ظلت أسواق البلاد تشهد ارتفاعاً متزايداً في أسعار السلع مؤخراً ليتضاعف الأمر مع حلول شهر رمضان مما سيتسبب في شلل ميزانيات الأسر لأشهر قادمات. «الأهرام اليوم» تتساءل من المسؤول عن ظهور غول الأسعار، هل هو تلهف المواطن الذي يحشد جيوش الأطعمة استغاثة من رمضاء الصوم ليصطدم برمضاء الأسعار؟ أم هو سلوكنا التسوقي غير المرشد وتكالبنا على الأسواق في الأيام التي سبقت هذا الشهر العظيم! أم هي مضاربات الأسواق التي يغيب عنها تدخل الأمن الاقتصادي؟ «الأهرام اليوم» تفتح ملف غلاء الأسعار في رمضان.. ما هو رأي التجار والمواطنين، والجهات المسؤولة هل تستطيع أن تسيطر على غول الأسعار أم تترك السوق يعيش في فوضى عارمة. مائدة عامرة الناظر للمائدة السودانية خلال الشهر الكريم يجدها تحتشد بجيوش الأطعمة المختلفة التي لا شك تزيد عن حاجة الأسر، والدليل تزايد القمامة أطناناً على أطنان جراء تكدس بقايا الأكل مما يعني أننا ندفع أموالنا إما لملء فراغ نفس أو جهلاً باحتياجاتنا أو من أجل مظاهر اجتماعية ترسخت في أذهاننا مما يجعل هجمتنا على الأسواق بشكل جماعي تؤدي إلى زيادة الطلب خصوصاً قبل حلول هذا الشهر بأيام قليلة مما يعطي الفرصة للمضاربين لزيادة الأسعار التي تنسحب على أسعار السلع المختلفة ابتداءً من السلع الاستهلاكية والأواني المنزلية التي أصبحت بنداً ثابتاً لربات البيوت إمعاناً في التبذير مما يعني كثرة المنقولات للمنازل الأمر الذي ضاعف أسعار الترحيل، فمثلاً الركشة أو الأمجاد أصبح يتقاضى صاحبها في المشوار الواحد «15» جنيهاً بينما كان يتقاضى في الأيام العادية «5» جنيهات. وقد أجمع المواطنون الذين استطلعناهم أنهم دائماً يؤجلون شراء حاجياتهم ما قبل بداية الشهر بقليل، وقالت إحدهن حتى أسعار المناديل زادت. وأضاف رجل يقف بجانبها قائلاً إذا كانت تجد عشرين امرأة يقفن على مفراكة واحدة كيف لا يزيد سعرها؟ وشاب عابر قال: ده كلو خوف من الصيام. جولة في السوق في جولة «الأهرام اليوم» بالسوق الشعبي أم درمان التقت بالأستادة سميرة عبد العظيم، ابتدرت حديثها ل«الأهرام اليوم» أن السوق مولع نار والتجار استغلوا فكرة أن هنالك غلاء وكل واحد أصبح يزيد على مزاجه خاصة الأشياء البسيطة، الكبريت تجد سعرها تضاعف، وهذا العام لم اشتر غير الأشياء الضرورية جداً لأن هنالك غلاء ساحقاً. وقال التاجر حسب الرسول إن سعر جوال السكر«210» جنيهات ويصل للمستهلك «224-225» وبزيادة بلغت «40%» عن العام السابق. وقال في مراكز التوزيع سعر الجوال «150» و «10» كيلو بسعر «32» وأن زيت الفول زاد «152» جنيهاً بدلاً عن 125 والبهارات أسعارها ثابتة. وشكا أن إقبال المواطنين ضعيف وعزا ذلك إلى أن المواطن يتوقع تخفيضات. وقال إن سعر البن وصل «130» بدلاً عن «110» وأن لبن البودرة «350» وقال إن سعر الدقيق «100» جنيه وزاد بنسبة «10» قال إن سعر الرطل من البهارات «10» جنيهات التوم والشمار العرق الأبيض والأحمر بينما رطل الفلفل «20» جنيهاً وأن البركاوي «32» جنيهاً والقنديلا «60» جنيهاً والعدسية «20» جنيهاً. ما بين التاجر والمستهلك قال الخبير الاقتصادي محمد الناير إن غلاء الأسعار خلال رمضان والمناسبات الأخرى تحمل معنيين الأول واجب الدولة توفر السلع الموسمية قبل وقت كاف لتكفي احتياجات المواطنين في هذا الشهر المعظم. وقال تنظر الدولة لأولياتها وتنفق دولارتها للجازولين وقد لا تكون السلع الموسمية من أولياتها ويقع الأمر بين التاجر والمستهلك والتاجر دائماً ما يستغل الظرف ويعتقد أن ما يعرف في العملية التجارية بالموسم وهو يعني رواج لسلعة محددة يحصل أكبر أرباح ممكنة دون النظر للعوامل الأخرى أو ماذا في جيب المواطن أو كم يساوي دخله ويحقق أعلى ربح ممكن وبالتالي أحياناً يحقق أرباحاً عالية للسلع قد تصل لمضاعفة قيمة السلعة هذه المشكلة من جانب التجار والمستوردين، نحن في السودان لدينا مشكلة كبيرة في الثقافة الاستهلاكية لا بد للأسر أن تعيد ترتيب أولوياتها في رمضان ويجب أن تحصر اهتمامها في الضروريات مثل العصائر والمأكولات الطبيعية ويجب أن تشعر بمعاناة الفقراء وتمسك نفسها فالأصل من مشروعية الصوم الإحساس بمعاناة الفقير والناس تكون طوال اليوم ملتزمة بذلك وبعد الإفطار نخرب هذا النظام بالإفراط في تناول الأطعمة والأشربة، وأوضح الناير أن في السودان لا توجد ثقافة استهلاكية تضغط على التاجر إذا المواطن قلل أو عمل ترشيداً أو امتنع عن الأشياء التي يمكن أن يتمتع بها هي الأشياء التي تضغط التاجر ولا يجد مفراً من التخفيض إلا أنها ثقافة مفقودة في المجتمع السوداني تجد المستهلك لديه ثوابت ولازم يعمل بها حتى لو أدين ويفعل كل ما في وسعه هذه مسلكه. الأمر يحتاج رأفة من التاجر لمراعاة ظروف المستهلك والتاجر لو ربح ربحاً معقولاً يكون هنالك بيع أكثر وإذا ربح أرباحاً مبالغاً فيها مؤكد سوف يكون بيعه أقل في الأخير ولا تكون هنالك فائدة كبيرة للتاجر ولا المواطن بينما في الحالة الأولى يكون هنالك استقرار في الأسعار والقوة الشرائية تكون أكبر.