بجانب أن تحمل همّ خروف (السماية) لطفلك حديث الولادة هذه الأيام، عليك أن تحتمل الوقت الذي سيستغرقه استخراج شهادة تثبت أن طفلك بالأساس مولود في ذاك الفرح من اليوم الفلاني! فسجل المواليد بثلاثة مستشفيات كبيرة في العاصمة - بحسب الطواف الاستقصائي الخاص - خال من الشهادات! ويكتفون بتسجيل حدث الميلاد على دفاترهم الملحقة بإدارة المستشفى بأن في مثل هذا اليوم حدث ميلاد طفلك بالتسجيل. تسجيل عام المواليد والوفيات الذي يختص بمهمة استخراج شهادة الميلاد - أو الوفاة - بعنونة أولية من وزارة الصحة الاتحادية والمركز القومي للمعلومات الصحية، ينشر بين إداراته في المستشفيات العمومية أن ورق الشهادات (مافي). وبالتالي عليك أن تمر كل حين عقب خروج طفلك ووالدته من باب المشفى، عليه، لتسأل (آها الورق إن شاء الله جا؟) والإجابة بالذي يرضيك، قد تستغرق زمناً يقرّب طفلك من باب الروضة التي ستلزمك جداً بالشهادة لتثبت أن طفلك هذا موجود في الحياة! وهنا سيحيلك المستشفى إلى السجل الذي يطالبك برسوم ومشاوير وإثباتات لحين خروج الشهادة. وحالما تستلمها ستعلن- أو تلعن - بينك ونفسك بأنه آخر طفل في سلالتك! سلالة الأوراق الثبوتية لكل فرد، تنقص وتزيد بحسب اهتمامه باستخراجها، وبحسب تسلسل الفرد في الحياة والتعليم والمهنية، الذي يجعله يحملها داخل ملف كبير أو يطبقها داخل جيب صغير في الملابس اليومية. لكن في كافة الأحوال تكون شهادة الميلاد الإثبات على وجوده الرسمي كفرد بالنسبة للدولة وتمنحه الحق في أن يحيا مسجلاً، فمتميزاً بحقوقه المدنية والسياسية يحصل على كافة حقوقه الاجتماعية والصحية والسياسية بالانتخاب...- حسناً ده أثر الدعايات! - فإذا فقدت كشهادة لأي سبب فهناك العوض عنها بشهادة التسنين التي تستخرج من ذات الجهة، رغم أنه مؤخراً صارت شهادة التسنين في حد ذاتها شهادة تستخرج لمحو سنوات من العمر مرت دون التقاط فائدة فيها أو(زوغاناً) من خدمة وطنية! والرقم الوطني الجديد يجب أن يستمد أغلب معلوماته من شهادة الميلاد فهي تمثل الرافد الرئيس لمعلومات السجل المدني، والبداية الصحيحة لمعلومات المواطن الجديد. لهذا فإن أهمية توفر ورقها المطبوع بفراغات تُملأ بمعلومات كل طفل جديد، ضرورة وليس ترفاً صحياً أو اجتماعياً. جميع شهادات السجل مجانية كما هو معنون بخط كبير على صدر الورقة - هذه حقيقة - لكن أيمكن وضع مقابل مالي قليل نظير استخراجها حتى تتمكّن الوزارة من أن تشتري الورق الذي تطبع عليه الشهادات؟ حتى لا تثبط عزيمة أب بتسلم أول شهادة مفرحة تخص طفله في قادم الشهادات! شهادة الميلاد وشهادة الوفاة، لكنهما تمثلان ذات الوزن والزمن في الاستخراج. وقد لا يحتاج الميت إثبات موته بقدر حاجة ذويه - حين الورثة أو أي إجراء مدني - لكن على الطفل إثبات أنه مولود، الآن، ليستحق بعد عمر طويل وجميل، شهادة الوفاة!