{ كتبت منذ أيام عن معاناة البعض مع المكالمات المزعجة التي ترد إليهم في أوقات متفرقة ومن أرقام مجهولة النسب تنتمي لشركات الاتصالات المختلفة، ووجهنا نداءً عاجلاً لتلك الشركات نرجوها ضرورة الحرص على مشاعرنا وأعصابنا وتقدير ظروفنا الاجتماعية بالحد من تلك الممارسات غير المحمودة باتخاذ إجراءات بسيطة تقوم في مجملها على قطع الخدمة من كل الأرقام والشرائح غير المسجلة بأسماء أصحابها وأوراقهم الثبوتية، لأن العديد من المشاكل قد برزت إلى سطحنا الاجتماعي بسبب ضعاف النفوس الذين يفرقون بين المرء وزوجته ويتطاولون على الأعراض ويقومون بالعديد من المعاكسات عبر الاتصال المباشر أو الرسائل القصيرة فيتسببون في خلق أزمات كبرى قد يؤدي بعضها لخراب البيوت العمرانة ثم يقومون ببساطة بإغلاق هواتفهم أو التخلص من تلك الأرقام التي هي في الأساس لا تشير إلى أي معلومة عنهم. { ولم يجف حبر مدادي بعد، ولم يجد ندائي من يستجب له، حتى دارت عليّ الدائرة لأفتح عيوني على واقعة خطيرة تمسني شخصياً بطلها الأول كذلك أحد تلك الأرقام «اللقيطة». وكدت من فرط صدمتي أجن وأنا أتلقى اتصالاً هاتفياً من أحد القراء المعلنين في صحيفتنا الغراء، والذي لم ألتق به من قبل وليس بيني وبينه سابق معرفة ليطلعني على التفاصيل الكاملة لتلك القصة التي حدثت معه، والتي بدأت بأن تلقى في وقت متأخر من إحدى مساءات رمضان المبارك هذا اتصالاً هاتفياً من صوت نسائي قدمت إليه نفسها على أنها «داليا الياس- الأهرام اليوم»!!! { ولما كان هو - إلى جانب كونه من أصحاب الشركات الكبرى التي تعلن لدى الصحيفة - من القراء المداومين، حدثني عن كونه احتفى أيما احتفاء بتلك المكالمة وراح يحدث المتصلة عن إعجابه بالاندياح ومواضيعه المهمة، ومضت هي تشكره على إعجابه وتؤكد له حسن ظنها به لتخبره أخيراً بأنها اختارته من بين جميع المعلنين لما توسمته فيه من خير دفعها للاتصال به طلباً للمساعدة المادية لوالدة إحدى الزميلات والتي زعمت أنها بصدد إجراء عملية عاجلة، ورجته ضرورة أن «يحول» لها مبلغاً مالياً معيناً بلغ ال (400) جنيه للمساهمة في دعم هذه الأسرة المحتاجة عسى الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته!! والشاهد أن الرجل قد استجاب لطلبها وأبدى استعداده الكامل للتعاون غير أنه طلب منها أن ترجئ الأمر حتى الصباح الباكر لأنه قد لا يتمكن من تحويله كرصيد الآن. غير أنها مضت في إلحاحها بالقدر الذي أدخل الشك إلى قلبه فأنهى المكالمة بلباقة وانتظر حتى الصباح حيث اتصل بإدارة الإعلانات بالصحيفة مستفسراً عن رقمي ليكتشف أنه مختلف تماماً عن ذلك الذي اتصل به ليلاً!! فتفضل مشكوراً بالاتصال بي موضحاً الأمر الشيء الذي جعلني في حيرة وحرج وذهول، ورحت أتساءل بقلق وحيرة عن عدد الذين هاتفتهم هذه المتسولة السافلة وهي تنتحل شخصيتي!! وكم منهم تجاوب معها من باب الأدب وحسن الظن والثقة المفرطة التي يوليها لنا قراؤنا الأعزاء؟! وكان أن اعتذرت له عما حدث وأكدت له أنني لم ولن أقوم بمثل هذا الأمر مع أي من القراء الذين أعرفهم والذين لم أتشرف بمعرفتهم بعد وطلبت منه إطلاعي على الرقم الذي ورد منه الاتصال المريب، وحين قمت بالاتصال بذلك الرقم رد علي صاحبته بكل هدوء، فادعيت أنني قد وجدت هذا الرقم محفوظاً في هاتفي ولم أتعرف على صاحبه، فهل تصدقوا أنها عرفت لي نفسها بكل هدوء على أنها الأستاذة «داليا الياس» وأنها صحفية بالأهرام اليوم؟!!! ولكم أن تتخيلوا مقدار دهشتي من فرط هدوئها ووقاحتها وعندما أعربت لها عن استنكاري لذلك التعريف ما كان منها إلا أن أنهت المكالمة وأغلقت الهاتف تماماً حتى هذه اللحظة. { وكان السبيل الوحيد لوقف هذه المهزلة هو الاتصال بشركة الاتصالات التي أنتمى إليها وينتمي لها ذلك الرقم المريب أيضاً، فأكدت لي موظفة خدمة العملاء أن ذلك الرقم غير مسجل!! وأعربت لي عن أسفها لعجزهم عن مساعدتي في حل هذه المشكلة الكبيرة التي أراها جريمة تقع تحت طائلة القانون لما تحتويه من انتحال شخصية ونصب واحتيال معاً!!! ومن قلب الحدث هأنذا أوجه نداءً عاجلاً وأخيراً لشركات الاتصالات التي لم يعد يعنيها سوى جني الأرباح وإلا فلماذا لا تتخذ إجراءً حاسماً مع تلك الأرقام المجهولة؟!! ولماذا توقفت عن تقديم خدمة الملاحقة والمتابعة للهواتف المسروقة والأرقام المستخدمة استخداماً سيئاً؟! علماً بأن خدمة المراقبة هذه كانت تقدم حتى وقت قريب للشخصيات الاعتبارية في المجتمع، ولكن ها هو أستاذنا «الهندي» يتعرض لسرقة جواله لأكثر من مرة بكل ما فيه من أرقام مهمة جداً وتعجز شركة الاتصالات عن تحديد مكان السارق أو تقديم هذه الخدمة العالمية!! فحتى متى تظل هذه الشركات تجني من ورائنا المليارات ولا تبادر لتأمينا وتوفير كل الخدمات المفروضة؟!! { ربما نكون قد اعتدنا على المعاكسات والضرائب وأسعار الدقائق المرتفعة والسياسة التجارية البحتة في التعامل، أما أن يصل الأمر لانتحال الشخصية والتسول بأسمائنا وإراقة ماء وجوهنا.. فحتى هنا وعلى هذه الشركات أن تعلم أن عالمها لم يعد يمت للجمال بصلة. { تلويح: أتمنى من كل الأصدقاء والقراء الأعزاء عدم التجاوب مع أي جهة تستخدم اسمي أو صفتي الصحفية دون الرجوع إلى الصحيفة. وقانا الله وإياكم شر الاتصالات..