رغماً عن الميزانيات المخصصة، واللجان العليا لعمل المجاري والمصارف والخيران والردميات وتطهير القنوات وتأهيلها، ورغماً عن الغرف المخصصة لمجابهة فصل الخريف، ونفرة المحليات وكثرة التصريحات، إلا أن أحياء وشوارع وساحات مدن العاصمة تعيش تردياً بيئياً جراء تراكم المياه والمستنقعات وسط الأسواق في أول بالونة اختبار مائية في أعقاب (رشة) يتيمة بعد طول انقطاع..!! وهي التي كشفت للناس قصور الاستعدادات لمجابهة الفصل. «مطرة» واحدة غرقت بفعلها شوارع الولاية وبيوتها وميادينها، العشوائية منها أو المخططة، يستوي في هذا وسط الخرطوم وشوارع الكلاكلة ومايو والصحافات مع أطراف المدينة وملاذاتها البعيدة وأحيائها الطرفية الحارة مائة والحتانة والوادي الأخضر وأنغولا ودار السلام والكبابيش. يتعب من أنهم ويشيدون المنازل بالطوب الأخضر والجالوص ويدفعون للحكومة الضرائب والعوائد وعشرات الرسوم الأخرى، فإذا بها تتركهم يواجهون الغرق والوحل والسيول غرقت الشوارع، وتعطلت السيارات، وسار الناس على أقدامهم لمسافات طويلة وعبروا الكباري سيرا على الاقدام بمن فيهم العجزة والمسنون، وتعطلت حركة المرور عند مداخل جسور وكباري ملتقى المدن الثلاث، لم تكن هناك مجاري ولا مصارف ولا حتى خيران تكفي للتصريف، ولا استعدادات للخريف، ذابت كل هذه «الكلامات» والتصريحات في ظروف غامضة، بمجرد تساقط الأمطار، وصار على كل مواطن أن يحمل همه وعدته، ليعمل على تصريف المياه من أمام منزله، ويجرفها في اتجاه الشارع، ثم ليتحمل الشارع مسؤولية تلك المياه القادمة إليه من أزقة وطرق الأحياء.