هل سينجح المخطط لتمزيق البلاد، أم سيخرج السودان منتصراً؟ سؤال قد لا يطرحه أحد، وقد لا تتوفر له إجابة وافية، فالأحداث التي تحدث متتابعة تشير إلى محاولات المخطط للزعزعة. ليس للعنصر الجنوبي أيّة مصلحة في هذا الوضع، إنما هي جماعات لا تريد لهذا البلد خيراً، سواء مروجو المخدرات أم من وقف وراء تسريب العملة القديمة للشمال، أم من وقف وراء أحداث جنوب كردفان والنيل الأزرق. المناكفات بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني، تشير إلى أن صراعاً قوياً وخفياً يتصدر الأحداث، وكل منهما يسير في الاتجاه المضاد للآخر، أو أن أحدهما يسير في الاتجاه المضاد للآخر، إن صح التعبير، وهذا يتضح من واقع الحال المشاهد، وهو ما يثبت من تدخل أحدهما في شؤون الآخر أو العكس. وهذه النقطة تحسم الإجابة على سؤال: من منهما يتدخل في شؤون الآخر؟ حتى نعرف الأمر على بينة واضحة. عدم حسم الأمور العالقة، يشير إلى مثل تلك المناكفات آنفة الذكر، رغم علمنا أن مثل هذه القضايا العالقة تحسمها اتفاقية نيفاشا والضوابط الملحقة بها، ولكن لماذا تريد الحركة الشعبية جرجرة الشمال إلى حالة عدم استقرار الوضع مرة ثانية؟ ما فعله الحلو وعقار يسفر عن الحالة العدائية النفسية لدى الحركة الشمالية.. هذه النفسية العدائية لدى الحركة يجعلها لا تعرف العيش في سلام أو استقرار أو سلطة، إلا عبر أجواء الحرب والرصاص والتمرد. ولا يعرفون للمدنية طريقاً ولا للحوار منهجاً وأسلوباً. انظروا إلى ما فعلوه في كادُقلي وما حولها، رغم الخراب والنزوح إلا أنها خطوة إلى حالة عدم الاستقرار وهو المطلوب لديهم، وما حدث في الدمازين والكرمك هو نفس السيناريو، وما بين هذا وذاك كانت حرب العملات. فالحركة حاولت إدخال المليارات من العملة القديمة إلى الشمال، لا أعرف مدى صحة طباعتها من تزويرها أم لا، لكن لماذا لم تحسم الحركة أمرها في هذا المجال، ولم تصل إلى تسوية مع الخرطوم، وتريد إغراق الشمال بالعملات، التي تضرب الاقتصاد في مقتل. نحن نعلم أن العروض المقدمة من الوطني للحركة هو شراؤها لبضائع، لكن حسب علمي أن الحركة قد رفضت، وأنها تريد إبدالها بالعملة الأجنبية، مما قابله المؤتمر بالرفض البات، لكن لم نجد مخرجاً حتى الآن مما يسفر عن الرقابة الشديدة من الشمال تجاه أية عملة قادمة من الجنوب، مما جعلنا نشاهد مسلسل حرب العملات داخل أروقة الحرب الاقتصادية. كما نعلم جيداً، أن الجنوب يعيش حالة فقر وجوع شديدين، رغم ملايين الدولارات الذاهبة إليه من عائدات البترول، ولكن بدون أثر للتنمية التحتية لدولة الجنوب، فمن مؤشرات التنمية توفر لقمة العيش الكريم والأمن، وهذان العنصران غير متوفرين في الجنوب، رغم التسليح الكثيف لدى جيش الحركة. ولكن ما ذنب المواطن الجنوبي في ألا يجد لقمة عيش إلا في الشمال أو دول الجوار؟ ومن عاش في الجنوب يعرف الفرق في أسعار السلع بين الشمال والجنوب، فالفرق واضح جداً. ولا أريد أن أقول إن حكومة الجنوب قد فشلت، ولكني أود أن أتساءل: لماذا تترك الحركة أبناء الجنوب هنا في الخرطوم يسكنون في العراء؟لماذا لا توفر لهم المسكن والمشرب؟ بل لماذا لا تسرع بترحيلهم إلى ديارهم بالسرعة المطلوبة؟ فالمشاهد القبيحة لمنتظري الترحيل تشير إلى فشل الحركة - انظروا إلى محطة العزوزاب في الخرطوم - وسلفاكير لا يعلم بهم، وليس لديه علم عبر مخابراته أو سفارته في الخرطوم بأحوالهم. وما أكثر أولئك الذين رجعوا للشمال، والسبب الجوع والفقر وعدم العمل ولا تحقيق لطموحاتهم في المستقبل القريب، إذن.. كيف يريد سلفاكير تسيير أمور دولته؟!