ظلت الولاياتالمتحدةالامريكية مهتمة بملف دارفور بصورة واضحة طوال الفترات السابقة، رغم تعاملها بوجهات نظر مختلفة فى القضايا الأخرى، الا ان مؤشر مواقفها فى معضلة دارفور كان دائماً مايقف فى عدد من النقاط الإيجابية فى سبيل البحث عن حل للأزمة وإنجاح مفاوضات الدوحة بضغطها على الحركات المسلحة للمشاركة في عملية التفاوض، وفى خطوة جديدة من شأنها دفع عملية السلام فى اقليم دارفور اعلنت الولاياتالمتحدة عن مؤتمر فى سبتمبر المقبل بواشنطن يجمع الحركات المسلحة والحكومة للتفاكر والوصول الى أرضية مشتركة تنهى ازمة الإقليم التى طال أمدها، الا ان الخرطوم تحفظت على المبادرة الأمريكية وجددت موقفها الرافض لنبش وثيقة الدوحة من جديد وقطعت بأنها قطعت بأنها الأخيرة فى مضمار التفاوض حول دارفور. حيث اعلنت الولاياتالمتحدة الاميركية عقد «دارفورفورم» في سبتمبر المقبل بواشنطن بحضور الحركات المسلحة باقليم دارفور لشرح مزايا «اتفاقية الدوحة» وحث الرافضين على التوقيع ودعت فى الوقت ذاته المجتمع الدولي للضغط على حكومة الخرطوم لفتح باب التفاوض واسعاً وبصورة أكثر مرونة مع الحركات المسلحة بغية التوصل الى سلام، بعد ان ابدت رأيها بوضوح فى التحالفات العسكرية فى إشارة الى اتفاق «كاودا» بين حركات دارفور الحاملة للسلاح واعتبرته بمثابة اعلان حرب غير مبرر، لايفضى الى إستقرار الاوضاع فى السودان. وفى سبيل دعمه لعملية السلام أجرى المبعوث الأميركي لدارفور دنيس ميس عددا من اللقاءات مع قيادات في حركة العدل والمساواة وحركة التحرير والعدالة في العاصمة البريطانية لندن استعرض فيها تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في السودان، وحث الجميع بدفع العملية السلمية فى اقليم دارفور، وأبلغ المبعوث الأميركي حركة العدل والمساواة بصفه خاصه «انشغال بلاده الشديد» بما يجري في دارفور ما دفعهم للتفكير في المبادرة الأميركية لمناقشة قضايا المرحلة المقبلة والخطوات التي يجب أن تتبع لبحث عملية السلام فى الإقليم الذى مازال يعانى من الحرب، وطالب المبعوث الامريكي بان يكون التقارب بين الحركات المسلحة من اجل السلام وحذر من مغبة المضي في طريق الحرب ضد الحكومة وقال ان حكومته لا ترحب بمثل هذا الاتجاه. واوضح المبعوث الاميركي دينس لدى لقائه برئيس حركة التحرير والعدالة التجاني السيسي في لندن ان الولاياتالمتحدة تريد ان تتأكد من انتقال سلس للنازحين الى قراهم الاصلية بعد توقيع اتفاقية الدوحة، بعد ان استفسر حول مدى جاهزية حركة التحرير والعدالة للإنخراط في العملية السلمية خلال المرحلة المقبلة بعد وقعت الحركة وصادقت على اتفاق الدوحة. وفى حديثه ل «الصحافة» قال عضو لجنة الاعلام بحركة التحرير والعدالة يعقوب الدموكي ان التجانى السيسي قدم تأكيدات قوية للمبعوث الاميركي بشأن اوضاع النازحين واهمية نقلهم الى مناطقهم الاصلية وزاد «السيسي قال لدنيس ان توقيع السلام كان من اجل انهاء معاناة النازحين»، وذكر الدموكى ان السيسي نقل للمبعوث الاميركي صعوبة ايفاء الحكومة السودانية