يا للهول !! ذات سيناريو ولاية جنوب كردفان يتكرر في النيل الأزرق.. وانتابت المواطنين حالة من الذهول نتيجة لعلعة الرصاص وهجرة أسر قيادات الحركة الشعبية السياسية والعسكرية إلى الكرمك.. قبل أن تنتصف ليلة الخميس الموافق 1/9/20011م انهمر الرصاص كزخات المطر في الولاية التي كُتب عليها العيش في ظل الحرب.. تضاربت الروايات حول من أطلق الرصاص في بداية الأمر.. رئيس الحركة الشعبية الفريق مالك عقار قال طبقاً لما أوردت فضائية (الجزيرة) إن المواجهات المسلحة سببها إطلاق القوات المسلحة النار على ثلاث سيارات تتبع للجيش الشعبي في طريقها إلى الكرمك، بجانب تكثيفها تعزيزاتها الأمنية قبل (5) أيام.. بيد أن المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد قال إن مدينة الدمازين و(4) مناطق أخرى تشمل (دندرو، أولو، أم درفة، وود الماحي) تعرضت إلى هجمات مسلحة من الجيش الشعبي بدأت حوالي الساعة التاسعة مساء من الخميس الماضي. (1) كشف المتحدث باسم وكالة الأممالمتحدة للاجئين «بيتر دو كليرك» عن وقوع اشتباكات بريّة بالولاية، مما أجبر المئات على الفرار إلى دولة إثيوبيا، لافتاً إلى عبور ما بين (2500 - 3000) شخص الحدود إلى إثيوبيا. ويقول المراقبون للأوضاع إن الجيش الشعبي حال تصويبه للطلقة الأولى في النيل الأزرق فإنّه يسعى لإثبات وجوده في الولاية والإشارة القوية إلى ضرورة حل قضيته المنفصلة عن انتمائه للجيش الشعبي لتحرير السودان.. والانطلاق من النقطة السابقة لإعادة التفاوض حول مكاسب قطاع الشمال في الحركة الشعبية من اتفاقية السلام الشامل بعد مشاركة في الحرب زادت على العشرين عاماً بما أشار إليه قادة هذا القطاع بنيفاشا(2).. أمّا الهدف الذي تسعى لتأكيده القوات المسلحة فهو تطبيق اتفاقية الترتيبات الأمنية التي تنص على انسحاب جيش الحركة الشعبية جنوب حدود 1956م بغض النظر عن انتماء أفراد هذا الجيش، سواء لأهل الجنوب أو الشمال.. ومع تسارع وتيرة الاقتتال بالنيل الأزرق دعت الولاياتالمتحدةوالأممالمتحدة إلى وقف الاقتتال في ولاية النيل الأزرق وأبدتا قلقهما البالغ لما يحدث هناك، وذلك بالتزامن مع إعلان الرئيس عمر حسن البشير حالة الطوارئ في الولاية، ويخشى المراقبون توسع القتال، وربما تحوله إلى حرب مع دولة جنوب السودان. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية «فيكتوريا نولاند» إن واشنطن قلقة للغاية من اندلاع القتال في مطلع سبتمبر بين القوات المُسلحة والجيش الشعبي بولاية النيل الأزرق، وكذلك لاستمرار تعبئة قوات الطرفين، ودعت المتحدثة الطرفين إلى وقف الاشتباك وحماية المدنيين والبدء في حوار من أجل تجنب مزيد من تصاعد العنف، كما دعت القوات الجوية السودانية خاصة إلى وقف ما أسمته القصف الجوي. وجددت واشنطن دعوتها للطرفين إلى السماح بوصول المنظمات الإنسانية وعدم التعدي على حقوق الإنسان بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وفي السياق نفسه أبدى الأمين العام للأمم المتحدة «بان كي مون» عميق القلق لتطورات الأوضاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق، ودعا إلى وقف المعارك والسماح بدخول منظمات الإغاثة، واحترام وقف أحادي لإطلاق النار أعلنه البشير الشهر الماضي لأسبوعين. (2) على صعيد التطورات الميدانية علمت (الجزيرة نت) من مصادرها في وقت سابق بولاية النيل الأزرق أن القتال لا يزال جارياً داخل مدينة الدمازين عاصمة الولاية وخاصة في حي الزهور، كما أفادت المصادر اغتيال علي بندر نائب والي النيل الأزرق المُقال مالك عقار، وأضافت المصادر أن سبب الاغتيال اتهام بندر بإفشاء خطط الوالي