منذ أن اندلعت الحرب بصورة أكثر ضراوة في ولاية جنوب كردفان في السادس من يونيو الماضي، ورفض الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني) للاتفاق الإطاري الموقع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية حول جنوب كردفان والنيل الأزرق في الثامن والعشرين من يونيو الماضي؛ ظلت الأوضاع السياسية مُلتهبة مما أدّى إلى انزلاق ولاية جنوب كُردفان إلى الحرب وها هي ولاية النيل الأزرق تتخوف من تكرار سيناريو ولاية جنوب كردفان. ومما زاد الأوضاع التهاباً اجتماع حركة جيش تحرير السودان قيادة مني مناوي، وحركة جيش تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد نور، والحركة الشعبية لتحرير السودان (بالشمال) بمنطقة (كاودا) في السابع من أغسطس الجاري والإعلان عن تأسيس تحالف الجبهة الثورية السودانية بهدف إسقاط نظام المؤتمر الوطني الحاكم بكل الوسائل المتاحة، وتوحيد وتقوية جهود القوى السياسية السودانية وقوى المجتمع المدني والأهلي وقطاعات الشباب والطلاب والمهنيين وتنظيم صفوف المقاومة لإزالة النظام، وتأسيس دولة تُحترم فيها حقوق الإنسان بحسب بيان التأسيس كما حددتها المواثيق الدولية. ومن ضمن أهداف تأسيس تحالف الجبهة الثورية السودانية، تشكيل حكومة وحدة وطنية بفترة انتقالية مدتها (6) أعوام تضطلع بمهام وضع دستور انتقالي للدولة تُضمَّن فيه المبادئ والأهداف وعلى رأسها حل قضايا السودان وتأمين خصوصيات جميع المناطق التي تضررت بالحروب والنزاعات المسلحة، وإجراء إحصاء سكاني عام وفقاً للمعايير والرقابة الدوليين، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة على كافة المستويات، وإعادة هيكلة وبناء أجهزة الدولة المتمثلة في الخدمة المدنية والقوات النظامية والجهاز القضائي وغيرها من المؤسسات والأجهزة. تأسيس تحالف الجبهة الثورية أغضب مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع، الذي طالب ولاية جنوب كردفان بالتصدي لمحاولات تحويل الولاية إلى جنوب جديد وجعلها (رأس الحربة)، وقال نافع مخاطباً الدورة التدريبية لنواب جنوب كردفان، التي نظمها المجلس الوطني الثلاثاء الماضي إن جنوب كردفان ولاية يطمع الطامعون خارجياً وداخلياً في أن تكون (رأس الحربة) لتحقيق عدم الاستقرار بالسودان وإنشاء ما يسمى ب(الجنوب الجديد) عبر مكر ودهاء لتكون قاعدة انطلاق تجمع المهمشين، وشدَّد على أهمية التصدي لهذا المخطط. ودعا نافع النواب إلى أن يعوا بأن لديهم مهمة سياسية خاصة، وأكد أن التمرد الذي تم بالولاية ليس للنوبة فيه مصلحة، وقال إن التمرد يعمل بالوكالة من المكر الخارجي، ومع بعض رموز المعارضة في الشمال، وأشاد بمواقف بعض عضوية الحركة الرافضة لمسلك رئيس الحركة بالولاية عبد العزيز الحلو، وطالبهم بمضاعفة العمل لاستجلاء الحقائق واستقطاب الملتفين حول الحلو حتى يصبح الرجل لوحده، من جانبه وصف رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر، الانتخابات التي تمت بجبال النوبة بأنها الأنبل مقارنة بالانتخابات التي تمت بالبلاد، وقال إنه سعد بفوز الحركة بمقاعد مقدرة بالبرلمان، وأضاف: «وكاد منصب الوالي يذهب للحلو، وإن كان حدث لاعترفنا به باعتبار أنها جاءت نتاج معادلة ارتضيناها»، وأشار إلى أن ذلك كان يمثل فرصة للحركة لتتحول من قوة حرب إلى قوة سياسية معترف