{ بزغ مجدداً نجم الدكتور «التيجاني السيسي» رئيس حركة (التحرير والعدالة) خلال الاحتفال الرسمي بالتوقيع على وثيقة سلام دارفور بالدوحة الخميس الماضي. «السيسي» ألقى خطبة مطولة عصماء، استعرض خلالها (عضلاته) الأدبية والسياسية والدبلوماسية، فقد أجزل في الثناء على أمير قطر الشيخ «حمد بن خليفة» ورئيس الوزراء الشيخ «حمد بن جاسم»، وهنأ الرئيس التشادي «إدريس دبي» على فوزه في الانتخابات بولاية جديدة!! وشكر الرئيس الإريتري «أسياس أفورقي» على ما سمّاه احتضانه لمشاكل السودان عامة، ومشاكل دارفور خاصة، وطوّف الرجل على تاريخ (دارفور) قبل وبعد العام 1916م، وهو العام الذي خضع فيه الإقليم لسلطة (الإنجليز) المركزية في «الخرطوم». { «السيسي» من بين جميع قادة (الحركات) يستحق منصب رئيس السلطة الإقليمية لدارفور، فهو إداري قديم، كان حاكماً للإقليم قبل قيام (الإنقاذ)، وهو اقتصادي ضليع، استوعبته «الأممالمتحدة» ومجلسها الاقتصادي في أفريقيا ومقره «أديس أبابا»، وهو سياسي مبين استطاع أن يخطف أضواء ليلة «الدوحة» الطويلة، وينال رضا حكام دولة «قطر»، رغم أنه (اقتنص) فرصة الإعلان (المكثف) عن موعد التوقيع، وحضور عدد من الرؤساء والقيادات الدولية لمقر الاحتفال، فأصر على ضرورة (تغيير) مسمى (أمين) لأعضاء السلطة الانتقالية، واستبداله بلقب (وزير) فصار (أمناء) السلطة الانتقالية (وزراء)، وبالتالي فإن رئيس السلطة بدرجة (رئيس وزراء).. وحتى وإن سكتت عنها (الوثيقة)!! { في رأيي، أنه اتفاق (جيد) مع رجل (جيد)، يختلف - تماماً - عن بقية قادة الحركات المسلحة الأخرى، لأن (الشراكة) عندما تكون مع سياسي (عاقل) و(مثقف)، فإن نسبة (الخطأ) لا بد أن تكون أقل. { وتأكيداً لهذا المبدأ، فإن شراكة (المؤتمر الوطني) كانت ستكون مختلفة مع (الحركة الشعبية) في حالة وجود «جون قرنق»، وهذا ما عولت عليه مجموعة (نيفاشا الأولى) عند توقيعها على الاتفاقية، فأرجأت موضوعات مهمة وخطيرة، وسكتت عن (غموض) و(ضبابية) ظللت مساحات واسعة من بروتوكولات (السلام)!! { وثيقة سلام دارفور لا تتحدث عن (جيش) للحركات سيبقى في دارفور، كما قالت (نيفاشا)، ولم تقل بخروج القوات المسلحة من الإقليم، ولم تمنح السلطة الانتقالية حق إنشاء (ممثليات) وفتح مكاتب خارج السودان، كما أنها - وهذا هو الأهم- لم تتحدث عن (حكم ذاتي)، أو (مشورة شعبية) بصورة (ظلامية) كالتي جاءت بها (نيفاشا الأولى)، وأكدت عليها (نيفاشا الثانية)، لا أعادهما الله. { أحتاج أن أهنئ (التيجاني السيسي) الذي لا أعرفه - شخصياً - ولم تتسن لي فرصة مقابلته في الدوحة التي حللنا ضيوفاً عليها بدعوة من وزارة الخارجية القطرية عبر السفير «علي بن حسن الحمادي».. شكراً لهم.. وهنيئاً لك. { كما نهنئ الدكتورين «غازي صلاح الدين» و«أمين حسن عمر» على جهدهما وما أصابهما من رهق إلى أن بلغنا هذا المطاف. { أظن أن هذا الرجل سيصنع في (دارفور) واقعاً أفضل، إذا لم تعاكسه رياح السياسيين في «الخرطوم» وحواضر الولايات الثلاث، ولهذا أرجو أن يتعاون معه السادة الولاة، الدكتور (الفارس) «عبد الحميد كاشا» والوالي الهمام «عثمان كبر»، والشرتاي «جعفر عبد الحكم».