{ لا شك أن قضايا السودان السابقة والحالية والمقبلة بذهاب الجنوب أو بغيره، هي قضايا شائكة تحتاج من جميع السياسيين في الأحزاب والمعارضة أن يكونوا على قدر المسؤولية الكاملة وأن يتحلوا بالصبر والحنكة والحيطة والحذر، لأن ما يحيط بنا في المحيط الإقليمي والدول لا يبشر، فبعد أن كنا نقول قضايا السلام والوحدة صرنا نتحدث فقط عن قضية السلام وبالتالي فالكل يجب أن يتجه نحو هذا الهدف، وهذه الغاية. قلنا ولا زلنا نقول إن خيوط جميع القضايا كانت هي صنيعة استعمارية ما أن تمضي مسيرة بلد أو دولة إلا وتنفجر. هذا ما يمكن أن نخرج به في كتاب تاريخنا الطويل المليء بالمرارات والعثرات والنكبات عندما كنا نخوض في قضية السلام والوحدة بهلامية مفرطة في السياق العام إلى أن انكشف المستور. { كل السياسيين، بلا استثناء، مطلوب منهم أن يقدموا دفتر حسابهم، ليس للشعب السوداني بل للتاريخ وكتابه الكبير، هذا الكتاب مفتوحة صفحاته منذ فجر الاستقلال وحتى الآن. { ثلاثة محاور تبدو هي مسار الحركة والفعل والحراك القادم في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان، أولها القضايا المتبقية الشائكة بين الشمال والجنوب حتى لا تحدث الأزمات مع الدولة الوليدة، وتأتي بعد ذلك التنمية كخطوة ثانية التي مطلوب فيها جديد الإرادة السياسية والتقاء الجميع، ولتكن الخطوة الثالثة هي المشاركة السياسية في الحكم. هذه القضايا السهلة الممتنعة لا بُد من أن تجد وضعية وأولوية في أفق وذهن وخيال السياسيين، حاكمين ومعارضين، كما أننا لا بُد من أن نتعامل معها بوعي وإدراك حتى نحقق جميعاً تلبية رغبات ومطلوبات الشعب في التنمية والسلام والحياة الواقعية وليست الحالمة. فيا حاكمين ويا معارضين هلموا إلى كلمة سواء ولا بُد من خطوات مسؤولة تنفذ على الأرض من خلال جدية وصدقية الفعل والمسعى. { فالسعي هنا يستوجب منكم استنهاض قوى المجتمع بكلياته والدولة بكل أجهزتها. وهنا نكرر بل نقول مطلوب وبشدة تحريك الدعوة المخلصة من كرام الحادبين على الوطن التي هي تجنيد حملة وطنية قومية جامعة تشارك فيها كل القوى السياسية والتيارات دون إقصاء أو إبعاد أو تهميش وأن نتواثق جميعاً على ضرورة أن تسمو الوطنية فوق الحسابات السياسية، لا نريد شكوكاً ولا شحناً عاطفياً مضاداً ولا محاولة للتباطؤ في مجابهة التحديات التي تواجه الوطن حتى نحافظ على المناخ الحيوي الوطني الذي توفر وحتى نمكن البلاد من العبور بنجاح. فمن مصلحة الجميع الاتفاق والحوار والتشاور، فلماذا إذن لا ندعم ونعضد خطوة الدعوة للكلمة الجامعة كمقصد وغاية سامية، فالحوار هو لكل سياسي وطني غيور حاكماً ومعارضاً.