مع تلاطم أمواج البحر الأبيض المتوسط، استعدت ثلة من الغواصين السودانيين في الإسكندرية لتطبيق المنهج العلمي للأكاديمية الدولية لتكنولجيا الغوص التي يرأسها محسن مختار الجوهري – 70 عاماً - المقدم المتقاعد من قوات البحرية المصرية في العام 1975. زار الجوهري السودان في العام 1987 في مهمة لتقطيع المراكب الغارقة في ميناء سواكن وانتشالها ولكن ضعف الإمكانيات حال دون إكمال العمل لعدم وجود ونش كبير يقوم برفع هياكل المراكب. يبدي الربان الجوهري إعجابه بمستوى الطلاب السودانيين في سرعة تعلمهم للمقرر الذي يشمل تعلم السباحة ودورة الغوص والتصوير التحت مائي واللحام المبلل والقطع تحت الماء. ويقول: «استقبلت 50 طالباً من السودان في الأكاديمية وهم على غير عادة بقية الطلاب من الدول العربية الأخرى الذين يأتون للسياحة ثم التعلم من بعد ذلك. ومن ضمن الطلاب التقت (الأهرام اليوم) في الإسكندرية بالسوداني أحمد مصطفى الطاهر الذي كان يرتدي قناع وجه للغوص و(أوفرول) وزعانف وأسطوانة وهو في طريقه لفحص المعادن تحت الماء ومعرفة كمية تأثرها بالصدأ ويقف لمساعدته مساعد المدرب محمد فرعون المصري. يقول الربان الجوهري ل(الأهرام اليوم): «السودان به أكبر منطقة للغوص السياحي في البحر الأحمر، لا بد من الاهتمام بذلك والاستفادة من التجربة المصرية بسلبياتها وإيجابياتها في هذا المجال، ومن خلال المحافظة على الشعب المرجانية والحياة البحرية فإن ذلك ينعكس على الدخل القومي من خلال جذب السياح إلى مياه البحر الأحمر والترويج لذلك، والسودان يمتلك إمكانات رائعة للسياحة وهو قبلة للغواصين لأن مياهه عذراء». ويناشد الجوهري وزير الشباب والرياضة حاج ماجد سوار بالاهتمام بالاتحاد السوداني للغطس وحل إشكالياته وتوفير الدعم له. ويعدد مجالات الاستفادة من إمكانات الغواصين في السودان من خلال العمل في شركات البترول التي تحتاج إلى خدماتهم تحت الماء والعمل كمرشدين للسياح في البحر الأحمر وفي المجال العسكري في القوات البحرية لحماية حدود السودان من الاختراق. ويمضي إلى القول إن الطالب السوداني يعرف مخاطر الغوص ولكنه لا يخاف منها ويعرف المزايا المستقبلية له. وتعمل الأكاديمية على تدريب الطلاب في مجال الغوص التجاري لمدة 8 أسابيع والغوص الترفيهي ليتخرج الطالب كمرشد سياحي بعد 6 أسابيع. ويختم قوله: «نحن نعامل الطالب السوداني مثل المصري لأن البلدين ايد واحدة يستفيدان من بعضهما البعض». وأصدر الجوهري كتاباً بعنوان «البحر الأحمر والملك»، يتناول من خلاله خصائص البحر وبيئته ووجود أسماك القرش والأحياء الأخرى. والربان الجوهري حائز على دبلوم الغوص العسكري وإزالة الألغام والنسف والتفجير، بخلاف الشهادات الأخرى في مجال الترويح والآثار الغارقة. ويشعل مواقع عديدة في مجال الغوص. ويرى كبير المدربين كابتن رجب عبدالجليل – 40 عامًا من الخبرة – أن السودان يمكن أن يستفيد من أبنائه الغواصين في الكثير من المشاريع التنموية، ودعا للاهتمام بالدورات التدريبية واكتساب الخبرات العربية بدلاً عن الأجنبية التي ترهق الميزانية في البلدان. وفي شواطئ الإسكندرية التقت (الأهرام اليوم) بالبحار