، وكلما نأتي نرفع أعمالنا لرئيس مجلس قيادة الثورة، وكانت هنالك دبلوماسية عامة ودبلوماسية رئاسية، ويقوم الرئيس بدوره في الدبلوماسية الرئاسية، وجانب العمليات كان يرفع له وهو يقوم بدوره بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وفي الجانب الخدمي تقوم الدائرة بذلك، ومن ثم يقوم هو باستخراج المرسوم، ليس بالاستعانة بل بإيعاز من الإخوان معنا، أمثال علي عثمان محمد طه في الداخل أو الترابي الذي كان حبيساً في السجن، لأن الصياغة لا بد أن تكون محكمة وتراعى فيها الأبعاد الإقليمية والدولية والسياسية، لذلك الثورة في بداياتها كانت من أعظم الثورات وبهرت الناس بهذه الدقة وهذا التنظيم وهذا التبصير وهذه المواقيت وكل شيء كان بميقات.
{ هل كان رئيس مجلس قيادة الثورة يتخوف من فشل التجربة ويتعامل بحسم مع أعضاء مجلس قيادة الثورة؟
- أي حسم تقصده؟
{ أقصد بالحسم تجويد الأداء وإنجاز التكاليف والمهام وموقفه عندما يفشل أحد أعضاء مجلس الثورة في أداء مهامه؟
- كل أعضاء المجلس كانوا نشيطين جداً، وهم ليسوا أعضاء كأشخاص، وإنما كمؤسسات، وأنا في داخل المؤسسة التي كنت أعمل بها كنت لا أدعي أي نجاح لنفسي، بل للآخرين الذين عملوا معي، أمثال الشهيد موسى علي سليمان أو الشهيد أحمد الرضي جابر أو الشهيد العميد كمال علي مختار ثم أحمد عبدالحليم ووزير العدل السابق عبدالسميع عمر وبروفيسور عمر بليل وآخرين، هؤلاء الذين أفنوا زهرة شبابهم كانوا في هذه الجوانب أعلم منا، لكن نحن من حيث الإدارة ومن حيث القيادة كنا نضع الأمر في مساره الصحيح، ثم نقدم ونؤخر، لذلك نجحت الثورة بفضل هؤلاء الرجال، وجميعهم لم يكونوا من المطبخ الإسلامي، بل هم خارج الدائرة الضيقة التي يتحدث عنها الناس، لكن أعطوا لأنهم كانوا يعملون للبلد، وهنا تأتي القيادة الحقيقية، ولذلك نحن كأعضاء بمجلس الثورة أعطينا الفرصة للآخرين ليبدعوا.
{ هنالك أعضاء في الحكومة تم إعفاؤهم قبل حل المجلس في عام 1994م ما هي الأسباب؟
- الثورة في بداياتها كانت حاسمة جداً وتبعد أي شبهة فساد حتى نعطي الناس نقاء الثورة، كان هنالك من عليهم شبهة أبعدوا من مناصبهم الدستورية والسيادية، محافظين وبعض الولاة، مثل مَنْ كان والياً للولاية الشرقية وفي ذلك الوقت أنا كنت المشرف السياسي للإقليم الشرقي، فقط من باب الحديث يقال أنه كانت له قضية لا يستحق إطلاقاً أن يبعد بسببها من منصبه الدستوري كحاكم للإقليم، ولكن من بعض المتزمتين وبعد الكيد تم إبعاده من ذلك المنصب الدستوري، وكذلك المحافظ الذي تم إعفاؤه بسبب قضية لا تسوى شيئاً بالنسبة للذي يحدث الآن، وذلك لأنه كان يتبع للحركة الإسلامية، وهم أرادوا أن يعطوا الوجه الصحيح لقيادات الحركة الإسلامية، وكان ذلك بسبب شبهة الفساد، وكانت الثورة حاسمة عندما كنا بها، وحتى إن أخطأت فذلك الخطأ ليس مضراً كما يحدث الآن؛ ترى الفساد بأم عينيك ولكن لا تفعل شيئاً، وتذكرنا سياسة عمر بن الخطاب رغم عدله كان يبعد الأشخاص من مواقعهم درءاً للفتنة، وقد أبعد أبا هريرة وخالداً بن الوليد وغيرهما، أبعد هؤلاء درءاً للفتنة ولم يؤخذ عليه شيء، أما إذا أنت كنت ترى هنالك بعض الشبهات ولم تقم بذلك فهذا ضار أكثر، وإن أخطأت في حقهم فقد تكون أخطأت في حق شخص، لكن إن تهاونت فقد تكون تهاونت في المسؤولية.
