تمثل الرسوم الدراسية هاجساً ينتاب الجامعات وأولياء الأمور معاً، مع الفارق بين الحالتين، فإدارات الجامعات تلزم الطلاب بدفع الرسوم، بينما أولياء الأمور في حيرة من أمرهم لهذا التصاعد المستمر في الرسوم.. الجامعات الحكومية خاصة تعاني من إشكالية في التمويل لتغطية نفقاتها الأساسية، وبما أن التمويل ضعيف جداً لذلك لجأت أغلبها إلى الحل السهل بالنسبة للجامعات، وهو التوسع في القبول الخاص الذي أصبحت رسومه تقارب رسوم التعليم خارج السودان، ممادفع الكثير من الطلاب للسفر إلى الخارج بغرض التعليم والذي يعتبر في نظر أولياء الأمور أفضل من التعليم داخل السودان، ذلك لأن الجامعات الحكومية أصبحت ضعيفة المستوى الأكاديمي ونشطة في التحصيل المادي، وهذا يرجع إلى استيعاب عدد كبير من طلاب القبول الخاص دون التوسة في الدراسة. ولإلقاء المزيد من الضوء قام المركز السوداني للخدمات الصحفية بعمل تحقيق مع الجهات ذات الصلة بالقضية فإلى مضابط التحقيق... زيادة وتكاليف باهظة ولمعرفة وجهة نظر أصحاب الشأن وهم الطلاب وأولياء أمورهم استطلعنا عدداً منهم، وتحدث إلينا في البدء الطالب محمد علي الذي قال الرسوم الدراسية عبء كبير على كاهل الطلاب وهي تشكل في كثير من الجامعات الخاصة هاجساً يلحق تأثيره على الطلاب والأسرة، وقد يؤدي إلى مشاكل أسرية. واعتبر أن الجامعات الخاصة ترتفع فيها تكلفة الدراسة رغبة نحو الربحية من دون الالتفات إلى مراعاة حالة الطلبة، ويضيف: الفرصة الوحيدة أمامنا هي الدراسة في الخارج نسبة لقلة تكاليفها. وقد وافقه في الرأي الطالب باسل أحمد الذي قال إن الزيادات خرافية وغير مقنعة لأغلب الأسر السودانية. وقد خالفهم في الرأي الطالب وائل جعفر الذي يرى أن الرسوم الدراسية في متناول اليد وليس هناك أزمة كما يقول البعض مشيراً إلى أن نسبته في الشهادة السودانية لم تؤهله للدخول للجامعات الحكومية فدخل جامعة خاصة تقوم بمعاملتهم بكل ذوق. هواجس أولياء الأمور وقابلنا الأب فتحي أحمد وقال الرسوم الدراسية هاجس راودنا كثير ولكن ما باليد حيلة، فإذا لم نوفر رسوم أبنائنا فهم يحرمون من الدراسة والزيادة الخرافية التي تحدث بالجامعات الحكومية والخاصة في تقديري غير مقنعة من عدة نواح والآباء لا يستطيعون أن يوفروا رسوم أبنائهم، وأتمنى من الجهات المختصة التدخل في الأمر. زيادة غير متوقعة وصفت مزاهر إبراهيم محمد سعيد أمين الشؤون العلمية للاتحاد العام للطلاب السودانيين زيادة رسوم الجامعات لهذا العام بأنها ملحوظة في القيمة للطلاب على مستوى الجامعات الحكومية والمعاهد والجامعات الخاصة، وترى أن هذه الزيادة لها تأثير كبير على الطلاب والأسر فهي زيادة غير متوقعة، لأنها لم تحدث في الأعوام السابقة، وقد لاحظ هذه الزيادة كل المهتمين بشأن التعليم في البلاد والجهات التي تعمل على مساعدة الطلاب ورعايتهم خاصة الجهات التي تُعنى بمساعدة الطلاب المعسرين في الرسوم الدراسية. واعترف حبيب الله المحفوظ رئيس اتحاد طلاب ولاية الخرطوم بأن الرسوم الدراسية باتت مشكلة تواجه الطلاب في كافة المستويات الجامعية، داعياً لتدخل الجهات العليا لمعالجة هذه القضية الهامة التي تؤثر على الطلاب وعلى مستقبلهم. وعن دور الإتحاد في هذا الشأن شدد المحفوظ على أنهم سيصعدون هذه القضية ولن يسمحوا لإدارات الجامعات بزيادة الرسوم الدراسية. تعامل غير لائق تحدث الدكتور عبد العال حمزة الباحث والمختص في شؤون التعليم العالي فقال إنه مع تزايد احتياجات العملية التعليمية سعت الجامعات لإيجاد مصادر تمويل ذاتية وإضافية لتعينها في الإيفاء باحتياجاتها مثل الرسوم الدراسية، ونجد الرسوم المفروضة على الطلاب متفاوتة وفقاً لنوع القبول ونوع الدراسة المقدمة وتشمل الرسوم الدراسية القبول العام والتعليم المستمر والدراسات الإضافية، والدراسة على النفقة الخاصة، والدراسات