{ أشار قرار مجلس الوزراء القاضي بالموافقة على قيام مشروع السجل المدني السوداني إلى ضرورة أن يتم التنفيذ تحت مظلة وزارة الداخلية, على أن يؤسس هيكل تنظيمي شامل على نسق الإدارات العامة والمتخصصة. مع ضرورة استصحاب تجارب الدول العربية الشقيقة فى هذا المجال. وعليه شُكلت لجنة وزارية عليا برئاسة وزير الداخلية مهمتها البدء فى التخطيط لإنفاذ هذا المشروع الكبير. وتم لاحقاً فصل الإدارة العامة للسجل المدني عن الإدارة العامة للجوازات والهجرة بحيث آلت أعمال شهادتي الجنسية والبطاقة الشخصية للإدارة العامة الناشئة للسجل المدني. ومن بعدها صدر قرار وزاري تم بموجبه تسليم سجلات المواليد والوفيات من الجهاز المركزي للإحصاء أيضاً للسجل المدني إدارياً وفنياً ومالياً. { هذه النقلة النوعية فى التعامل مع بيانات المواطنين وشهادات المواطنة ترتب عليها كذلك البدء فى تفعيل مشروع الرقم الوطني والبطاقة العائلية, والتي من أبرز أهدافها صون الحقوق المرتبطة بالتسجيل مثل حق الاقتراع والحصول على خدمات رعاية الأطفال كالتحصين والتعليم, وحماية الأنساب والميراث. كما أن نظام السجل المدني الجديد يمثل مصدراً رئيسياً للبيانات التي تحتاجها الحكومة الإلكترونية القادمة كمرحلة طبيعية من مراحل التطور. ووظائف التسجيل المدني تشتمل فى الأساس على إصدار شهادات القيد المدني وما يعرف بالبطاقة الشخصية القومية. والتي تحتوي على تفاصيل الوقائع الحيوية فى حياة كل مواطن (الميلاد, الوفاة, الزواج, الطلاق).. والغرض من كل ذلك التيسير والتبسيط بحيث تجتمع كل البيانات المطلوبة ضمن وثيقة رسمية واحدة شاملة وسهلة الحفظ والحمل معاً, مع التزام إدارة سجلات البيانات الكامل بالسرية التامة والحماية وتوفيرها لمئات المراكز الثابتة والمتحركة للتسجيل اليومي. { إلى جانب ذلك يحتوي السجل على البصمة الجنائية وهي قد أصبحت فى كل العالم المتحضر ضروره تسهل عمل وحدات الأمن المختلفة وتيسر الوصول للمشتبه بهم أو المطلوبين فى أي جريمة بالسرعة المطلوبة وهذا قطعاً سيسجل إنجازات كبيرة فى الحد من الجرائم وبسط الأمن اللازم للمواطنين. كل هذا جعل من مشروع السجل المدني (مشروع القرن) لما يتطلبه من جهد كبير ووقت ومال.. غير أن بداياته لم تكن مبشرة كحالنا تجاه كل ما هو جديد فإننا ننتظر ما تسفر عنه الأيام ونكتفى بالترقب والمراقبة. ثم نحن - كمواطنين - شكونا في البداية من صعوبة الإجراءات وكثرة المطالب، رغم أن التسجيل للرقم الوطني حتى الآن مجانياً لا يكلف الكثير وعلى الإخوة الذين حدثونا عن أن هناك بعض الجهات طالبتهم بمقابل مالي تصعيد الأمر. كما نرجو من القائمين على أمر التسجيل إجراء اللازم في سبيل حفظ حق المواطن فى هذه المجانية تقديراً للأوضاع وتشجيعاً له فى سبيل إنجاح هذا المشروع الضخم. { الآن.. تم تسهيل الإجراءات بما يتوافق وإمكانيات المواطن المغلوب على أمره هذا.. وذلك وفق ما أشارت إليه اللجنة العليا التى انعقدت مؤخراً وخرجت علينا بإعلانها عن إلغاء المطالبة بفصيلة الدم وشهادة السكن وجنسية الوالد ورقمه الوطني كشروط أساسية للتسجيل فى ما مضى. والتي كانت قد لاقت منا استهجاناً كبيراً بحكم أنها بدت كشروط تعجيزية تعوق سلاسة الإجراءات. وأصبح الآن بإمكان الجميع الشروع فى بدء وقائع التسجيل المدني والحصول على الرقم الوطني الذي يعتبر من ضروريات المرحلة القادمة والذي تتوقف عليه العديد من الخدمات الرسمية في البلاد حتى أن السؤال التقليدي فى المستقبل القريب سيصبح بلا شك: (رقمك كم؟) ولن يكون المقصود حتماً رقم الهاتف. { تلويح: إننا نحتاج قطعاً لإجابات واضحة وبأرقام محددة ومعلومات أكيدة حول من نحن؟.. وكم نحن؟.. وأين نحن؟.. للحفاظ على كيان الأمة السودانية والارتقاء بها, وهو ما نتمنى أن يوفره لنا مشروع القرن بإذن الله.