نهاية قد تبدو بذات طعم ومذاق البداية.. طار عقار الذي أراد أن يصبح إمبراطوراً بطائرة خاصة تتبع للجيش الشعبي في الرابعة من مدينة الكرمك إلى جوبا بعد أن كون غرفة للمتابعة بمدينة الكرمك.. أما الحركة الشعبية فقد أكدت معلومات تحصلت عليها (الأهرام اليوم) فتحها لجسر جوي بين يابوس جنوب غرب الكرمك ومدينة جوبا.. وأفادت ذات المعلومات أن عبد العزيز الحلو يدير غرفة عمليات من داخل جوبا وفرتها له الحركة الشعبية بعدما وفرت الأسلحة والذخائر وكافة العتاد الحربي، بالإضافة إلى أن الحركة أجلت رعاياها من الجرحى والمدنيين لتلقي العلاج هناك. ومنذ أن تم إعلان فوز مالك عقار بمنصب والي النيل الأزرق إلى أن أعفاه السيد رئيس الجمهورية بموجب مرسوم دستوري وتعيين حاكم عسكري خلفاً له.. بدأت الأمور تلبس ثوباً آخر.. فالرجل ظل يتمترس بتلك الولاية الاستثنائية في كل شيء، هكذا كان يراها عقار نفسه وظل يطلق من تلك النافذة تهديداته بالعودة إلى الحرب وإلى التمرد ضد المركز كما شاء، رغم التناقضات البائنة في خطابه القائلة بألا فرصة ولا سانحة للرجوع إلى الحرب مرة أخرى بربوع النيل الأزرق. وظل عقار يردد القول بألا عودة إلى التمرد وعقب أحداث كادوقلي في يونيو الماضي قال عقار: «لن تطلق طلقة واحدة ما دمت على رأس هذه الولاية». إلا أن أخطر تصريحات عقار التي وصفها محللون بأنها غير مسؤولة؛ قوله أمام حشد كبير للحركة الشعبية بمدينة الكرمك في العام 2008 عندما قال: «إذا انفصل الجنوب سوف ننفصل وينضم الشرق لإريتريا والنيل الأزرق لإثيوبيا ودارفور لتشاد»، إلا أن حكاية ضم النيل الأزرق إلى إثيوبيا لا تدهش كثيراً فقد كررها عقار مراراً.. بل أنه حاول توطين الثقافة الإثيوبية بولايته وشيد لذلك مركز عقار الثقافي الذي يعج بالتراث والرقص الشعبي الإثيوبي. ويرى مراقبون أن عقار ظل ومنذ توليه رئاسة الولاية يمسك بالعصا من المنتصف؛ فحيناً يبدي تذمره وتململه وتمرده ضد المركز، بينما يبدي حيناً آخر تجاوباً مع المركز في إطار الحفاظ على مصلحة ومكتسبات ولايته، إلا أن أحداثاً تزامنت مع المشورة الشعبية عصفت بتلك الإيجابيات وربما أرسلت إشارات أخرى سلبية تؤكد ما خفي من نوايا وقد تؤكد أيضاً أن الرجل ينفذ أجندة غيره في المنطقة. قرابين جديدة ويرى مراقبون أن عقار ربما أراد تقديم قرابين جديدة لحكومة الجنوب بهدف كسب الرضا خاصة عقب الأخبار التي تناولتها وسائل الإعلام المحلية التي أكدت أن الرجل ظل يركض من مكتب إلى آخر طيلة شهر كامل قضاه في جوبا على أمل لقاء الرئيس سلفاكير رئيس حكومة الجنوب، لكن الأمر استعصى عليه. حافز الهجوم لم تمضِ سوى أيام قلائل على استلام منسوبي الجيش الشعبي بالنيل الأزرق مرتباتهم إلا وانفجر الوضع هناك بصورة مفاجئة، فقد أكدت معلومات مسبقة قيام الجيش الشعبي هنالك بحشد وتجميع قواته قبل الثلاثين من أغسطس واستدعاء القيادة السياسية والعسكرية للحركة الشعبية إلى مدينة الكرمك، وتزامن ذلك التحرك مع إخلاء منازل كبار القادة العسكريين والسياسيين بالدمازين. وصرفت قوات الحركة الشعبية مرتباتها المتراكمة طيلة الشهور الماضية على ما يبدو كحافز لتنفيذ مخطط الجنوب الجديد لتكون البداية هذه المرة بالهجوم علي البوابة الجنوبية واستهداف القيادة والمنطقة الصناعية وهي المناطق الحيوية بمدينة الدمازين، بالإضافة إلى مناطق خارج مدينة الدمازين من بينها «دندرو» و«أم درفة» و«اولو» و«ود الماحي»، لتؤكد آخر المعلومات الواردة إلى الصحيفة أنه إثر ذلك نزح الآلاف من المواطنين شمالاً بحثاً عن الأمن والاستقرار.