العليا وهي تحقق الموارد للجامعات الكبيرة، حيث تمثل الرسوم الدراسة نسبة (90%) من الإيرادات للجامعات. وقد استفادت الجامعات من الرسوم في حل كثير من مشاكل تسيير عملها، وأيضاً هنالك تغيير في الرسوم الدراسية من عام لآخر وهذا يرجع إلى رتباط سعر العملة السودانية بالسوق العالمي، والتضارب الواضح بين التوسع في التعليم والخدمات الأخرى، وبين الضغوط المالية كلها تؤثر على نوعية التعليم. ويوضح حمزة أن الكثير من الطلاب ليست لديهم المقدرة على دفع نفقات تعليمهم الجامعي نسبة للظروف المتغيرة، وهناك تعامل غير لائق من بعض الجامعات والكليات يتمثل في منع الطالب من الدخول لحرم الجامعة وحرمانه من الجلوس للامتحان وغيرها، وكلها تعتبر أساليب غير تربوية وأخلاقية، ويجب أن تتضمن سياسة التعليم العالي تمكين أي طالب مؤهل من الالتحاق بأية كلية بغض النظر عن إمكانياته المادية، لذلك تلجأ المؤسسات التعليمية لفرض رسوم دراسية ورسوم تسجيل لتغطية جزء أساسي من عملية التمويل، وتعزى الزيادة لاستثناء بعض الفئات من سداد الرسوم الدراسية. الجامعات تبرر ويدافع البروفيسور أحمد الطيب محمد مدير جامعة النيلين عن الجامعات بالقول أن الرسوم الدراسية تحدد عبر استمارة الطالب التي توجد بها بيانات وملاحظات عن ولي أمر الطالب وحالته الاقتصادية، ودائماً تكون لجنة من الأساتذة لتحديد دخل أولياء الأمور، لذلك تحدد المصروفات على أساس هذه الحالة. ويضيف البروفسير الطيب: بعد تحديد سعر الرسوم الدراسية يمكن أن تقوم إدارة الجامعة بتحصيل تلك الرسوم بطريقة التقسيط حسب الدخل، ولدينا لجنة مكونة داخل الجامعة بتخفيض الرسوم أو إعفاء الطالب منها. ويتفق مع ذلك الدكتور أحمد حسن عميد كلية العلوم الطبية بجامعة السودان بالقول إن الرسوم في العادة تقدر بالوثائق التي يقدمها الطلاب من شهادات دخل ولاة الأمور والحالة الاقتصادية ونوعية الوظيفة، وهناك تصنيفات تنقسم إلى (6) من ذوي الدخل، ولكل واحد رسوم معينة، الأدنى حداً لها (300-350) جنيهاً، وغالبية الطلبة تقع في حدود الحد الأدنى. والرسوم الدراسية لا تبني على التكلفة الحقيقية فالطالب يكلف (3000) جنيه في الكليات العلمية التي تختلف من كلية إلى أخرى وتزيد في كليات الطب لتصل إلى (8000) جنيه، ولكن يضاف إليها رسوم التسجيل والتأمين الصحي وهي غير داخلة في حسابات الجامعة ولكن تذهب إلى هيئة التأمين الصحي باعتبار تأمين الطلاب صحياً مجاناً، وليست هناك زيادة في الرسوم الدراسية. معالجات عاجلة وللاقتراب من القضية أخذنا ري أساتذة الجامعات، حيث قال الأستاذ بلال محمد إن ارتفاع الرسوم الدراسية في الجامعات الحكومية والجامعات الخاصة يرجع إلى وجود جزء من النسبة التي تستفيد منها كل جامعة في دفع عجلة التعليم والدراسة، التي لابد أن تكون في بيئة ملائمة تليق بالطالب الجامعي، الأمر الذي يتطلب أن نقتطع رسوم تدخل مع الرسوم الدراسية من أجل البيئة والمعلم والمكتبة والمراجع، وكل المعينات التي تساعد على انسياب التعليم في الجامعة، ولكن نظراً إلى للوضع الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد والعالم بأكمله فمن المؤكد أن الجامعات وميزانيتها سوف تتأثر به. وميزانية الجامعة لا تكفي احتياجات الجامعة الأساسية، لذلك تلجأ أغلب الجامعات إلى زيادة رسومها الدراسية سنوياً كحل مؤقت ومعالجة فورية توفق من أوضاع الجامعة المعنية، ورغم التمويل الذي تجده الجامعات لكن يظل النقص شيئاً وارداً في أي لحظة، لذلك تأخذ كل هذه المكونات في الاعتبار عند بداية كل عام دراسي جديد. وبدأت الجامعات تكثر من طلاب الدبلومات والنفقة الخاصة الذين يشكلون المصدر الرئيس في تغطية الجامعات لنفقاتها، بل أصبح طالب النفقة الخاصة من أهم الموارد الذاتية. مطافئ التعليم العالي التقينا الدكتور عمر المقلي الأمين العام لوزارة التعليم