مجموعة من الكتب تأخذ مكانها داخل مكتبتي بعد أن أقرأها وأستوعب معارفها ومحتوياتها، وقد تزامن وصولها الميمون لي قبل يوم من انطلاقة معرض الكتاب الذي تقيمه وزارة الثقافة الاتحادية وكأنها (مقبلات) لاسيما وأنها ذات أحجام صغيرة وعناوين مبهرة وجاذبة ومحتوى صُقلّت معانيه واختزلت في القليل من الكلمات والصفحات المفيدة. المجموعة الأولى بعث بها الأستاذ حيدر التوم خليفة رئيس تحرير سلسلة إصدارات هيئة علماء السودان تحملها العناوين التالية (الرد على تساؤلات غير المسلمين) للدكتور ذاكر عبد الكريم و(الاحتشام) للدكتور عبد الحميد محمد أحمد و(مقدمات في التفسير الفقهي) للبروفيسور عبد الله الزبير و(إلى الله... أيها الحائرون) للشيخ عطية محمد سعيد و(فرائد الفوائد) للبروفيسور محمد عثمان صالح و(حماية المجتمع من الظواهر والأفكار السالبة) للبروفيسور المكاشفي طه الكباشي و(الإسلام والدولة) لصديقي عبد المنعم مصطفي و(التربية الاجتماعية في القرآن الكريم) للبروفيسور عمر يوسف حمزة و(ثقافة القبور وأدبياتها) للدكتور عبد الحميد محمد أحمد، بالإضافة لمجلة المنبر وهي فصلية وفكرية محكّمة تحمل في داخلها مجموعة من العناوين. و كذلك وصلتني إصدارتان من الأستاذ شرف الدين علي مختار المدير العام لمنظمة نوافذ الكلم تحملان العنوانين (عقائد الشيعة) و(الصحابة الكرام) وسبق أن مدّني الأستاذ شرف بمجموعة من إصداراتهم فله الشكر والثناء، كما يتصل ثناءنا وتقديرنا للأستاذ حيدر التوم وهم يرفدون المكتبة السودانية بعناوين جديدة تربط الناس بالمطالعة والقراءة المتعمقة والمتدبرة. هذه العناوين تعيدنا إلى جدل فكري وجمالي وموسيقي وأدبي ومهاري ابتدرناه من قبل ونحن نستكشف طاقة مجهولة تقف خلف هذه العناوين وتنتجها بمقدارها ومقدار القدرات التي تنتج الطاقة نفسها حتى نصل إلى عنوان جامع وجميل لا يتجاوز عدد كلماته أصابع اليد الواحدة ولمثل هذه العبارات وقع خاص لدي السودانيين يقوم عليه الانطباع الأولي عن المنتج وقد يقررون قبل أن يتجاوزوا مرحلة الانطاع هذه ويديرون ظهورهم. يتسع ولع السودانيين بالعبارة ليشمل تلك الكتابات التي يحرصون عليها في سياراتهم لدرجة أنها أصبحت ظاهرة لم تتم دراستها جيداً وكأن الواحد منا عندما يكتب عبارة معينة على سيارته يعبر عن أشياء كثيرة تتصل بمجمل فكرته عن الحياة وتظهر قيمه وأبعاده النفسية واهتماماته ويفضح انحيازه وحياده في آن واحد ولذلك يرى الكثيرون أن الشعب السوداني يحرص على التعبير عن ذاته من خلال ما هو متاح له من منابر وجداريات متحركة أو ساكنة. مسألة التعبير هذه التي يحرص عليها السودانيون يمكن أن تكون سمة سلبية وموجبة حسب الظرف الذي تمارس فيه ولكنها قيمة إذا تم استثمارها بشكل جيد ستحدث انقلاباً كبيراً في واقع الحياة وتفتح الباب لمزاج عام يحمل الشعب بكامله ليصنع نوع الحياة التي يرغب فيها وتصنع زخمها وعنفوانها وجمالها وألقها وتنتقل بنا من رتابة الحياة إلى حيويتها وحراكها الذي يجتذب الآخرين إلى ثقافتنا وإنتاجنا في كافة المجالات ويصبح هذا البلد السودان (الزانة) لكل من يريد أن يقفز إلى أعلى وينهض من منسوبي الأمم الأخرى. السبق الصحفي يتحقق في وهلته الأولى من خلال العنوان إن أحسنت صياغته ومن ثم يتم الانتقال إلى التفاصيل في متن التغطية الخبرية وقد يعجز العنوان عن القيام بهذه المهمة ويحرم الصحيفة من سبق كان في متناول يدها وبالإضافة إلى ذلك فإن العنوان في الكتاب أو المقال أو الخبر يشكل مفاهيم أولية عن المضامين قبل الولوج إليها يكون لها أثرها على عملية هضم التفاصيل وفهمها واستنتاج الخلاصات وقد يخطىء العنوان أو يخطىء من يطالعه وبالتالي قد تسبح المفاهيم عكس تيار المضامين وهنا تكمن أهمية العنوان ودلالاته. من المؤكد أن العنوان هو ما يحملني لمطالعة أحد هذه العناوين التي أهديت إلى أولاً ومن ثم تتوالي العناوين اجتذابي حتى أفرغ من مطالعتها جميعها ولن أقبل أي طلب ب (تسليفها) قبل أن أبتدر مطالعتها وعند المطالعة أتوقف عند العنوان للحظات وأتأمله وأتكهن بما وراءه وكأني أقف أمام باب الدار.