{ ليس من الحكمة وفي هذا الوقت تحديداً، فتح معارك جديدة داخل جسد الشمال على النحو الذى يمضي فيه الأستاذ الطيب مصطفى وهويبشرنا بأن مهمة منبره في المرحلة القادمة هي القضاء على الطائفية السياسية وتحرير إرادة الفرد لكي لا يساق كالقطيع حتى ولو كان في ذلك هلاكه في الدنيا والآخرة كما جاء في عموده أمس. { قبل أن يتفرغ السيد الطيب مصطفى لهذه المهام والمعارك المنتظرة نسأله هل معركته مع الحركة الشعبية انتهت وأن السودان تخلص منها ولم يعد هناك جزء من أرضه ما زال يرزح تحت وطأة الحلو وعقار وهل أخرس صوت عرمان ووضعت الحرب أوزارها في دارفور وهل نأت بلادنا عن مؤامرات ما زالت تحاك ضدها وتستهدف أرضها بالتقسيم وقيمها وتوجهاتها بالزوال وتقودها إلى عنصرية ما شهد الزمان بأفظع منها وأنكى ويلعب عقار والحلو وعرمان وعبدالواحد ومني وخليل رأس الرمح فيها وهم الآن يتربصون تحت غطاء جبهتهم الثورية المزعومة؟!. { ما زال العدو لأمتنا هو العدو الذي يتستر تحت غطاء (الجبهة الثورية السودانية) وأن جغرافية التهديد لبلادنا هي الجنوب الذي يحتضن معسكرات التدريب والإيواء لحركات دارفور وقطاع الشمال ويموّل ويدعم بالأسلحة وما زال يرتبط بجنوب كردفان والنيل الأزرق عبر تنظيمه العسكري للجيش الشعبي بفرقتين هما الفرقتان التاسعة والعاشرة اللتان ما زال منسوبوهما يتلقون مرتباتهم من حكومة جنوب السودان وبعملة الجنوب وهم في دولة أخرى ويتسلحون بكافة أنواع الأسلحة بما فيها الدبابات. { دولة الجنوب التى منحناها دولة تنتج ثلاثمائة ألف برميل في اليوم دون أن تستكشفه أو تحفر آباره ما زالت تحاربنا لتنزع منا بعض الكيلومترات في عدد من المواقع الحدودية، بما فيها أبيي، وتستخدم عملاءها من بني جلدتنا ليس من بينهم الميرغني ولا المهدي وهم الآن أقرب إلى الحكومة حتى وإن لم يشاركوا في التشكيل القادم، وبالرغم من كل ذلك يريد السيد الطيب مصطفى أن يفتح لنا جبهة داخل جسد الشمال والبلاد لم تتجاوز بعد تداعيات الانفصال والحرب ما زالت تشتعل في النيل الأزرق وجنوب كردفان ولم تخمد بعد في دارفور. { ليس هناك من ينكر الدور الكبير الذى قام به منبر السلام العادل وهو يفضح المؤامرات التى حيكت ضد البلاد ويحسب لهذا المنبر أنه ساهم في قبول شعب الشمال لانفصال الجنوب وبل زهده فيه وقد احتشد معه قبولاً بفكرته ورؤيته وحربه المناهضة للحركة الشعبية قطاع الشمال وتيار اليسار جماهير واسعة من داخل هذه الأحزاب التى يسميها السيد الطيب مصطفى طائفية ويريد أن يعلن عليها الحرب متعجلاً ومتسرعاً وفي ذلك تقدير خاطىء ربما يسلب منبر الطيب مصطفى كل (الأقوان) التي أحرزها طيلة الفترة السابقة وهي لعمري (أقوان) لها قيمتها وتأثيرها رفعت من توزيع صحيفة الانتباهة إلى أرقام كبيرة وما أخشاه أن يكون وراء هذه المعارك والمهام التي يبشرنا بها الطيب مصطفى ترتيبات لصناعة عدو جديد وبالتالي رفع معدلات التوزيع، لا سيما وأن انخفاضاً متصلاً يلازم توزيع الصحيفة كلما بردت الأحداث على جبهتنا الجنوبية. { صحيح أن الممارسة الديمقراطية في بلادنا تعاني من تغول واضح من السادة بمختلف مقاماتهم الاجتماعية والطائفية، بدءاً بمشائخ الطرق الصوفية والنظار والعمد وسادة الطوائف الدينية وهؤلاء يسلبون المواطن البسيط حقه في الاختيار ويلزمونه بالتصويت لمن يختارونه وفي الغالب يكون المرشح إما من المشائخ أو السادة أنفسهم أو من أصحاب حظوتهم وبالتالي تغيب المعايير وتضيع الحقوق الدستورية ولم يعد المرشح في فقه الممارسة السياسية الاجتماعية التي تقوم على السيد وأتباعه ملزماً بخدمة دائرته وبرامجها وسيعاود الترشح في المرة التالية حتى لو كان لم ينجز شيئاً يذكر وقد كنا نسمع بالدوائر المغلقة ولم يكن ليغلقها غير الجهل والعبودية الاجتماعية والدينية وهذه كلها مشكلات لا تحل بالمواجهة، كما يرتب لذلك السيد الطيب مصطفى، ولكن بالعلم ونشر الوعي وسياسة النفس الطويل حتى يتحول المجتمع السوداني إلى مجتمع ديمقراطي حقيقي ويتخلص من ديمقراطية الرجل الواحد وديمقراطية الإشارة، أما معارك السيد الطيب فإنها ستطيل من عمر هذه الممارسة الاجتماعية والاستغلال لأن بعض الناس برغبتهم يريدون أن يكونوا تابعين لسادة لهم لن ينفعوهم في الدنيا ولا في الآخرة. { ولكن هناك وعي يتمتع به شعب السودان دفنته السنين وتآمر عليه السادة يوم فاز خريجو كلية غردون والمثقفون بقيادة الأزهري بأول انتخابات في تاريخ بلادنا في خمسينات القرن الماضى وانهزم السادة وكان يمكن أن يتم البناء على هذا ولكن للأسف عاد هؤلاء المثقفون وتحالفوا مع سيد عليهم فخسروا الانتخابات وخسروا مستقبلاً زاهراً لحركة سياسية ديمقراطية حقيقية معافاة.