ارتبط شهر سبتمبر فى التاريخ العربي المعاصر بثلاثة أحداث مأساوية أو محزنة؛ هي انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تجمعها مع مصر في دولة واحدة لها رئيس واحد وعلم واحد وعاصمة واحدة ونشيد وطني واحد وعلم واحد، وقد تم الانفصال فى 28 سبتمبر 1961م بانقلاب عسكري نفذ في العاصمة السورية دمشق. والحدث المأساوي أو المحزن الثاني الذي تم في سبتمبر هو ذلك الصراع الدموي المؤسف الذي جرى في الأردن فى سبتمبر عام 70 بين حركة المقاومة الفلسطينية والجيش الأردني، والحدث الثالث هو موت الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970م. ويضيف البعض إلى هذه الأحداث الثلاثة المأساوية أو المحزنة التي حدثت خلال نصف القرن الماضي في شهر سبتمبر حدثاً رابعاً هو وصول العقيد معمر القذافي إلى السلطة بانقلاب عسكري حمل اسم ثورة الفاتح من سبتمبر. وقد كان سقوط دولة الوحدة في 28 سبتمبر 61 حدثاً مأساوياً كما قلنا وبعده لم تقم قائمة لأي تجربة وحدوية جادة في كل العالم العربي، لقد انهار الحلم الكبير وتأكد أن التجزئة في العالم العربي وجدت لتبقى، وأن الوحدة حلم بعيد المنال، وكان الصراع الدموي المسلح بين الفلسطينيين والجيش الأردني في سبتمبر 70 أو ما عرف بأيلول الأسود تجسيداً لهذا الواقع المرير؛ واقع التجزئة الذي يقدم الصراعات العربية على الصراع الأهم الذي هو الصراع العربي الإسرائيلي. وكان موت عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970م حدثاً مزلزلاً هز الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه وأصاب الشارع العربي بإحباط خرافي لم يفق منه حتى الآن. وما أكثر وما أجمل ما قيل وكتب شعراً ونثراً عن ذلك الرحيل المباغت، وللشاعر العربي السوري المرموق نزار قباني أربع قصائد نظمها تعبيراً عن حزنه بوفاة عبدالناصر، وهي رسالة إلى جمال عبد الناصر، وفي ذكرى ميلاد عبد الناصر، وجمال عبد الناصر والهرم الرابع، ومن أبيات هذه الأخيرة نقرأ: ما زال هنا عبد الناصر في طمي النيل وزهر القطن وفي أطواق الفلاحات في فرح الشعب وحزن الشعب وفي الأمثال وفي الكلمات وفي قصيدة ذكرى ميلاد عبد الناصر نقرأ: رفيق صلاح الدين هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمر يحاصرنا كالموت ألف خليفة ففي الشرق هولاكو وفي الغرب قيصر أبا خالد أشكو إليك مواجعي ومثلي له عذر ومثلك يعذر.. وإلخ وأعذب الشعر كما قالوا أكذبه فعبد الناصر على جلالة قدره لم يكن قائداً عسكرياً متميزاً فقد انهزم مرتين، أما صلاح الدين ومن الناحية العسكرية فقد كان قائداً متفوقاً.