بها وتنافس المؤتمر الوطني، وزاد إن لم تفز في هذه الدورة كان يمكن أن تفوز قطعاً في الدورة المقبلة، إما بالبرلمان أو بمنصب الوالي. الأوضاع المتأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق دفعت أيضاً رئيس الحزب الاتحادي الديموقراطي (الأصل) محمد عثمان الميرغني لتقديم مبادرته لإنهاء الأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، كما رشحت أنباء عن وصول أمين عام المؤتمر الشعبي د. حسن عبد الله الترابي وزعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي إلى الولاية في غضون يومين كل على حدة في زيارة تستغرق يومين يلتقيان خلالها مالك عقار وقواعدهما الحزبية بالولاية، ويخاطبان ندوات سياسية يتناولان خلالها الوضع السياسي الراهن بالبلاد. وقال الحزب الاتحادي الديموقراطي (الأصل) إن الحركة الشعبية بشمال السودان وافقت على مبادرته لنزع فتيل الأزمة بولاية النيل الأزرق والعمل على مُعالجة الخلافات بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية بالشمال. وقال رئيس وفد الميرغني إلى والي النيل الأزرق مالك عقار حسن عبد القادر هلال إن عقار وافق على المُبادرة، وكشف عن جهود تقوم بها لجنته للقاء قيادات المؤتمر الوطني من أجل اكتمال حلقات المبادرة لإنزالها إلى أرض الواقع حال موافقة المؤتمر الوطني عليها، وقال إن جهود الحزب تنصب خلال الأيام المقبلة لجمع الأطراف في طاولة حوار في أقرب وقت ممكن لا سيما أن الأوضاع لن تحتمل التأجيل، لافتاً إلى أن المبادرة ترتكز على إحلال السلام واستدامة الأمن والسلام والاستقرار وإبعاد شبح الحرب مبيناً أن الميرغني سيتابع القضية من مقر إقامته بالمدينة المنورة. ومبادرة الميرغني هدفها إنهاء الأزمة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وكان الميرغني دفع برسالة شفاهية إلى الفريق مالك عقار يدعوه فيها إلى التمسك بالسلام ومعالجة القضايا بالحوار والتفاوض مع المؤتمر الوطني، مؤكدا عزمه على طرح مبادرة لإحلال السلام ونزع فتيل التوتر في النيل الأزرق التي قال إنها تتطلب الالتزام بالسلام وتحكيم صوت العقل بين الأطراف كافة. وشكَّل الميرغني لجنة من قيادات الحزب للتواصل والتنسيق والحوار وتبادل الآراء مع الحركة الشعبية، وألمح الوفد إلى إمكانية أن يلعب مولانا الميرغني دوراً كطرف ثالث في الحوار بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، نسبة لقبوله من الطرفين. وحول مبادرة الميرغني يقول حسن هلال إن المبادرة التي طرحها الميرغني تأتي في ظل ما سماه تنامي المشكلات، والسعي لإبعاد شبح الحرب، وتفادي أي نزاع أو توتر في المنطقة، لجهة أن السودان لا يحتمل مثل هذه النزاعات التي حدثت في جنوب كردفان والمتوقع امتدادها إلى ولاية النيل الأزرق لذلك فإن زعيم الحزب الاتحادي مولانا الميرغني وحرصا منه على عدم الحرب واستمرار السلام والاستقرار تقدم بهذه المبادرة، التي قال إنها وجدت القبول والاستجابة السريعة من قبل والي النيل الأزرق مالك عقار، الذي اعتبر أن الميرغني ربما يمثل الطرف الثالث الذي اشترطه عقار سابقا لاستئناف التفاوض مع المؤتمر الوطني، ونوّه إلى أن مهمتهم المقبلة هي حمل ذات الأجندة للمؤتمر الوطني في غضون اليومين المقبلين، وأبدى أملاً في أن تسهم هذه المبادرة في وقف الحرب بالحوار والتفاوض السلمي.