{ من هو الشخص الذي تقدم بمقترح حل مجلس قيادة الثورة ولماذا تقدم بهذا المقترح؟
- أنا لم أكن في ذلك الوقت عضواً في مجلس قيادة الثورة، فقد تخليت عن العضوية في الرابع والعشرين من شهر فبرايرعام 1992م ثم ذهبت رئيساً للمجلس الوطني الانتقالي، ولم أكن حاضراً في ذلك الاجتماع في واقع الأمر لأنني كنت خارج البلاد، لكن أعلم أن هنالك حلاً لمجلس قيادة الثورة، وهذا شيء معلوم، لأننا لم نأت لنحكم بزينا العسكري، وكما ذكرت في بدايات الحكم منذ الثلاثين يونيو كانت تسمى بمرحلة الشرعية الثورية، وقد انتهت الشرعية الثورية، وهذا يعني أن تتحول المشروعية الثورية إلى مشروعية دستورية، ويُحل مجلس قيادة الثورة وتفصل السلطات، وهنالك السلطة التنفيذية وتكون في مجلس الوزراء وهي سلطة مدنية، والسلطة التشريعية ومحلها المجلس الوطني، وهي سلطة مدنية، وهنالك السلطة السيادية وهي في القصر بقيادة رئيس مجلس قيادة الثورة، وذلك حتى يطلق على البشير بعد ذلك رئيس الجمهورية وليس رئيس مجلس قيادة الثورة، وهذه ترقية، والمراسيم الجمهورية تحول إلى مراسيم دستورية، لأن هنالك مشروعاً لوضع دستور، وهذه ترقية، وأن يحول التعيين إلى انتخاب، وهذه أيضاً مرحلة، وأن يكون هنالك انتخاب وليس تعييناً حتى ينتخب الناس، وقلنا إن عام 1993م يجب أن يكون مرحلة انتخاب المجالس، وعام 1994م يكون مرحلة المحافظات، وعام 1995م يكون مرحلة الولايات، وعام 1996م يكون مرحلة الانتخاب القومي ورئاسة الجمهورية، وبعد ذلك يتحول المجلس الانتقالي إلى مجلس منتخب، وهكذا كانت المراحل، وهذه هي القضية التي كنا نسير فيها بهذا الخط المتدرج المبرمج الصحيح.
{ بخلاف الانتقال من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية.. ما هي الأسباب والدوافع الحقيقية التي أدت إلى حل مجلس قيادة الثورة في عام 1994م؟
- أنا قلت لك إن حل المجلس كان مبرمجاً، وكنا متفقين على تدرج الثورة من مرحلة إلى أخرى، من الشرعية الثورية إلى شرعية شبه دستورية وإلى شرعية دستورية، وهكذا، وفي إطار ذلك كان لا بد من حل مجلس قيادة الثورة، وأنا كنت مع حل الحركة الإسلامية، وذلك لأن القضية أصبحت واضحة من حيث الفكر ومن حيث المنهج، أنك أتيت كي تحكم الدولة ككل ولا تحكم الدولة بمجموعة صغيرة، وإدارة الدولة تأخذ فيها جميع الناس، وكان لا بد من حل الحركة الإسلامية ومجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني، وهذا لأن الناس لا بد أن تنتقل بأفكارها إلى مسائل عامة وشاملة.. انظر كيف تحول حزب العدالة والتنمية في تركيا وكيف انتقل بالجماهيرية من السلطة العلمانية التي كانت موجودة في تركيا ومن الحكام العسكريين وكيف تجاوزهم بكل عقل إلى أن أصبح حزباً حاكماً وحصل في الانتخابات الأخيرة على أكثر من 50% وكنا نريد أن نذهب في هذا المذهب لكن قدر الله وما شاء فعل.
{ مجلس قيادة الثورة الآن تبقى منه شخصان فقط، الرئيس البشير وبكري حسن صالح، ما هي الأسباب التي أدت إلى إبعاد جميع الأعضاء؟
- ليس هذا فحسب بل وأيضاً لم يتبق من السودان شيئاً، وقد انشطر جنوب السودان وتشرذم، ودارفور تسير في ذلك الاتجاه، ولا ينبغي أن يحسب الناس أن هنالك عضوين من أعضاء مجلس قيادة الثورة في السلطة، وذلك لأنه ليس هنالك مجلس قيادة الثورة الآن بل هنالك من لم يكونوا أعضاء في مجلس قيادة الثورة وكذلك من لم يكونوا أعضاء في الحركة الإسلامية، وأين الترابي وإبراهيم السنوسي وموسى المك كور وعبدالله دينق نيال؟ هؤلاء غير موجودين، وأين الجنوب جميعه أيضاً غير موجود، والقضية ليست قضية المجلس وأن يبقى فيه اثنان أو ثلاثة، فحتى لو كان بقي فيه اثنان أو أربعة أو ستة فهي ذات النتيجة، لكن يجب أن تسأل بطريقة أخرى وهذه مربوطة ربطاً وثيقاً جداً بالتفاعلات التي تذهب، وأنا لا أريد أن تبقى الناس على هيئة واحدة، ولكن أين الوزراء الذين كانوا في البداية وأين الولاة جميعهم ذهبوا.