لوحدها بكل متطلبات التنمية في دارفور في ظل فقدان ايرادات النفط عقب الانفصال ما يحتم على الولاياتالمتحدة دعم اقليم دارفور بما يحقق الاستقرار المنشود، واوضح الدموكى ان المبعوث الأمريكى رحب بحديث السيسى واعلن دعمه لاتفاقية الدوحة وتوفير الدعم اللازم لتنمية دارفور ولكن دون تحديد نوع الدعم الا انه اكد التزام واشنطن بتدريب كوادر حركة التحرير والعدالة بجانب تقديم مساهمات فعالة في مؤتمر المانحين، واكد ان دينس اوضح لزعيم حركة التحرير والعدالة التجاني السيسي رفض بلاده القاطع للتحالفات العسكرية واعلان الحرب. وفى ذات الإتجاه للدفع بعملية السلام وتأييدها من المجتمع الدولى قدم وفد حركة التحرير والعدالة برئاسة التجاني السيسي ورئيس المكتب ببريطانيا بخيت امام، تنويرا لوزارة الخارجية البريطانية والسويد والدنمارك حول اتفاق الدوحة. وذكر مصدر مطلع ل «الصحافة « ان الولاياتالمتحدة اجرت اتصالات بالحكومة السودانية وفصيلي حركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد النور ومني مناوي والعدل والمساواة بالإضافة إلى دولة قطر الراعية لعملية السلام والشركاء الدوليين و الوسيط السابق للسلام في دارفور جبريل باسولي والوسيط المؤقت قمباري للمشاركة في اللقاء التشاوري «مؤتمر دارفور فورم» بواشنطن للوصول الى تسوية نهائية لأزمة دارفور وإلحاق الحركات المسلحة للإنضمام الى وثيقة الدوحة قبل انقضاء فترة الثلاثة اشهر التى حددتها الوثيقة. وقال المتحدث باسم حركة العدل والمساواة جبريل آدم بلال في تصريح لسودان تربيون ان المبعوث الامريكي قد قال لهم ان واشنطن ترغب في التدارس مع الاطراف السودانية والدولية في الخطوة القادمة بعد التوقيع على اتفاق السلام والخروج برؤية مشتركة، إلا أنه نفى التقدم باى مبادرة في هذا الاتجاه. وتجدر الإشارة الى ان الخرطوم سبق وان عرضت على حركة العدل والمساواة الانخراط في محادثات سلام تتناول مشاركة الحركة في مؤسسات الحكم والترتيبات الأمنية خاصة المتعلقة بدمج مقاتليها، إلا أن الحركة رهنت الإستجابة الى مطالب الخرطوم بفتح وثيقة الدوحة للنقاش وتعديلها الامر الذي ترفضه الحكومة السودانية تماماً، وقال بلال ان المبعوث الامريكى اشاد بحرص حركة العدل والمساواة على السلام وبقاء وفدها في الدوحه لأكثر من شهر عقب التوقيع على السلام الجزئي في الوقت الذي انسحب فيه وفد الحكومة من الدوحه وأعلن مسؤوليه عدم رغبتهم في التفاوض، واعلن بلال مطالبة العدل والمساواة بضرورة ايجاد بيئة صالحة للحوار وبناء ثقة جديدة، بما يتطلب إطلاق سراح كل الاسرى والمعتقلين السياسيين، وتحسين الوضع الامني والانساني في دارفور وكردفان، وقال ان وفدهم أكد للمبعوث الامريكي أن حركة العدل والمساواة تعمل جاهدة مع الآخرين من اجل إنجاز مشروع الوحدة الشامل الذي يضمن مشاركة الجميع، وقال، طالبناه بان الحديث عن السلام في المرحلة المقبلة يجب ان يكون سلاماً شاملاً في السودان و لايمكن الحديث عن السلام في دارفور بمعزل عن الاقاليم الاخرى، وكشف وسيغادر وفد