العسكرية. لكن الحاكم العسكري للولاية أكد أن الأوضاع في مدينة الدمازين هادئة تماما. وكشفت المصادر أن القوات المسلحة تطارد الجيش الشعبي في أطراف الولاية فيما تحكم السيطرة على مدينة قيسان، في وقت يتحصن فيه جيش عقار بمدينة الكرمك على الحدود السودانية الاثيوبية. كما علمت (الجزيرة نت) أنه تم سحب مالك عقار بواسطة طائرة تابعة للأمم المتحدة إلى كينيا، في حين لا يزال العشرات من أعضاء حكومة الولاية والمدنيين محتجزين في مدينة الرصيرص المجاورة للدمازين التي انسحبوا منها قبيل اندلاع القتال. وأضافت المصادر أنه جرى اعتقال القائد العسكري لقوات الحركة الشعبية في مدينة الدمازين ونحو مائة من المقاتلين، فضلاً عن عدد من القيادات الوسيطة في حكومة الولاية ووسطاء من المنطقة من بينهم محافظ الرصيرص أحمد الشكري. (3) ونسب مدير مكتب الجزيرة في الخرطوم إلى مصادر حكومية سودانية قولها إن الحركة الشعبية كانت قد أجلت عائلات قيادييها من الدمازين إلى الكرمك استعداداً في ما يبدو للهجوم. وتحدث شهودُ عيان عن مئات من السكان نزحوا عن الدمازين على متن السيارات وعلى ظهور الخيل والحمير، أو مشياً على الأقدام. (4) وتأتي هذه التطورات بعد إعلان الرئيس عمر حسن البشير حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق بعد مواجهات بين الجيش والقوات الموالية للحاكم المقال «مالك عقار» القريب من المتمردين الجنوبيين السابقين.. فيما أكدت مصادر عدلية وقانونية أنه يجوز لرئيس الجمهورية أو من يفوضه بالتشاور مع رئيس القضاء أن يشكل محاكم خاصة ابتدائية واستئنافية لمحاكمة أي متهم ويحدد الإجراءات التي تتبع في المحاكمة.. ونص مرسوم حالة الطوارئ أيضاً على أنّه يجوز للسلطة المختصة حسب الحال بعد التشاور مع وزير العدل ووزير الداخلية إنشاء نيابات خاصة للتحري والتحقيق وتولي الاتهام وفق أحكام هذا المرسوم. (5) وعزل البشير والي ولاية النيل الأزرق مالك عقار في خطوة اعتبرها الأمين العام للحركة الشعبية قطاع الشمال - غير المسجل - «ياسر عرمان» ضربة سياسية وعسكرية للدستور ولاتفاق سلام 2005، وإرادة الشعب.. وكان القتال قد اندلع في ولاية النيل الأزرق مساء الخميس بعد تعزيز للقوات في النيل الأزرق وتحذيرات من انتقال الصراع المستمر في ولاية جنوب كردفان المجاورة منذ ثلاثة أشهر عبر الحدود إلى جنوب السودان.. وتحدث والي النيل الأزرق المقال مالك عقار، ل (الجزيرة) عن هجمات استهدفت مواقع الجيش الشعبي بالدمازين عاصمة الولاية بما فيها منزله، ووصف ذلك بأنه امتداد لما يحدث في جنوب كردفان وأبيي القريبتين. وقال بيان للحركة الشعبية قطاع الشمال (إن الهجمات استهدفت منزل عقار، رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال - وهو ما تبقى من الحركة الشعبية الجنوبية بالشمال - وموقع قائد القوات المشتركة في ولاية النيل الازرق «جندي سليمان» عند مدخل مدينة الدمازين عاصمة الولاية، ومركز مالك عقار الثقافي). وأضاف البيان أن عقار لم يصب بأذى غير أن الهجوم تكثف بعد ذلك ليشمل كافة مواقع الجيش الشعبي، دون تقديم تفاصيل عن خسائر بشرية. (6) اتهم المتحدث باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد قوات من الحركة الشعبية بمهاجمة الدمازين ومناطق أخرى، قبل أن تُدحر ويبسط الجيش سيطرته على المدينة، حسب تعبيره.. وقال إن ما حدث يؤكد تصريحات لعقار قبل أسبوع دعا فيه شباب النيل الأزرق إلى التأهب للحرب. وطالبت الحكومة مقاتلي الحركة بالاستسلام أو مواجهة الاعتقال. وتبدو الحكومة الآن في وضع المسيطر على زمام الأمور فيما لم تتضح بعد الخطة البديلة للوالي المقال مالك عقار.