{ (القمْرَه كان ما ادَّتنا ضو .. كان الضلام كفَّت وُشُوش أمَّاتنا.. والليل غير يشاغب في العِوينات شِنْ بِسوْ..) { جميلٌ هو هذا القمر الذي تزدانُ به خاصرة السماء ألقاً وبهاءً وروعةً.. وجميلٌ هو هذا الليل المشاغبُ في غضون الصمت العميق.. وعقيمةٌ هي هذه القرى التي سئمتْ دموع الشموع بعد أن اتَّكأت (حبوبة ونِّسيني) على عصا النسيان. { تجولت كثيراً في ربوع هذا الوطن الحبيب، ولكنَّ ما لفت انتباهي حقاً هو أن الكهرباء داعبت أعين القرى حتى أسدلت عنها ستار الرؤية.. ثم ها هي تأتي وهي «تمشي الهوينى كما يمشي الوجي الوحلُ» بعد طول انتظار، لترتمي على أحضان قرى غرب «المناقل»، فمرحى بهذه العروس المدللة. { ولكنَّ ما يقلقني حقاً هو انتظار ذلكم الولد «البِكرِي» الذي تعب والداه كثيراً في انتظار قدومه..!! { مُرهِقٌ جداً إحساس هذه (التريلاَّ) التي عادت لسابق عهدها، كوسيلة نقل ذات ربح خرافي!! ولكن مع هذه الأمطار التي شرَّفتنا كثيراً بقدومها، يؤسفنا جداً كون هذه (التريلاَّ) لا يقطرها (قندراني).. «وكدا كدا يا التريلاَّ»..!! خلف نافذة مغلقة: رُوي أن أحد سكان هذه القرى، ويُحكى أنّه العمدة، خرج ليُلقي كلمته على أحد الزوار الضبًّاط، فصاح مخاطباً بعد أن أحضر الفطور: (يا حضرة الظابط والعسكور الواقف تيو - «أي صف» - الكسور برَدْ - «جمع كسرة وهي العصيدة» - وحِلَّتنا دايره الميء - «أي الماء» - وعربيَّة «أُمحمَّد ود البشير» الويحيدة في الحِلَّة وبندورلها ظلط). { والآن، لم تعد هذه العربة ويحيدة.. (عشان كَدِي بِندُورلَنَا ظلط).