حسناً وخيراً وبركة إن بدأت البلاد دورة جديدة من الحكم، وذلك باكتمال عقد مؤسسة الرئاسة وفقاً للمراسيم الجمهورية التي جاءت بالأستاذ على عثمان نائباً أول لرئيس الجمهورية، والدكتور الحاج آدم نائباً للرئيس. ولعل هذا التكليف وهذا الاختيار قد صادف أهله، فكلاهما أعطى وأسهم وتحمّل المسؤولية والهموم الوطنية، فكان قدرها، وهذا ما يجعل مهمتهما صعبة. ونقول لهما تحملتما الأمانة وأنتما أهلها وسعيكما الذي أفضى بالبلاد إلى ساحات البناء والنهضة الشاملة كان واضحاً، فلفكرهما الثاقب وقلبيهما النابضين وعقليهما المفكرين ووطنيتهما الغيورة، استحقا الاختيار، علماً وفكراً وتفانياً وغيرة. لكن نقول لهما إن المسؤولية جسيمة خاصة وأن عالم السياسة السودانية هو عالم صاخب، الآن جعل من كل البلاد في حالة ترقُّب وحراك تارة إيجابياً وتارة مضاداً من خلال ما نشاهده بين أهل الحكم وأهل المعارضة والقوى الدولية المتربصة والشعب البسيط الذي يقف متفرجاً. وفي هذا الخضم الذي يحمل الفرح والتشاؤم معا،ً في آن واحد، تظل الآمال كلها معلقة على مؤسسة الرئاسة، وسيظل باب الفرح مفتوحاً حتى تمضي مسيرة البلاد استقراراً وأمناً وخيراً ووعداً وتمني. فقضايا السلام والوحدة كانت ولازالت قضايا شائكة، ذلك أن خيوط غزلها كانت هي صنيعة استعمارية خطط لها الاستعمار تخطيطاً محكماً وكأنه يزرع ألغاماً في حقول التاريخ ماضٍ وحاضر، وما أن تمضي مسيرة البلاد بأمان إلا وتتفجر قضايا، فالقضايا الشائكة المتبقية تحتاج إلى زاد بقوة اليقين وإلى قدرة وحنكة بقدرة الإنسان الواثق، والصبر عليها يحتاج إلى رجل من ذلك الطراز الفريد الذي صبر وصابر على السلام ومطلوباته، ذلك السلام الذي كان منذ البداية محفوفاً بالشكوك والقلق من كل الأطراف، وبالتربص الدولي الذي كان ولا يزال. فقناعة الأستاذ علي عثمان في كل هذا المشوار نابعة من أن السلام هو وجهة الإنسان نحو الحياة الآمنة المستقرة. وعلينا -ونقصد هنا القوى السياسية- أن نساعد هذا الرجل في مهامه الجديدة وألا نقصم ظهره، كيف لا وهو لازال من الداعين والمنادين إلى تجنيد حملة وطنية قومية تشترك فيها كل الفصائل والقوى السياسية، كيف لا وهو من المؤكدين على الدوام والداعين لضرورة أن تسمو الوطنية فوق الحسابات السياسية. لكن مع كل ذلك هناك مطلوبات عاجلة نبعث بها لمؤسسة الرئاسة وهي مبنية على الإشارات التي قالها الأستاذ علي عثمان في بعض الإفطارات الرمضانية حيث كانت كلمات الرجل هنا واضحة نلخصها في (سنراجع أنفسنا ونقيم العدل) إذن.. فلنجعل من هذا القول شعاراً للمرحلة خدمياً وسياسياً وتشريعياً.، عليه تظل العدالة والمراجعة هما المدخل الأوفق المطلوب. أي أن الطريق لهذه العدالة هو المراجعة، العدالة مجالاتها ومقصدها هنا هو العدالة السياسية والشراكة وقبل كل ذلك محاربة الفقر والغلاء، نحن معكم من أجل بناء الوطن والأمة ووصولاً للعيش الهانئ لكل الشعب والاستقرار.