لا أحد ينكر أهمية تركيا في هذه المنطقة من العالم فهي قوة عظمى داخل إقليمها ويتيح لها ارتباطها القديم بالعالم العربي والإسلامي الذي كانت تتزعمه من خلال الخلافة العثمانية وارتباطها الحديث بأوروبا والولايات المتحدةالأمريكية من خلال العلمانية التي أخذت بها منذ العقد الثالث من القرن الماضي وقربها الجغرافي من القارة العجوز أوروبا ومن خلال انتمائها إلى منظمة حلف شمال الأطلسي وسعيها للانضمام للاتحاد الأوروبي؛ يتيح لها ذلك أن تحظى بوضع متميز في الشرق الأوسط، وكانت لتركيا علاقة قوية مع أحد أقوى أقطاب هذا الشرق وهي دولة إسرائيل لكن هذه العلاقة تراجعت في الآونة الأخيرة ورنا البعض من داخل القطب الآخر الذي هو العالم العربي إلى تطوير العلاقات العربية التركية ولم يخف كثير منهم إعجابهم بالنموذج التركي ودعوتهم لتحقيقه في أقطارهم وقد لقيت هذه الدعوة صدى أكبر في مصر بعد أن أطاح شعبها بالرئيس محمد حسني مبارك بالثورة النبيلة الأنيقة التي فجرها في 25 يناير الماضي. وفي الأخبار أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان سوف يزور مصر الأسبوع المقبل وسوف يجري مباحثات مع مسؤوليها تستهدف إبرام اتفاقية تعاون إستراتيجي بين البلدين تشمل النواحي العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية وتأتي هذه الزيارة في أعقاب الأزمة التي اعترت العلاقة بين تركيا وإسرائيل جراء التقرير الذي صدر من الأممالمتحدة بشأن حادث الاعتداء الإسرائيلي مايو 2010 على أسطول الحرية في البحر الأبيض المتوسط ومقتل تسعة من المواطنين الأتراك. وكنا قلنا أمس إن هذا التقرير كان يجامل إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية أكثر مما كان يستهدف إجلاء الحقيقة، وذكرت الصحف الإسرائيلية أن ما صرح به وزير الخارجية التركي قد يؤدي إلى حدوث مواجهة عسكرية بين البلدين وكان الوزير التركي قال إن بلاده سوف تتخذ من الإجراءات كل ما ترى أنه ضروري لتأمين الملاحة في شرق البحر الأبيض المتوسط وقالت صحيفة حريات التركية إن تركيا سوف تقوم بحراسة السفن التجارية التي تحمل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وسوف تضمن حرية الملاحة في شرق البحر الأبيض المتوسط وكما قلنا فإن سحب تركيا لاعترفها بإسرائيل غير وارد لكن التأزم الذي يعتري العلاقات بينهما يوفر مناخا ملائما تستطيع السياسة العربية أن تستثمره في ما يمكن أن يؤدي إلى تحقيق مصالحها أو إلى الاقتراب من تحقيق هذه المصالح ومن هنا كان هناك شيء من الأمل معلقا على الزيارة التي سوف يقوم بها قريبا إلى مصر رئيس الوزراء التركي أردوغان والمحادثات التي سوف يجريها مع المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة والدكتور شرف رئيس الوزراء.