دا الشارع كم غناك إيقاع.. كم صفّق لحنك مشتاقين.. والقمرة الفاردة جناحه أمان.. والزير والبيت غربال الطين.. والفُقرا وكل الحواشات.. والناس اليوم ماكلين بالدين.. سائلين عنك حا تجينا متين؟ وأنا أسأل عنك كل مسافر ردت إليه الأقدار بضاعة أحبته فتهافتت الأشواق وانتشت أذن الزمان بصوت غنائه المملوء باللقيا وبالفرح الذي إن غابت الدنيا يدون نفسه في دفتر الأيام والدنيا حضور.. أسائل عنك أنين القمر حينما يغمض جفنيه فيقاوم النعاس حدّ الألم حتى يمدنا بالضوء.. أسائل عنك أشعة الشمس عند كل إطلالة وصوب كل تنفس للصبح لأدرك أنك أنت من (أيَّنت) هذه الأشعة بكثير من البعد فلاحق الأعين ضرر جم.. أنت من تاهت عنده الخطى توهماً فعادت وهي تسب هذا الدرب الذي سلكته عن خطأ فوجدتك حين العودة إلى الصواب.. أنت من لم أترك له وطناً ولا بيتاً ولا باباً لم أطرقه بحثاً عنه.. والآن ومرة أخرى تمارس لعبة الاختباء.. أكرهها جداً هذه اللعبة التي جعلت حياتي جحيماً.. أكره لعبة (السك سك) لأنها تعني الانتظار، وأنا تؤرقني جداً هذه المفردة. يؤلمني جداً هذا الإحساس الذي يعتريني عند كل محطة في الحياة خلف نافذة مغلقة وسيظل يراودني سؤال ملح جداً: متى ستسرد الحياة بريقها من يد الفراق.. ومتى ستزاول نشاطها في العروق حتى أعود فأحسها مرة أخرى؟ متى ستعود؟ أترى سأدفع من عمري وسعادتي ذلكم الثمن الباهظ الذي دفعته قبل أن ألتقيك مرة أخرى؟ ومرة أخرى ستنزفني القصائد جرح قافية تعمدت التسرب عن طريق الدمع للجرح العميق؟ أو مرة أخرى سأستجدي قدومك من كيان الروح والعشق الغريق؟ أو مرة أخرى تعانيك المداخل كلها سعة وضيق؟ أو مرة أخرى؟ وما للقلب غير هواك في الدنيا طريق؟