{ أحلم بإجازة خيالية!! وإذا سألتموني عن معناها، سأقول لكم إنها - ببساطة - لا تعني أن أسافر إلى المريخ، أو أنام مئة عام، أو أتسوق من «هارودز»، أو أتسكع في «الريفيرا»... على اعتبار أن كل هذه الخيارات تعد «خيالية» وفق أوضاعي المنطقية الراهنة، ولكنها قطعاً ليست ببعيدة عن مشيئة الله. { إن الإجازة الخيالية المستحيلة التي أنشدها تتمثل في مجرد يومين لا أكثر أقضيهما وفق البرنامج الآتي: أريد أن أستمتع بحياتي ونفسي، أن أستيقظ عندما يريد عقلي الاستيقاظ وبعد أن يأخذ جسدي كفايته من النوم وينعم بالراحة الكاملة، وآكل وجباتي الخفيفة المفضلة، وأحتسي القهوة كيفما شئت، ولا أدخل إلى المطبخ إلا وفق مزاجي الخاص، وأن أخرج لتناول الغداء عند صديقتي المفضلة وأقضي لديها الوقت الكافي، ثم أعرج على سوق قريب لأتسكع وأتسوق كما يحلو لي، وأرتاد أحد المنتديات الثقافية العامرة عند المساء، ثم أخرج لتناول العشاء أو التسامر مع صديقاتي وزملائي على النيل، وأعود إلى المنزل لأجلس إلى «النت» حتى الساعات الأولى من الصباح، ثم أخلد إلى النوم في سرير منفصل دون أن يشاركني أحد أبنائي أو أصغرهم تحديداً الفراش، لأنهض في صباح آخر جديد بإذن الله مرة أخرى وفق مزاجي واختياري الخاص لزمن النهوض المطلوب. { إنها ببساطة إجازة لا أكون مرغمة فيها على الاستيقاظ قبل شروق الشمس والنوم متعلق بأجفاني وأكاد من فرط نعاسي أبكي، ولكنّي ملزمة بإعداد السندوتشات وشاي الصباح وإيقاظ الصغار وتجهيزهم الكامل للدوام المدرسي، وكثيراً ما تباغتني صغيرتي باستيقاظها هي أيضاً في ذلك الوقت غير الملائم لتبدأ في الصراخ بينما أنا منهمكة مع إخوتها أسابق زمن «الترحيل». { وحالما خرجوا من المنزل تباعاً أبدأ في القيام بواجباتي المنزلية والتفكير في ما يجب أن أعده اليوم من طعام وكيفية الحصول على مكوناته حتى وإن كان طعاماً لا أستلذه ولا أشتهيه، فقط هو يتوافق مع جدول أسرتي الغذائي ويتفق مع أهوائها. كل هذا وصغيرتي تلح في إرغامي على حملها.. لا تهدأ.. ولا تقدر أوضاعي ولا تتركني لأكمل ما بين يدي، حتى إذا ما هدأت وخلدت إلى النوم تجدني لا أهنأ بتلك الهدنة ولا أستلقي سعياً وراء راحة مستقطعة، ولكنّي ألهث عساني أكمل جل التزاماتي قبل أن تصحو من جديد حيث يتزامن ذلك مع عودة الآخرين إلى المنزل ليبدأ المسلسل اليومي المعتاد من الضجيج والشكوى والمطالبات، ثم يحل المساء لنبدأ في المذاكرة والاستحمام وحل الواجبات والعشاء ثم الخلود إلى النوم حيث يبدأ زمني الخاص للقيام بما عليّ من التزامات أدبية ومهنية في كتابة وقراءة وتواصل إسفيري والبحث عن أهم القضايا والمواضيع الرسالية الهادفة التي أنتهي منها عند الساعات الأولى من الصباح فلا ألبث أن أغمض عيني حتى أستيقظ مفزوعة من جديد على صوت المنبه الحاد معلناً بداية يوم جديد بذات الملامح القسرية. { فاتني في كل هذا أن أحدثكم عن وظائفي الأخرى كابنة تحن لتفقد والدتها يومياً وكزوجة تقوم بواجب رعاية زوجها والوقوف على تفاصيله، وكصديقة، وكجارة وككاتبة عليها أن تتلقى الرسائل والاتصالات بكل رحابة صدر لترد بعض جمائل قرائها عليها. { إنني ببساطة لا يمكنني القيام بأي شيء وفق مزاجي الخاص، فكل تفاصيلي اليومية سلسلة من الالتزامات ورغم ذلك أشعر بالسعادة كوني موجودة ومهمة وفاعلة حتى وإن كان ذلك على حساب رغباتي وأحلامي وطاقتي الجسدية والذهنية ولهذا أنصح كل الأحرار بالاستمتاع بمطلق حريتهم لا سيما في النوم كما يجب، وحسب متطلباتهم الصحية وقبل أن يبدأ هذا العذاب اللذيذ كمرحلة متكاملة في حياتنا. { تلويح: كم أبحث لنفسي عن لحظة أفكر فيها في نفسي!!!