غادر حاكم ولاية النيل الأزرق؛ الفريق مالك عقار، الذي يهوى العزف على (الجيتار) و(الباص جيتار)، مدينة الدمازين في الثامن من يوليو إلى مدينة جوبا لحضور احتفالات دولة الجنوب بإعلان ميلادها في التاسع من يوليو.. وبعدها غادر إلى زيارة أسرته خارج السودان، وعاد إلى جوبا مرة أخرى وذهب إلى جنوب كردفان وعقد اجتماعات استمرت يومين (20/21) من يوليو الجاري، برفقة ياسر عرمان، وعاد إلى جوبا تارة أخرى.. مالك عقار المولود في العام 1950م بمنطقة (سودا) بجبال الأنقسنا، والدارس للمرحلة الابتدائية في ذات المنطقة، وانتقل بعدها إلى الأميرية الوسطى بالرصيرص، والخرطوم الثانوية الجديدة، ومعهد الدراسات بالخرطوم، رغم ضخامة جسمه والشراسة التي تبدو للوهلة الأولى عندما تنظر إليه، إلا أن الرجل بحسب ما علمت (الأهرام اليوم) لطيف ورقيق ويحب الضحك وإطلاق (النكات) الشائقة في أصعب الأوقات الحرجة.. الرجل متزوج وأب لثلاثة من الأبناء، اثنان منهم على أعتاب الدخول إلى الجامعات، وبنتان، واحدة منهما ضابطة شرطة، توفي ولده الأكبر في حادث مروري. (1) علمت (الأهرام اليوم) من مصادرها الخاصة أن الفريق مالك عقار موجود في مدينة جوبا، وكان طيلة الأيام الماضية مُنخرطاً في اجتماعات مستمرة مع رئيس حكومة جمهورية جنوب السودان؛ الفريق أول سلفاكير ميارديت، بغرض فك الارتباط بين الحركة الشعبية (الأم) والحركة الشعبية بشمال السودان، وترتيب أوضاع منسوبي الجيش الشعبي في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، الذين يقال أن عددهم (52) ألف جندي وكانوا يتقاضون رواتب تقدر ب (14) مليار جنيه شهرياً من الحركة الشعبية !! وقالت المصادر أن عقار يحاول ترتيب أوضاعهم خوفاً من تمردهم وانقلابهم عليه حال تعثر أوضاعهم في الأيام المُقبلة، وأن جهوده سيسخرها لحسم القضية بالتفاوض مع حكومة جمهورية جنوب السودان. وقالت المصادر إن المفاوضات ستنتهي بصورة نهائية الاثنين المقبل.. مالك عقار الذي شارك في العديد من سباقات (الماراثون) في الخرطوم والنيل الأزرق، وعمل معلماً بمدرسة الكرمك الابتدائية، ومدرسة (جُرط) الابتدائية، وانتقل بعدها إلى التدريس في المرحلة الثانوية، ومن ثم إلى قسم المناهج الخاصة بوزارة التربية، والعاشق لتدريس اللغة الإنجليزية، مما جعلها المادة المُحببة إلى نفسه طيلة أيام عمله بالتدريس، ظل غيابه عن العاصمة الخرطوم وولايته (النيل الأزرق) يُشكل هاجساً كبيراً لعدة دوائر شتى ومختلفة، ومنذ أن غادر ولايته إلى جوبا ظلت الساحة السياسية تمور بالشائعات والتكهنات حول غياب الرجل في أعقاب تأزم الموقف بين الحركة الشعبية بشمال السودان والمؤتمر الوطني في أعقاب رفض المكتب القيادي للحزب الحاكم للاتفاق الإطاري الموقع بين مُساعد رئيس الجمهورية؛ نافع علي نافع، ورئيس الحركة الشعبية؛ الفريق مالك عقار، في الثامن والعشرين من يونيو الماضي بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا. (2) عقار من أسرة ختمية وتم تعميده كما أخوته الكبار (رجب والسماني) خليفة للختمية بالمنطقة عام 1975م، وهو قارئ نهم ويتلذذ بكتب التاريخ والفلسفة وأول كتاب قرأه هو كتاب للداعية الإسلامي الأمريكي (مالكوم إكس) أهداه إياه الدكتور حسن عبدالرحيم، والرجل طبقاً لمعلومات (الأهرام اليوم) يحرص على متابعة الأخبار والتحليلات السياسية في الإذاعة والتلفزيون، كان ينتمي في أيام شبابه إلى الحزب الوطني الاتحادي بحكم ارتباط الأسرة، وكان بين