{ شرعت الجامعات (الحكوميَّة) في فتح (كناتينها).. أو (كليَّاتها).. لا فرق.. وبدأ الطلاب يغذُّون (التعليم العالي والغالي) بأموال أهلهم (الغلابى).. وبهذه المناسبة (السنويَّة) نعيد كلمات قلناها من قبل في هذا الامر. { من الأمور المحيِّرة في بلدنا - على كثرتها - لغز اسمه (رسوم الجامعات).. حيث (يدفع) الطالب ليتعلّم..!! وهو دفعٌ لا يكون دائماً (بالتي هي أحسن).. ويلتزم به الطالب اتقاءً للائحة (الحظر) من الجلوس للامتحان..!! { تطلب الجامعات لتحديد رسوم الطالب شهادةً براتب والده (المهدود).. وفي نفس الوقت تفرض (حدّاً أدنى) لا يدفع الطالب أقل منه..!! وهذا معيار (معطوب).. إذ أن أغلب الطلاب هم من أبناء (الموظفين) و(العمال).. أو تجد آباءهم أشباه عاطلين إن كانوا عمّال (يوميّة).. والجامعات (الحكوميّّة) - والدولة قبلها - (أدرى) بأحوال هذه الفئات التي تكابد لتعيش.. مطحونةً بين (السوق المطلوق).. و(الدخل الممحوق).. ناهيك عن العلاج ومصاريف التعليم اليوميّة.. إذ لا تكفي أكثر الطلاب بؤساً (خمسة جنيهات)..! ناهيك عن مصاريف (الطالبات).. وما أدراك ما هي..!! { ثم نعرِّج على (المليارات) المدفوعة.. نعم.. (المليارات).. فكم (تجبي) الجامعة (الواحدة) سنويّاً من الطلاب النظاميين - وهم بالألوف - ومن إخوانهم (المنتسبين) - ذوي (الدفع الثقيل) - وطلاب الدبلومات - ويا لكثرة ما يدفعون - وأخيراً رسوم الدراسات العليا المليونيّة لكل طالب على حدة..! ويزيد على ذلك في دخل التعليم العالي ما تدفعه (الجامعات الخاصة)..!! { إذن: هل سياسة الدولة أن (تكتفي) الجامعات و(تكفي) الدولة عنت الصرف على التعليم العالي..؟! { لا يقولنَّ أحدكم إن الجامعات لا تحرم طالباً من الامتحان لعدم دفع الرسوم.. وإلاّ لما أرهق الآلاف من أبناء الفقراء أهلهم بما لا يستطيعون.. ووسَّعوا عليهم (دائرة الديْن) التي لا فكاك لهم منها..! { نعم.. رُبّما جلس البعض من (غير الدافعين).. بعد وساطة وأجاويد من (الاتحادات).. لكنها غالباً تصير رسوماً (مُرحَّلة) إلى العام التالي.. وإن كان من لم يدفع خريجاً فلن يجد سبيلاً إلى (رؤية) شهادته.. إن لم يُعد في زمرة (الدافعين)..!! { نقترح.. حفاظاً على (نفسيّة الطلاب).. وترسيخاًَ ل (روح الوطنيَّة) فيهم.. ليحسّوا أن الدولة (علّمتهم).. نقترح، إن لم يكن من سبيل غير (الدفع).. أن تُحدَّد الرسوم بنسبة مئويّة ضئيلة من راتب ولي الأمر، تكون معروفةً ومتفقاً عليها، ويُعفى كل من يعتبر أهله فقراء، تماماً من الرسوم (والفيهم مكفيهم يا تعليم يا عالي ويا حكومة).. مع دعمهم أيضاً..!! { أختم حديثي بعرض إفادة (بليغة) وردت في تقرير لزميلنا الطيب محمد خير، تقول: (كان الشيخ عبد الله أحمد الريح ابن الشيخ عبد الباقي الشهير ب (أزرق طيبة) من الطلاب المبرّزين في دراستهم بالكليّة، وهذا ما جعل إدارة الجامعة ترفض استقالته التي تقدم بها للجامعة بعد وفاة والده أحمد الريح عام 1965م، وكان في نهاية السنة الثانية بالجامعة عندما حاول ترك الدراسة لمساعدة شقيقه "أبو عاقلة" الذي خلف والده على مشيخة السجادة العركية بعد وفاة والده، فالإدارة قطعت عليه حجّته بترك الدراسة بأنه يريد مساعدة أهله في منصرفات أو متطلبات المعيشية وقررت له منحة شهرية (20) جنيهاً حتى لا يترك الدراسة)..!! { كان الطلاب في ذلك الزمن قلة.. نعم.. لكن كانت الموارد - أيضاً - قليلة.. والأمر يتناسب طرديّاً.. وهذه هي (روح الدولة في التعليم).. إن كنتم تعلمون.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.