حركة العدل والمساواة الدوحة في يوم غد السبت بعد مرور شهر على توقيع اتفاق السلام بين الخرطوم والتحرير والمساواة وعودة الوفد الحكومي على الخرطوم . ومن جانبها ابدت الحكومة تحفظها على المبادرة الاميركية ودعوة الاطراف الى «لقاء دارفور» بواشنطن واكدت رفضها لفتح ملفات التفاوض في عاصمة بديلة للدوحة، وتمسك رئيس الوفد الحكومي لمفاوضات الدوحة امين حسن عمر بالموعد المحدد لانتهاء الفترة المعلنة للحوار بعد ثلاثة اشهر من توقيع اتفاق الدوحة، وطالب الولاياتالمتحدة على «اتباع القول بالعمل» والضغط على الحركات المسلحة من اجل الانضمام لمسار التفاوض بدلا من اعلان تحالفات عسكرية لاسقاط النظام. وقال عمر ل»الصحافة» ان مؤتمر واشنطن ليس بالضرورة ان يكون مكاناً جديداً للتفاوض واكد ان الحكومة لم تتلقَ اخطارا رسميا بشأن المؤتمر واضاف «ما نعلمه ان هناك اتفاقا في الدوحة ولا تراجع عنه مهما كانت المبررات» وزاد «ان دعوة واشنطن للمجتمع الدولي للضغط على الخرطوم لن يفسد. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسي عبدالله آدم خاطر ان مؤتمر واشنطن الدولى يأتى للدفع بمسيرة العملية السلمية فى دارفور، وقطع انه لاتوجد اى جهة فى العالم يمكن ان تقدم مقترحات جديدة لحل دارفور بعد ان أمن الجميع على وثيقة الدوحة وانتظار مدة الثلاثة اشهر التى حددتها الوثيقة، واوضح ان الهدف من مؤتمر واشنطن يكمن فى دعوة الحركات المسلحة للإنضمام الى وثيقة الدوحة، وقال «ان المسألة بمثابة عملية ضغط بالظروف المحيطة بالحركات من جهة والضغط على الحكومة بأن تحسن وسائل تنفيذ الإتفاقية»، ولم يستبعد خاطر ان تكون الدعوة لمؤتمر «دارفور فورم» بواشنطن فى سبتمبر المقبل ان تكون تمت بالتنسيق بين قطر والولاياتالمتحدةالامريكية للدفع بوثيقة الدوحة الى حيز التنفيذ وإلحاق الحركات المتبقية بقطار سلام دارفور. وفى حديثه ل» الصحافة» اعتبر المحلل السياسى الدكتور حسن الساعورى مؤتمر واشنطون شكل جديد من أشكال الضغوط الأمريكية على الحكومة السودانية، واوضح الساعورى ان امريكا تستهدف خليلاً بهذه المبادرة الذى خرج من دائرة التفاوض من منبر الدوحة و لمعرفة من هو خليل وماهو النظام الذى سيستوعبه ولماذا يرفض العلمانية، وذلك من اجل تقوية الحركات المتبنية لهذا الإتجاه والرامية لإسقاط حكومة الخرطوم، وشكك الساعورى فى نوايا امريكا بإنهاء ازمة اقليم دارفور وقال « وعدت امريكا الحكومة السودانية اكثر من 11 مرة منذ 1993 ولكنها لم تفِ بواحد من إلتزاماتها». وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى الحاج حمد ان الحكومة السودانية فى حالة «خطوات تنظيم» فى قضية دارفور ولم تتقدم خطوة للأمام، واعتبر المبادرة الأمريكية محاولة لتكريس الأزمة وتأكيداً لسياستها المتبعة فى البلاد « استمرار حالة اللاسلم واللاحرب» وقال ان الحكومة الأمريكية رغم التقاطعات الموجودة فى داخلها تحمل نوايا طيبة تجاه السودان الا انها لن تستطيع ان تفعل شيئاً فى وجود اللوبى المعادى للسودان المتحكم داخل الكونغرس.