شباب الختمية والأنصار تنافس شديد جداً، لكن مجموعة شباب الختمية تميزت على نظيرتها بارتداء الزي الذي يحمل علم السودان، وبعد ذلك تشكلت في مُخيلة الرجل الرؤية السياسية.. ورأى وقتها أن أطروحات الحزب لم تُلب طموحاته فبدأ في إنشاء حزب يُرضي طموحاته وذلك في العام 1974م وسمَّاه تنظيم (جنوب الفونج) مع عدد من الشباب، وكانت أطروحاته خاصة بالمنطقة وشغل فيه سكرتير عام التنظيم.. كانت طفولته عادية، لكنه تميز بالقوة والبنيان الجُسماني المتين، سيما وأنه من أسرة ميسورة الحال، فضلاً عن ممارسته لكرة القدم بشراهة متناهية، ولعب إلى صالح فريق (قلب الأسد) بمدينة الرصيرص، وأسَّس فريق (الرماح) بالخرطوم بمنطقة العزوزاب بالخرطوم.. في الأيام الماضية تكهن البعض بتمرد الرجل مرة أخرى واحتمائه بقواته بالنيل الأزرق في أعقاب اشتداد أوار الحرب بجنوب كردفان. لكن (الأهرام اليوم) علمت من مصادرها الخاصة أن عقار موجود في مدينة جوبا بغرض ترتيب أوضاع الجيش الشعبي لأبناء منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق مع رئيس جمهورية جنوب السودان؛ الفريق أول سلفاكير ميارديت، ولم يتمرد، كما تناقلت مجالس المدينة. (3) انضم مالك عقار إلى الحركة الشعبية في العام 1984م بكامل تنظيم جنوب الفونج، وتدرج في الرُتب العسكرية من رتبة الملازم أول حتى وصل إلى رتبة الفريق، وأيام الحرب أُسندت له الحركة الشعبية حُكم منطقة جنوب النيل الأزرق، وتم تنصيبه قائداً عاماً للجيش الشعبي بالولاية وما زال إلى تلك اللحظة.. من خلال عمله في الجيش الشعبي اكتشف في نفسه مقدرات سياسية وعسكرية وقال وقتها إلى خاصته: (لولا انضمامي إلى الجيش الشعبي لما اكتشفت مقدراتي).. لكن في الأيام الماضية رشحت معلومات عن استعصام عقار بقواته المُنتشرة في المناطق الجنوبية من ولاية النيل الأزرق بعد أن أعلن رفضه لأي حوار مع الحكومة دون طرف ثالث حدده في الاتحاد الأفريقي ودول منظمة الإيقاد.. وبحسب مُقربين من الرجل من المتوقع أن يكون التقى وقتها في ساعة متأخرة رئيس جنوب إفريقيا السابق؛ ثامبو أمبيكي، ووصل خلال الأيام الماضية إلى ولاية النيل الأزرق وأمضى أيامه مع جنوده.. وبحسب المعلومات التي رشحت فإن عقار لم تصله أية دعوة من الحكومة إلى عقد لقاء مع رئيس الجمهورية؛ المشير عمر البشير، وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام، لكنه لا يرغب في العودة إلى الخرطوم في الوقت الراهن، وأكدت أنه بات يتحسب لخيار الحرب بشكل كبير باعتباره الأقرب، فيما لم تؤكد المصادر ما إذا كان اللقاء الذي يتوقع أن يكون التأم مع أمبيكي سيشهد تغيراً في موقف عقار، قطعت بأن اللقاء يشارك فيه كل من نائب رئيس الحركة؛ عبدالعزيز الحلو، والأمين العام؛ ياسر عرمان، رافضة في الوقت ذاته الكشف عن مكان الاجتماع. ووصفت ذات المصادر خطوة الحركة القاضية بفتح خمسة مكاتب خارجية بأنها اتجاه للتحول إلى العمل المُسلح.. لكن عقار قال إن وجوده في جوبا يأتي ضمن ترتيبات فك الارتباط بين الحركة في الشمال والجنوب، وانتقد في ذات الوقت طبقاً لشبكة (الشروق)، الأربعاء الماضي، تجديد قانون المشورة الشعبية، وقال إن المؤسسات التي يتعين عليها النظر في هذا القانون انتهي أجلها بانتهاء الفترة الانتقالية لاتفاق السلام. في كل الأحوال يبدو واضحاً أن ( الحركة - قطاع الشمال) تسعى لممارسة ضغوط على (المركز) بالتلويح باستخدام الخيار العسكري الذي لجأت إليه بالفعل في جنوب كردفان..!!