يحمل سمات السودانيين وبين طياته يكمن الحب والفخر للسودان، عندما التقيناه كان يحزم حقائبه ويستعد لمغادرة البلاد بعد انتهاء فترة عمله بالسودان، الرجل أعجزه الوصف وهو يحاول الاعراب عن سعادته بفترته التي قضاها بين ظهرانينا في الخرطوم منذ العام 2005م، والتي تعد أولى محطاته الخارجية في العمل الدبلوماسي. سعادة سفير جمهورية جيبوتي بالخرطوم «محمد علي مؤمن» جمعنا به لقاءٌ خاطف أخذ أبعاداً أخرى مميّزة كشف لنا خلاله الكثير عن شعب صديق يشبهنا في كثير من التفاصيل، وأشهر من خلال هذه الدردشة حبه وعظيم امتنانه للشعب السوداني. { بدايةً مرحباً بك سعادة السفير عند بوابة «الأهرام اليوم» وعيد سعيد عليك ؟ أولاً أنتهز هذه الفرصة لأهنئ جريدة «الأهرام اليوم» وقرائها ثم من ورائهم الشعب السوداني الشقيق وأتمنى من الله أن يأتي العام القادم ويجد كل السودانيين موجودين وبقلب واحد والبلد بوحدته وسيادته وكيانه، وأن يستمر الشعب السوداني في فرحه وحُسْن تعامله. { حدثنا عن أهم ملامح العيد في جيبوتي وكيف يتم التحضير له ؟ - العيد في جيبوتي مثله ومثل كل البلاد الإسلامية خاصة في منطقة القرن الإفريقي الإسلامية التي تجمعنا معها صفات وسمات وعادات وتقاليد كثيرة. ومن أميز الملامح هناك ارتداء الملابس الجديدة والذهاب لصلاة العيد في ساحة مختصة دون المساجد على عكس ما يوجد في السودان بالنسبة للصلاة بالمساجد وحولها ثم الذهاب للمنزل لتناول الإفطار . بعده يتفرّق الناس في المعايدة بشريطة أن يتركوا أحد في البيت ورب الأسرة هو الذي يقوم بزيارة الأهل والأقارب والأصدقاء بصحبة بعض عائلته، كما أن بعض الأسر تقرر أن تجتمع يوم العيد في بيت واحد. { هل تقدموا العيدية للأطفال ؟ نعم، العيدية ضرورية للأطفال وتكون عبارة عن «أموال وحلوى» والعيد موسم للأطفال يجب أن ينفقوا ما عندهم في الألعاب والمراجيح المصنوعة من الخشب والحديد وهي السائدة في الأحياء وتجمعات الأطفال. { صف لنا الجو العام يوم العيد بجيبوتي؟ - على المستوى الرسمي يستقبل الرئيس مندوبين عن الأحياء بجانب الوزراء والبرلمانيين ويكون يوم مشهود. ((يبين السفير إن أوجه الشبه بين السودان وجيوبتي تلتقي في أشياء كثيرة وهذا ما لاحظته خلال إجرائي الحوار معه حيث شاهدت الأعمال اليدوية والتراثية من السعف والودع والخرز والسكسك مصنوعة في شكل طبق وغيرها. أما التشابه فالعيد يكون التزاورفيه باستضافة بعضهم البعض كما في السودان)). { كيف يستقبل سعادة السفير العيد في بيته ؟ - أبدأ يوم العيد في بيتي بالخرطوم بالذهاب أولاً لمسجد مشهور تهفو إليه قلوب معظم السودانيين وأنا مجاور له وهو مسجد «سيد سنهوري» الذي يؤمنا فيه القارئ محمد زين ودائماً آتي إلى أهل بيتي ونأكل (عمبابر) ونوزع منها لجيراننا وهذه من عاداتنا هنالك واعتبره طقس لابد من تطبيقه هنا في السودان، ثم نستقبل أنا وأسرتي الجالية الجيبوتية المكوَّنة بشكل أساسي في الطلاب ثم أذهب لتقديم المعايدة للسيد رئيس الجمهورية عمر البشير وأزور بعض القيادات السياسية البارزة مثل الميرغني والإمام الصادق المهدي وآتي مرة أخرى للبيت ومع الشباب من الطلاب يكون الجو (جيبوتياً). { وكيف تقضي العيد بالسودان ؟ أنا حرصت ومما اعتمدت في السودان منذ نهاية 2005م أن أعيد هنا حتى في غياب أسرتي لأنني تتاح لي فرصة مقابلة الرئيس البشير فهي فرصة متميزة أن ألتقيه في الأعياد بجانب اللقاءات الأخرى، وفي العيد الماضي سافرت مع أسرتي إلى الشرق لكسلا والقضارف وبورتسودان وقضيت يومين استمتعت فيها بأسماك البحر الأحمر ولقاء أهل السودان الطيبين. { ما أعجبك في السودانيين ؟ الناس وسلامهم يوم العيد في المساجد والتسامح وهي من سمات شعوب القرن الإفريقي المسلمة لكن السودانيين يروحوا فيها لأبعد. { هل تشاهد برامج القنوات الفضائية السودانية ؟ - القنوات السودانية تكرِّس جهداً مقدراً للفن السوداني العظيم أيام العيد، نجد في هذه المناسبة فنانين كبار حاضرين في الشاشة وهذا شيء مميَّز. { إذن.. لنتعرف عن السفير بين الفن والسياسة ؟ - الفن أعظم سفير، وفن السودان فوق كل سفراء السودان لأنه لا توجد بلد خاصة في شرق إفريقيا تخلو من الفن السوداني، وأنا متيَّم بالغناء السوداني والموسيقى السودانية. { ومن يطربك من الفنانين ؟ كُثْر وعلى رأسهم السفير الدكتور عبدالكريم الكابلي، صلاح بن البادية، دكتور عبدالقادر سالم، محمد وردي وغيرهم. ومعظم هؤلاء العمالقة أتوا لجيبوتي ومعروفين كما أن الجيبوتيين ينتظرون أي مناسبة بفارغ الصبر يحضر فيها مطرب سوداني كما أنني مولع جداً بأغاني الراحل أحمد الجابري. وأضاف أن الفن السوداني لديه مكانة خاصة لديهم، وقال عندما أتحرك لبلدي أكون بصحبة مكتبة مليئة بأشرطة الكاسيت السودانية التي تحوي الأغاني والمدائح بجانب كراتين الكركدي الذي لا يعرفه الشعب الجيبوتي إلا قريباً. مكانة الفن السوداني سامية و يوجد معهد للموسيقى بجيبوتي يُدرِّس فيه السودانيون الموسيقى، وعدد من المطربين حضروا حفل تنصيب الرئيس الجيبوتي مؤخراً من ضمنهم صلاح بن البادية وحرم النور وفرقة من الشرطة السودانية. { سعادة السفير حدثنا عن ما لا نعرفه عن جيبوتي ؟ - لغة العمل هي الفرنسية بجانب العربية والتي تُنطق على اللكنة العامية اليمنية ولدينا الآن خطة مع الحكومة السودانية لكي تأخذ اللغة العربية موقعها الصحيح في جيبوتي وتصبح رسمية، وأؤكد أن الطلاب بالسودان لهم رأس الرمح في ذلك ويفضل دراستهم اللغة العربية بالسودان في عدد من الجامعات وأشكرها هنا شكراً خاصاً ومنها إفريقيا العالمية، والخرطوم، الاحفاد فهم احتضنوا طلابنا ووفروا لهم فرصاً دراسية مجانية وأشكر منظمة رعاية الطلاب الوافدين وكل مدراء الجامعات السودانية. الطلاب الجيبوتيين هم سفراء الغد للسودان لدى الشعب الجيبوتي لأنهم يحملون سماته وتقاليده ويلبسون الجلابية السودانية ويهوون موسيقاه. { سعادة السفير محمد المؤمن لنبحر في منحى سياسي، ما هي نظرتك لواقع السودان السياسي في ظل الحراك الدائر؟ - أعتقد أن الشعب السوداني حكيم وله تقاليده ويمكن أن يتجاوز كل هذه الأزمات لما له من الخبرة وحكمة فهو أعرق بلد بأحزابه في العالم العربي وإفريقيا، وبذلك يكونوا قادرين على إخراج السودان إلى بر الأمان وقطع دروب الفتن، وأنا واثق من أن القيادة السودانية يمكن أن تعالج الأمور دون أي تدخُّل. { برأيك ما هي أنجح الحلول لسودان معافى ؟ - اللجوء إلى الحوار من أجل أن تعم التنمية المناطق خارج دائرة القطر إلى العاصمة. فهذه تحتاج للتنمية ككل المناطق بدول العالم الثالث ويجب حل هذه المشاكل ليعم السلام الدائم وترتق أي احتجاجات. «مش بالسلاح» عمره ما كان حل. السودان جميل بكل وحدته وموروثاته وتنوُّعه البشري. { وإلى أي مدى ترى ما يمكن أن تلعبه جيبوتي من دور مؤثِّر في هذا الشأن ؟ - أوكد لكِ نحن مع السودان في السراء والضراء والمواقف رغم ارتباطنا بمعاهدات دولية ولا تفريط في السودان. فهو فوق كل شيء ونحن نعرف بأنه مُستهدف لكونه سودان له ذاتيته وخصوصيته المميزة. ونقول لمن يطمحون في تمزيق السودان إنهم لا يقدِّرون مصلحة الشعب السوداني ونحن مع حكومة السودان التي اختارها شعبه. وأضيف لكِ بالرغم من أن جيبوتي عضو في محكمة روما ومن الدول الموقِّعة على المحكمة الجنائية الدولية المطالبة بتسليم الرئيس البشير، إلا أننا لم نظهر أي مساومة على مصالح السودان ولا نقبل املاءات ولا نصائح في ما يخص بعلاقتنا بالسودان ونعرف أن الأحكام الموجّهة للرئيس البشير جائرة وهو قد زار جيبوتي مؤخراً واستقبله نظيره الجيبوتي إسماعيل بحفاوة كبيرة، وبعد الانتخابات الاخيرة شارك الرئيس الجيبوتي في تنصيب البشر في شهر يونيو الماضي وكان حينها في باريس فقطع زيارته للمشاركة في هذا الحدث المهم. وأعرف أنه في هذا الوقت دول كثيرة قد تدخلت لحل أزمة السودان ونحن نسعى لذلك أكيد، وللعلم فنحن قدمنا نداء الوطن وحوى طرفي المعارضة والحكومة أولاً في جيبوتي بلقاء ضم الصادق المهدي وعمر البشير من أجل سلام السودان واستقراره. { أخيراً ماذا تود أن تقول ؟ علاقتنا متميزة مع كل دول العالم عدا إسرائيل. وأصدقاء للجميع إلا على من يعتدي على الآخرين، والشعب السوداني شعب متسامح ومترابط ورغم التباينات السياسية إلا أن الروح السودانية تظل طيبة فيما بينهم دائماً.