بعد عامين ونصف من التفاوض في العاصمة القطرية (الدوحة) وبعد مرور ثماني سنوات على أزمة دارفور، وقعت الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة في يوليو الماضي وثيقة قالت عنها الحكومة السودانية إنها نهائية للسلام في دارفور، بينما رفضها عدد من قادة الحركات مثل عبدالواحد وخليل ومني، ما حدا بالبعض لأن يصف المسار الإقليميبالدوحة بأنه مجرد سلام جزئي..!! في السياق قال أمين الإعلام الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة جبريل آدم بلال ل(الأهرام اليوم) إن وفد الحركة ممثلاً في رئيس المجلس التشريعي د.الطاهر الفكي، وأمين العلاقات الخارجية د. جبريل إبراهيم محمد، وشخصه؛ التقوا الخميس الماضي بالمبعوث الأمريكي إلى دارفور السفير (دان سميث) في العاصمة البريطانية (لندن)، وقال بلال إن الاجتماع تناول مستجدات الأحداث بعد توقيع اتفاقية (الدوحة) موضحا أن المبعوث الأمريكي أشاد بموقف حركتهم تجاه السلام وإبقاء وفدها في الدوحة لأكثر من شهر عقب التوقيع على السلام (الجزئي)، وأضاف أن اللقاء تطرق إلى الوضع الأمني والإنساني المتردي في دارفور وتناول مسألة التحول الدستوري في السودان في المرحلة المقبلة وكيفية وجود آلية تضمن مشاركة الجميع في ذلك، وأشار بلال إلى أن المبعوث الأمريكي إلى دارفور أكد لهم انشغالهم الشديد بما يجري في دارفور مما دفعهم إلى التفكير في مبادرة أمريكية في شهر سبتمبر القادم لمناقشة قضايا المرحلة المقبلة والخطوات التي يجب أن تتبع لبحث عملية السلام بدارفور، وقال بلال إن الحركة طالبت بضرورة إيجاد بيئة صالحة للحوار وبناء ثقة جديدة، وشدد على ضرورة إطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين السياسيين، وتحسين الوضع الأمني والإنساني في دارفور وكردفان. الحكومة السودانية من جهتها تحفظت على المبادرة الأمريكية واعتبرتها مرفوضة إذا تحدثت عن منبر جديد، وطالبت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالضغط على الحركات الدارفورية الرافضة لاتفاق الدوحة وضرورة اللحاق به، مؤكدة رفضها القاطع للمبادرة الأمريكية المزمعة حال اتجاهها إلى فتح اتفاق الدوحة أو تأسيس منبر جديد لحل مشكلة دارفور، وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير العبيد أحمد مروح ل(الأهرام اليوم) أمس الأول إنه لا مجال لإعادة فتح التفاوض في الدوحة وإن المبادرة الأمريكية إذا تحدثت عن منبر جديد أو تفاوض جديد فهي مرفوضة، وحذر مروح الولاياتالمتحدةالأمريكية من مغبة ارتكاب خطأ كبير حال دعمها لموقف الحركات الرافضة للحاق باتفاق الدوحة، ومضى قائلا: «إذا فهمت الحركات الرافضة أنها ستجد دعم واشنطن فإن أمريكا سترتكب خطأ كبيرا ليس بالإساءة للسودان وإنما للجهات التي دعمت اتفاق الدوحة» قبل أن يصف الموقف الأمريكي تجاه السودان بالمتناقض، مشيرا إلى أنهم يرحبون بكافة المبادرات التي تسير في اتجاه تشجيع الحركات الرافضة لاتفاق الدوحة على اللحاق به، وفي ذات السياق رفض رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات الدوحة د. أمين حسن عمر إعادة فتح ملفات التفاوض في عاصمة بديلة للدوحة، وتمسك بالموعد المحدد لانتهاء فترة التفاوض بعد ثلاثة أشهر من توقيع اتفاق الدوحة وطالب الولاياتالمتحدةالأمريكية بأن تعمل ب(إتباع القول بالعمل) والضغط على الحركات المسلحة من أجل الانضمام لمسار التفاوض بدلا عن إعلان تحالفات عسكرية بغرض إسقاط النظام، وقال عمر في تصريحات صحفية أمس الأول إن مؤتمر واشنطن ليس بالضرورة أن يكون مكانا للتفاوض ومن الوارد أن تعبر الأطراف عن آرائها من خلال المؤتمر، مؤكدا أن الحكومة لم تتلق إخطارا رسميا بشأن المؤتمر، وأردف: «إن ما نعلمه أن هنالك اتفاقا تم توقيعه في الدوحة ولا تراجع عنه مهما كانت المبررات»، مبينا أن دعوة واشنطن للمجتمع الدولي للضغط على الخرطوم لن ترغم الحكومة على تغيير قراراتها السياسية. العدل والمساواة كانت قد أكدت مشاركتها في (فورم دارفور) المزمع عقده بواشنطن في الأسبوع الثاني من شهر سبتمبر المقبل ويستمر يومين؛ بكامل قيادتها، وقد وجهت انتقادات على لسان الناطق باسمها لحكومة الخرطوم باعتبار أنها تتعامل مع اتفاق الدوحة كاتفاق كامل بينما «نحن نعتبره اتفاقا إطاريا يحتاج للتطوير ومزيد من الحوار حوله»، مؤكدا أن المبادرة الأمريكية لا زالت مجرد فكرة وأن المبعوث الأمريكي إلى دارفور لم يخبرهم بعد بتفاصيلها ولكنه أشار إلى حرص الولاياتالمتحدةالأمريكية على الاستماع لكافة وجهات النظر بحثا عن مخرج للأزمة الدارفورية التي تطاول أمدها، وأوضح بلال أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ترى أن اتفاق الدوحة يمثل خطوة إلى الأمام، واستدرك قائلا «لكنه لن يحقق السلام بالإقليم لأنه ليس شاملا» وتخوف بلال من أن يتسبب اتفاق الدوحة في اندلاع مزيد من الحرب في إقليم دارفور، وفي ذات السياق علمت مصادر (الأهرام اليوم) بأن رئيس حركة تحرير السودان عبدالواحد محمد نور سيشارك في (مؤتمر دارفور) الذي سيعقد في واشنطن. من جهتهم يرى مراقبون للشأن الدارفوري استنطقتهم (الأهرام اليوم) أن (مؤتمر دارفور) يجب أن يهدف لمخاطبة جذور النزاع في الإقليم وأن يركز على تمكين المواطنين الدارفوريين أنفسهم من العمل على تطوير أوضاعهم في كل المستويات، ودعوا إلى أن يؤكد المؤتمرعلى وضع وتطوير حلول شاملة تخاطب الجوانب الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية للنزاع. إذن تبقى الأيام هي الفيصل؛ هل تفلح واشنطن في رتق ثقوب السلام الدارفوري؟ أم تناور بكرت الأزمة بعد أن تضع الملف برمته على بعد شبر من طاولة مناوئي الحكومة السودانية وفي مقدمتهم جماعتي (سيف دارفور) و(كفاية) ولوبيهات الكونغرس الضاغطة ضد الخرطوم؟!