{ على طريقة الشاعر والكاتب المسرحي هاشم صديق في قصيدته الشهيرة «شمار سعدية بت جبريل»، جاءت تسريبات الموقع المثير للجدل ويكيليكس هذه المرة ساخنة في ما يتعلق بوثائق الخرطوم، ولكن الإفراط في تكذيبها أو تصديقها لا يدعم الحقيقة بشيء، أكثر من أن السفارة الأمريكية بكواليسها الغامضة أضحت بيتا سيئ السمعة و(مكشوفة حال)..!! ولكن؛ وفي خضم توالي تدفق الوثائق، وفي التوقيت الوطني الحرج مع اشتعال النيران في أطراف البلاد، وترقب البعض إعلان الحكومة الجديدة، في هذا التوقيت يتناوش ذلك التدفق أكثر من سؤال يضع الوثائق نفسها موضع الاختبار..!! { اللافت في مجرى الإشاعات هذه المرة هو غرابة الأسماء، وطبيعة الثرثرة السياسية المفتضحة إلى حد بعيد، بفضل مجهودات الموقع المحصن ضد البلاغات..!! { ورصدت وثيقة أخرى ياسر عرمان وهو يطلب الدعم الخارجي، وبرزت ألسنة ظلت طوال أمد تلوذ بالصمت، أمثال رجل الأعمال أسامة داؤود، وزعيم قبيلة المحاميد موسى هلال ورئيس تحرير صحيفة الرأي العام كمال حسن بخيت، ورئيس التحرير السابق «إدريس حسن» والكاتب بالرأي العام ورئيس قسم الجودة بقناة الجزيرة «جعفر عباس». وطرقت العصفورة الأمريكية منزل مبارك الفاضل.. وواحدة من الوثائق تبرز الدكتور عبد الحي يوسف داعية للاعتدال ونبذ العنف. وبحكم طبيعة الحوار بين السفارة الأمريكية والحكومة السودانية ينال الدكتور غازي صلاح الدين ووزير الخارجية علي كرتي نصيبا مقدراً من تلك الوثائق المعنونة (بسري للغاية). الأمريكان - بحسب تقطيرات ويكيليكس المتسربة - يرفضون مسألة تصنيف صقور وحمائم في المؤتمر الوطني ويعتقدون أن علي عثمان ودكتور نافع وعوض الجاز وصلاح قوش من طينة واحدة، كما احتفت وثيقة مسربة أخرى بحديث للدكتور غازي صلاح الدين في ونسة جانبية مع عضو الكونغرس كيث إيليسون، وتنقل ما وصفته بهمس غازي في أذن صديقه بأن أزمة بنطلون لبنى تطبيق سيئ للقانون من قبل أحد الموظفين الثانويين وليست من الإسلام في شيء، وأنه سيتشاور مع وزارة العدل لسحب القضية. { وثيقة أخرى وضعت الدكتور مضوي الترابي في خانة المزروع وسط الاتحاديين مع أنه في حقيقة الأمر - كما تقول الوثيقة - حزب أمة. موجة الوثائق ألبست المستشار الأمني السابق للرئيس «قوش» معطف الرجل الليبرالي الذي يحذر أمريكا من الإسلاميين المتطرفين، وتضمنت وثيقة أخرى تصريحات غير معهودة أدلى بها موسى هلال للقائم بالأعمال الأمريكي في مأدبة إفطار رمضاني زعم فيه أنه ينتمي للصوفية ولا علاقة له بالإسلاميين. { لم تسلم الصحافة كذلك من تلك الوثائق، وحملت أخرى شهادة أمريكية للراحل أحمد الميرغني تشهد له بالذكاء والمعرفة والخبرة، وعلى مقربة من ذلك تعرضت التسريبات باستفاضة للسفير علي قاقارين، مظهرةً إياه بلبوس (د. جيكل ومستر هايد)، فالرجل تضفي على وجهه (ويكيليكس) قناعين.. السفير نفى بسرعة صحة ما رشح من معلومات، وفي دربه توالت التصريحات التي تدحض صحة ما نشر من قبل أغلب المعنيين، إلا أن البعض ممن عرّضت بهم الوثائق لم يكترثوا للأمر ولم يلقوا إليه بالاً..!! { عموماً؛ لا زال العرض جاريا ووراء الأكمة ما وراءها. السياسيون العتيدون من المعارضين والحكوميين، المديرون التنفيذيون ورجال المخابرات، لعيبة الكرة ورجال الأعمال، أهل الفن والصحافة ورجال الأمر بالمعروف وناس الحلة، الجميع في مكمنه بانتظار ما يجود به السايبر وثورة الاتصالات، يضع العديد منهم أيديهم على القلوب واجفين حذر التسريبات التي تنوء بكل ما هو مثير. لسان حال البعض يبقى: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد، وبيان حال المشهد الذي يلف الجميع يبقى مشحوناً بالترقب..!!