مرت أمس السبت الموافق 17 سبتمبر الذكرى ال33 لاتفاقية كامب ديفيد الشهيرة التي وقّعها في الولاياتالمتحدةالأمريكية عام 1978م الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيجن. وقد أثارت هذه الاتفاقية كثيراً من الاستياء والنقد في العالم العربي وتعرّض الرئيس المصري لهجوم إعلامي شرس وبادلهم هو وصحافته وإذاعاته وتلفزيونه نفس الهجوم، وشذّت دولتان عن هذا الموقف العربي العام ضد مصر وهما سلطنة عمان التي كان يقودها ولا يزال السلطان قابوس والسودان الذي كان يعيش في ظل النظام المايوي بقيادة المشير جعفر محمد نميري، وربما كان موقف السودان محكوماً بالعلاقة الحميمة الخاصة التي كانت تربط السودان ومصر، وبالعلاقة الممتازة العملية التي جمعت بين الرئيسين الراحلين أنور السادات وجعفر نميري. وكان من نتائج تلك الاتفاقية تعليق عضوية مصر في الجامعة العربية ثم نقلها إلى تونس واختيار أمين عام جديداً هو التونسي الشاذلي القُليبي وكانت تلك هي أول وآخر مرة يتولى فيها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مسؤول من خارج مصر. وبعد شهور من اتفاقية كامب ديفيد سار الطرفان المصري والإسرائيلي خطوة أخرى بإبرام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي وقّع عليها في 26 مارس 1979م الرئيس المصري السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي بيجن وتمّ التوقيع أيضاً في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأيضاً برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وبعدها اعترفت مصر بإسرائيل وتبادلت معها التمثيل الدبلوماسي. وكان من أهم الخطوات التي سبقت اتفاقية كامب ديفيد عام 78 زيارة الرئيس السادات إلى القدس وإلقائه خطاباً في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) وسط ذهول العالم شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً. والآن وبعد 33 سنة من كامب ديفيد و32 سنة من المعاهدة فإننا نجد أن التطبيع مثلاً خاصة في مستواه الشعبي لم يتحقق بين مصر وإسرائيل، بل إن الكراهية المصرية لإسرائيل مازالت هي هي، وكان أحدث تجلياتها اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة وحرق العلم الإسرائيلي ورفع العلم المصري بدلاً عنه. ورغم كل السلبيات التي اتسمت بها اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، إلا أنهما حافظتا على سلامة الجيش المصري وحفظتا دماء مقاتليه الأشاوس التي كانت تُراق أكثر من غيرها في الحروب العربية الإسرائيلية. وبعد ثورة 25 يناير صار من الممكن مراجعة الاتفاقية والمعاهدة فهما ليستا نصوصاً سماوية مقدسة وهذا هو الأكثر احتمالاً بعد أن تجتاز مصر الفترة الانتقالية الحرجة التي تعيشها الآن.