العالي وواجهناه بالحقائق الماثلة فقال إن الرسوم الجامعية متروكة لإدارة الجامعات والتعليم العالي لا علاقة له بها، لكنه نبه إلى أنه في حالة استفحال مشكلة الرسوم في أي جامعة للدرجة التي تصبح مهدداً لاستقرار الجامعة فبالتأكيد فإن وزير التعليم العالي يقوم بالتدخل وله الحق الكامل في ذلك. اتحاد الطلاب حاضر وعن المعالجات للقضية تقول مزاهر إبراهيم أمين الشؤون العلمية باتحاد الطلاب: على مستوى إتحاد الطلاب لاحظنا الزيادة الكبيرة في الرسوم من خلال طلب كثير من الطلاب المعسرين مساعدتهم في الرسوم الدراسية، وبناء على هذه الزيادة قام الاتحاد بخطوات عملية وهي تشكيل لجان عبر اتحادات الجامعات المختلفة التي تمثل الاتحاد، وكان لهذه اللجان دور كبير في تخفيض وتقسيط الرسوم الجامعية. أما الجامعات الخاصة قد تمثلها روابط فاعلة وروابط غير فاعلة. وتُفصّل أمين الشؤون العلمية بالإتحاد الخطوات التي قامت بها اللجان والتي تشمل دراسة أحوال الطلاب عبر استمارة دراسة الحالة التي تملأ عبر الطالب وولي أمره، وعبرها يمكن إيجاد كثير من الحلول، وكمثال لذلك إحدى الجامعات العريقة التي كانت الأكثر في زيادة الرسوم، وعبر اللجان التي كونت ساهم إتحاد طلاب الجامعة في تخفيض وتقسيط وإعفاء كثير من الطلاب، ومازالت هذه اللجان مستمرة. دعم مباشر وغير مباشر وتواصل مزاهر: الآلية الثانية في مساعدة الطلاب هي الدعم المباشر التي يقوم بها الاتحاد العام للطلاب عبر استمارة يملأها الطالب، ويُقدم الدعم من الاتحاد للجامعة مباشرة شهرياً مرفق بكشف للطلاب المعسرين.أما الثالثة فهي عبر اتحاد طلاب ولاية الخرطوم الذي له باع كبير في متابعة الاتحادات الجامعية بالولاية وأيضاً عبر الاتحاد العام، حيث يقدم دعم للطلاب من خلال خطابات تقدم لمديري الجامعات، حول ما إذا كان الطالب يستحق التخفيض أو التقسيط أو الإعفاء، ومن خلال هذه الخطابات تم حل كثير من المشاكل الخاصة للطلاب المعسرين. عموماً الاتحادات الجامعية ليست بمعزل عن الاتحاد العام للطلاب السودانيين لكن الاتحادات الجامعية إدارياً تتبع للاتحاد العام لطلاب ولاية الخرطوم، والرسالة المستهدفة هي العمل سوياً مع إدارة الجامعات لخلق بيئة معافاة مستقرة للطلاب لمواصلة المسيرة التعليمية، وليس لزرع البلبلة وخلق المشاكل التي تؤدي إلى تأجيل الدراسة وتعطيل مسيرة التعليم في البلاد. مقترحات للإقراض أخيراً التقينا مسئول الكفالة والرعاية الاجتماعية بالصندوق القومي لرعاية الطلاب فسألناه ما الذي قدمه الصندوق للطلاب من دعم ورعاية لموجهة زيادة الرسوم الدراسية فقال: الصندوق غير معني بموضوع الرسوم، لأن الرسوم في الأساس هي للجامعات، والجامعات هي مؤسسات وأجسام من الدولة.. فإذا كان هناك مراعاة للرسوم لتخفيضها أو تقسيطها فهذا يتم من قبل الجامعات لأنها الجهة الوحيدة التي تحدد رسومها وكيفية تحصيلها. ويضيف: الصندوق هو جهة داعمة ومساندة للجامعات وللتعليم العالي من خلال القيام بأعباء الخدمات للطلاب والتي تشمل الإسكان، الترحيل، الكفالة، العلاج، الزي بالنسبة للطالبات الفقيرات، دعم حالات خاصة، رعاية اجتماعية، لكن الرسوم شيء خاص، فالصندوق القومي لرعاية الطلاب في بحثه عن موارده وجلبه لتلك الموارد يحاول بقدر الإمكان أن يعطيها للطالب للاستعانة بها في حياته الأخرى التي يتقوى بها على الدراسة وتحصيله الأكاديمي، لكن الصندوق ليس في قانونه ما يتيح له أن يتدخل في الرسوم، لأنه بهذا الشكل سوف يفقد هدفه، ومن ناحية أخرى لا نريد أن يكون الصندوق جهة جابية للجامعات في رسومها. عموماً لدينا مشروع مبشر ننتظر بداياته وهو مشروع الاقتراض (التسليف) فمن خلال هذا المشروع يمكن أن يتدخل في الرسوم بمعنى ان جزء من الإقراض يمكن ان يذهب للرسوم من خلال اتفاقية، وهذه سوف تساعد الطلبة وأولياء أمورهم في معالجة مشكلة الرسوم.