عشية الخميس الماضي وعندما كانت اللجنة السياسية لتحالف المعارضة فرغت لتوها من صياغة مبادرتها الخاصة بطي صفحة الحرب بجنوب كردفان تمهيداً لتشكيل وفدين من رؤساء الأحزاب لتسليمها للبشير وعقار؛ كانت الأوضاع بالولاية (التوأم) قد سلكت طريقاً مشابهاً إن لم يكن مطابقا لطريق توأمها، فوقتها كانت زخات المطر التي تعد الدمازين حاضرة ولاية النيل الأزرق (قمحاً ووعداً وتمني) قد توارت (خجلاً) أمام (البارود) الذي طوقها بطريقة تؤكد دون ريبة أنه لا شفاعة (لنوبل) وإن بعث رسولاً للسلام من جديد، فسارعت الهيئة العامة لتحالف المعارضة بلملمة أطرافها التي وزعتها عطلة العيد لتعقد اجتماعاً طارئاً صباح السبت لتدارك ما تسميه وتحذر منه مراراً وتكراراً: (الانفجار الكبير)..!! (1) اجتماع الهيئة العامة خلص إلى عقد اجتماع عاجل لرؤساء الأحزاب لاتخاذ القرارات المناسبة تزامن مع دعوة رئيس الجمهورية المشير عمر البشير لرؤساء الأحزاب السياسية المعارضة والموالية لإبلاغهم بتطورات الأوضاع بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان والاستماع لرؤاهم حولها، ويومها كان واضحا أن انقساما (غير معلن) داخل التحالف سيتجلى عبر الموقعين بمحضر الاجتماع الرئاسي في حين كان مؤكدا أن الأمين العام للمؤتمر الشعبي د. حسن الترابي وصنو موقفه من النظام سكرتير عام الحزب الشيوعي محمد إبراهيم نقد سيكونان من الغائبين عن عمد وهو ما تم فعليا بينما بعث رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي نائبه اللواء فضل الله برمة ناصر لينوب عنه وبعث رئيس الاتحادي الأصل مولانا محمد عثمان الميرغني عضو الهيئة القيادية منصور العجب خليفة له وهو ما أثر بالضرورة على فاعلية الاجتماع الرئاسي وما تنتظره الحكومة من دعم قوي ومعلن لها من قبل أحزاب المعارضة في وجه حليفها التاريخي الحركة الشعبية لكبر ما اقترفته من وزر طبقا لتصريحات القادة الحكوميين. (2) اجتماع رؤساء المعارضة التأم أمس (الاثنين) بقاسم مشترك مع اجتماع البشير متمثل في غياب الترابي ونقد وبينما حالت الظروف الصحية للثاني دون التوقيع في دفتر الحضور على خلفية إجرائه لعملية جراحية مؤخرا طبقا لما قاله عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صديق يوسف الذي ناب عنه في الاجتماع ل (الأهرام اليوم)، قال المسؤول السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر للصحيفة إن الترابي فوضه بجانب نائبه عبد الله حسن أحمد لحضور الاجتماع رافضا أن يكون السبب في ذلك توتر العلاقة بينهم وحزب الأمة القومي مستشهدا باجتماع تم بينه والصادق المهدي قبل أيام اتفقا فيه على وقف التصعيد الإعلامي وطي الخلاف وتكثيف المشاورات بينهما حول القضايا الوطنية بجانب اجتماع آخر تم بين المهدي ووفد من حزبه طرح فيه الأول مبادرته الخاصة بعقد مؤتمر قومي، ووصف (عمر) العلاقة بين الحزبين بالمتقدمة جدا مؤكدا أن تحالف المعارضة أكثر تماسكا من أي وقت مضى وأن الجهود كلها منصبة نحو حلحلة أزمات البلاد دون الالتفات لغيرها. (3) اجتماع الرؤساء أدان الحرب التي اندلعت بولاية النيل الأزرق وناقش مسودة مذكرة معنونة (بإعلان السودان) تهدف لإنهاء الحرب وكلفت اللجنة السياسية للتحالف بصياغتها على أن يعلنها الرؤساء في مؤتمر صحفي اليوم (الثلاثاء) بدار حزب الأمة، وقالت المسؤول الإعلامي لتحالف المعارضة د. مريم المهدي للصحفيين عقب الاجتماع إن المذكرة تشمل الشروع في تعبئة شعبية شاملة بكل أقاليم البلاد خلال هذا الأسبوع وفقا لخطة محكمة لإنهاء الحرب ودعوة لتقصي الحقائق فضلا عن عقد لقاءات مع أعضاء السلك الدبلوماسي. وبمقاربة سريعة لمخرجات الاجتماع نجد أن المعارضة عزفت عن تحميل أي طرف مسؤولية تفجر الأوضاع بالولاية الحدودية مع جنوب السودان وإثيوبيا بل اكتفت بالإدانة وتأكيدها على تركيز جهودها لوقف الاقتتال وغوث المتضررين وهو موقف يرى كثير من المراقبين أنه من الضرورة بمكان إن كانت القوى السياسية راغبة في التوسط بين طرفي الصراع الأمر الذي يستوجب الحياد رغما عن تحالفها القائم مع الحركة الشعبية. إلا أن السؤال المحوري هو عن قدرة المعارضة على إنفاذ ما أعلنته وهو تحريك الشارع للضغط باتجاه وقف الحرب في مثل ظروف كهذه وهو تحرك إن قدر له أن يكون سيضعها في مواجهة مباشرة مع الحكومة التي آخر ما تأمله هو خلق ميدان معركة جديد بعاصمة البلاد في ظل الاحتقان الداخلي وما تمر به المنطقة عموما من تحركات شعبية الأمر الذي قد يسهم في تغيير أجندة الخروج إلى الشارع من وقف الحرب إلى هدف المعارضة الأساسي المتمثل في إسقاط النظام، ليبقى الأسبوع الحالي هو الفيصل لمعرفة قدرة المعارضة من عجزها عن القيام بدور فعال في وقت مفصلي بالنسبة للجميع.