{ أنا أقصد كيف تم إبعاد جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة ال(15) وهل من مخطط وراء ذلك؟
- أعضاء مجلس قيادة الثورة لا يبعدون لكنهم يقدمون استقالاتهم، محمد الأمين خليفة قدم استقالته عندما اختلف مع النظام في عام 1999م وعثمان أحمد حسن وفيصل مدني مختار قدما استقالتيهما عندما اختلفا مع الفريق عمر البشير، ومنهم من توفاه الله مثل الشهيد إبراهيم شمس الدين والزبير محمد صالح وبيو يو كوان وهكذا، وصلاح كرار اختلف معهم عندما كان سفيراً في البحرين، أما التيجاني آدم الطاهر فلآخر لحظة كان موجوداً ولعل الضروريات أو القضايا التي جاءت مثل قضية دارفور جعلته يفسح المجال لأنه أصبح شخصاً دستورياً وليس قيادة تاريخية، وفي السودان ليس هنالك قيادات تاريخية كما أحسب.
{ ما علاقة حسن الترابي بما كان يدور في مجلس قيادة الثورة في بداية الإنقاذ.. هل هي علاقة الأستاذ بتلاميذه أم علاقة مؤسسية؟
- هي علاقة فكرية، وذلك ما نحتاج إليه فعلاً، وليس هنالك مؤسسة بعيدة عنا، ومؤسسات الدولة هي القصر الجمهوري والسلطة السيادية في القصر برئاسة الفريق عمر حسن أحمد البشير، وسلطة تشريعية في المجلس الوطني الانتقالي وقتذاك، الذي كنت رئيسه، والسلطة التنفيذية التي كانت في مجلس الوزراء، وأنا أتحدث من جانبي، وطيلة فترة الأربع سنوات التي كنت فيها رئيساً للمجلس الوطني الانتقالي لم تصلني ورقة مكتوبة أو إيعاز أو إشارة من دكتور حسن عبدالله الترابي بأن أفعل أو لا أفعل، وهذا للتاريخ، إطلاقاً لم يتدخل في عملي، ولكن هذا لا ينفي أنني أذهب إليه أحياناً لآخذ برأيه في بعض الجوانب الإدارية والقانونية بحكم خبرته وتجربته وقيادته للعمل الإسلامي والتجربة الإسلامية حتى يذهب الناس جميعهم في المسار، لكن في العمل الإداري داخل المجلس إطلاقاً لا يتدخل أبداً وهذا للتاريخ.
{ هنالك حديث عن (شللية) في الإنقاذ.. متى برزت وما أسباب بروزها؟
- برزت مع انحراف القطار عن المسار وعندما ينحرف القطار يحاول الطرف المتمسك بالسلطة بصفة خاصة أن يستخدم كل المكائد والقدرات كي يدعم سلطته ويبقى أطول مدى ممكن في السلطة، ومن حيث يدرون أو لا يدرون حدث تمحور وظهر (المستهبلون) كثيراً جداً وذهب المال العام للاستقطاب السياسي وظهرت (الشللية) هذه، وهذا شيء منكر ليس إطلاقاً من العمل الإسلامي وليس من عمل الحركة الإسلامية بل إنما أشخاص انحرفوا عن ذلك المسار وأورثتهم هذه البلاوي وسيكتوون بنارها هم بأنفسهم بداية، لأن هذه (الشللية) لا تقود إلا إلى شر، لذلك الرسول (ص) قال «دعوها فإنها منتنة»، لكن في إطار الكسب السياسي و(الهيصة) حاول البعض أن يشتروا بعض الذمم وأن يستخدموا المال العام لشراء القيادات القبلية والإدارات الأهلية، وضرب هذا بذاك، وهذا ليس من الإسلام في شيء، وهو أمر محزن جداً، وهذا من أبشع الوجوه التي ظهرت في ثورة الإنقاذ الوطني في المرحلة الأخيرة، وفي وقتنا لم نعرف ذلك.
{ كيف كانت العلاقة بين المدنيين وأعضاء مجلس قيادة الثورة في بداية الإنقاذ؟
- كانت في منتهى التناسق وعلي عثمان محمد طه كان في الخارج، ولكن كانت هنالك علاقة وطيدة وخاصة في بداية الثورة، وكان الرابط بيننا وبينهم الأخ عبدالرحيم محمد حسين، لكن بعد مرور الزمن وبعد أن انتقلت السلطات «علي عثمان» نفسه دخل في منظومة الدولة حتى أصبح وزيراً للتخطيط الاجتماعي وأصبحت الإدارة تتم بوجوده، وفي واقع الأمر قد كسبنا خبرة وكنا لا نحتاج كثيراً جداً ل (بخرات).
{ هل كان لعلي عثمان محمد طه دور في بعض الخلافات التي برزت وإبعاد أعضاء مجلس قيادة الثورة من السلطة؟
- هنالك شقّان في السؤال؛ هل الخلاف هو إبعاد أم أن الإبعاد هو خلاف.
{ أنا أقصد: هل كان هناك مخطط كي يقصي أعضاء مجلس قيادة الثورة من السلطة؟
- لا، فمنهج الحركة الإسلامية أنه في فترة من الفترات يترجل أعضاء مجلس قيادة الثورة وتكون السلطة مدنية ويُحل مجلس قيادة الثورة، وهو منهج إسلامي وليس من بنات أفكار علي عثمان محمد طه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.