مندي الذي أصبح مسلسلاً تلفزيونياً بعد أن حوله الكاتب الكبير صالح مرسي إلى حلقات وكتب مقدمته: «لقد أصبح مندي الآن بحاراً مخضرماً، ذا رأس كبير وشارب هائل رمادي اللون وشعر كثيف يختفي تحت طاقية من الصوف تحميه من برد الشتاء وحر الصيف.. أصبح مندي الآن أسطورة يتناقلها البحارة في السفن التي تعبر البحار والمحيطات وتملأ موانيء الدنيا من مشرقها إلى مغربها، ومن شمالها إلى جنوبها، كان البحار مندي أسمر اللون وعندما تراه تطلب أن تكون مثله، وكان البحار مندي أسطورة». يقول البحار مندي ل(الأهرام اليوم): «جدي أوصاني بحب الأمة العربية من الخليج إلى المحيط، وإذا قطعت قلبي حتة حتة فأول حتة أعطيها للشقيق السودان».. مندي له علاقة بالملك فاروق الذي توفي في ليلة 18 مارس 1965، يقول أن لفاروق لنشاً قديماً سماه (حمارة العمدة)، ويروي الكثير من عجائب البحر، لكن الأستاذ الكبير صالح مرسي دونها في روايته الرائعة «البحار مندي وقصص من البحر».
الترابي يبحث في مكتبات القاهرة عن كتب الثورة المصرية وأسرار الإطاحة بمبارك في مكتبة الشروق بالقاهرة أهدى رئيس مجلس إدارة صحيفة الشروق المصرية إبراهيم المعلم الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن الترابي عدة كتب فكرية بعد زيارته لمقر الصحيفة التي أدارت معه حواراً حول شتى القضايا السياسية والفكرية. وتجول الترابي في مكتبة الشروق واطلع على معروضاتها قبل أن يتوقف عند مجموعة من الكتب التي خصصت لثورة ال25 من يناير التي أطاحت بنظام الرئيس السابق حسني مبارك. الترابي أبدى إعجابه بتوثيق صحيقة الشروق ليوميات الثورة المصرية من خلال رصدها للصحف الموالية لحسني مبارك: «البلد في وادٍ وصحف النظام في وادي آخر». فقد كانت إحدى الصحف تتناول بالمانشيت العريض: «حشود ضخمة في لبنان»، ولم تكتب شيئاً عن ميدان التحرير قبل الإطاحة بالرئيس مبارك. الترابي تناول هدية الشروق وضم المجموعة إلى مكتبته الخاصة في المنشية بالخرطوم، ما هي الفائدة التي يجنيها زعيم المعارضة في السودان من يوميات الثورة المصرية؟ يبدو أن الدكتور حسن الترابي الذي غابت عنه تفاصيل الثورة المصرية بسبب اعتقاله في سجن كوبر في حاجة إلى مراجعة كيفية سقوط النظام؟ وفي لقاء الترابي بالدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع داخل مكتبة ثقافية كانت الأفكار تخرج من بين الرجلين وسط متابعة لصيقة من الحضور. الذاكرة أعادت المواجهة التي كانت بين الرجلين في برنامج الاتجاه المعاكس في قناة الجزيرة بتاريخ 05/01/1999 حينما استضاف فيصل القاسم رفعت السعيد، الأمين العام لحزب التجمع اليساري في مصر و د. حسن الترابي، الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم بالسودان آنذاك، قال فيصل القاسم: «تحية طيبة مشاهديَّ الكرام، أليس من حق المسلمين أن يكون لديهم نظام سياسي إسلامي خاص بهم يحكمون به في الاقتصاد والاجتماع؟ لماذا يحارب المشروع الإسلامي في الداخل والخارج؟ لماذا هذه الهجمة الاستئصالية ضد الحركات الإسلامية في العديد من البلدان؟ ألا يمكن أن يكون الإسلام هو الحل فعلاً؟ ألا يمثل التيار الإسلامي حركة سياسية كبيرة في العالمين العربي والإسلامي؟ والدليل على ذلك أنها أصبحت قوة هائلة تخشاها الأنظمة في الداخل، والغرب في الخارج؟ ألا تمثل الحركة الإسلامية الطموحات السياسية للأغلبية الشعبية؟ ألم يحذر المفكرون الغربيون من تعاظم شأن الإسلام السياسي؟ هل كان للغرب أن يتصدى للتيار الإسلامي في السودان وإيران وتركيا مثلاً لولا أنه يشكل فعلاً ثقلاً سياسياً خطيراً؟ ألا يجب أن يكون الإسلام فعالية في حياة المسلمين بدلاً من مجرد هوية وتاريخ؟ ألم يعرف الإسلام التعددية السياسية قبل الغرب بمئات السنين؟ حتى مفهوم الحزبية عرفه الإسلام قبل غيره، ألا تستطيع الأمة الإسلامية بكل تاريخها، وأمجادها أن تجد نظاماً يكفل العدالة والتقدم بعيداً عن الأفكار الغربية؟ ألم تكشف الحركات الإسلامية عن مرونة كبيرة في التعامل مع الديمقراطية؟ أليست مقاصد الشريعة هي حفظ الحياة، والنسل، والعقل، والدين، والمال؟ وهذه هي أركان حقوق الإنسان؟ هل نأخذ بحكم الشعب أم بحكم الشرف؟ لكن في المقابل، هل هناك فعلاً مشروع سياسي إسلامي صرف في الاقتصاد والحكم؟ هل الإسلام دين ودولة، أم دين فقط؟ ألا نحمل الإسلام أكثر مما يستطيع عندما نقول: هو الحل؟ هل هناك أنظمة سياسية إسلامية، أم أنهم يتاجرون بالدين؟ هل يستطيع الإسلاميون أن يحكموا بالإسلام أم أنهم يتصرفون في العمق، كما لو كانوا حزباً علمانياً يمارس القمع، والفساد في الأرض، ويتاجر بالمخدرات كما هو الحال في أفغانستان؟ ألم يفصل الإسلام بين الدين والسياسة منذ مئات السنين؟ ألم يوقع الفقهاء ميثاقاً علمانياً غير مكتوب مع معاوية، قسَّموا فيه العمل في ما بينهم خصوا أنفسهم برئاسة الأمة، وخصوا معاوية برئاسة الدولة؟ هم للمسلمين في أمور دينهم، وهو لهم في أمور دنياهم، أي تقلدوا السلطة الروحية وقلدوه السلطة الزمنية، ألا يسبح المشروع الأصولي ضد التيار؟ أليس من الأجدى للحركات الإسلامية أن تتخلى عن السياسة؟ ألم تلحق الحركات الإسلامية أذىً بالغاً بصورة الإسلام والمسلمين في العالم؟ ألم يعمل التيار الإسلامي على تمزيق الشعوب الإسلامية بدلاً من توحيدها؟ ما أسباب انحطاط المسلمين بعد الخلافة الراشدة سياسياً؟ كيف تخلصت الحضارة الأوروبية من قيود الكنيسة؟ أين الإختلاف في المنطلقات الإسلامية عن الكنسية تجاه العلم والدين؟ ما أوجه الخلاف بين التجربتين الإسلاميتين السعودية السودانية والخلاف بينهما؟ أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على المفكر الإسلامي الدكتور حسن الترابي، والدكتور رفعت السعيد (أمين عام حزب التجمع في مصر). ولكن بعد 12 عاماً من ذلك الحوار في الدوحة التقى الرجلان في القاهرة يجيبان على ذات الأسئلة، وكان رفعت السعيد قد أبدى إعجابه بكتاب دكتور حسن الترابي «المصطلحات السياسية في الإسلام»، وقال السعيد إن هذا الكتاب طمأنني على مدى التقدم في فكر الترابي، وأهدى حزب التجمع وفد المؤتمر الشعبي كتاب رفعت السعيد (الدولة المدنية وشعار الخلافة)، فيما أهدى الشعبي للتجمع كتاب المحبوب عبدالسلام (الحركة الإسلامية السودانية - دائرة الضوء - خيوط الظلام). وكذلك أهدى رفعت للترابي كتاباً عن الإرهاب.