دأبت بعض المجلات والصحف وفي مقدمتها مجلة «تايم» كبرى المجلات الأمريكية في مثل هذه الأيام من كل سنة على اختيار شخصية معينة باعتبارها رجل العام.. وذكرنا مجلة «تايم» لأنه يُقال أنها أصلاً صاحبة الفكرة.. فكرة اختيار رجل العام. وليس شرطاً أن يكون رجل العام رجلاً فهو أحياناً امرأة وأحياناً حزب أو شعب وإلخ. فالمهم هو أن الذي يُختار رجلاً للعام هو ذلك الذي أحدث تأثيراً كبيراً متميزاً وليس بالضرورة أن يكون ذلك التأثير إيجابياً فمن الممكن أن يكون سلبياً لكن نتائجه وتداعياته عميقة. فمن المؤكد مثلاً أن أدولف هتلر كان هو رجل العام 1939م تاريخ بداية الحرب العالمية الثانية فقد كان هو البادئ بشنها وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي إشكول كان هو رجل العام 1967 فقد نشبت فيه حرب يونيو 67 التي يسميها العرب النكسة ويسميها الإسرائيليون والخواجات حرب الأيام الستة ففي ستة أيام فقط تمكن الجيش الإسرائيلي من هزيمة ثلاثة جيوش عربية هي المصري والأردني والسوري واحتلال شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان. وقد أدارت تلك الحرب من الجانب الإسرائيلي بكل الاقتدار حكومة وحدة وطنية رأسها ليفي إشكول الذي يوصف في إسرائيل رغم انجازه المبهر بأنه البطل المنسي فشهرته أقل كثيراً من شهرة غيره من رؤساء الوزراء والقادة العسكريين. ثم نرجع أكثر وأكثر للوراء ونتوقف في السودان إن رجل العام 1504 هو عمارة دنقس بالاشتراك مع عبد الله جماع فقد قادا عملية نقل السودان أو تحويله من بلد مسيحي إلى بلد مسلم.. ورجل العام 1885 هو المهدي الذي قاد الأنصار لتحقيق الاستقلال الأول. ورجل العام 1924م هم أولئك الأفندية الطامحون والملازمان علي عبد اللطيف وعبد الفضيل ألماظ مناضلو وثوار 1924م. وكان مؤتمر الخريجين هو رجل العام 1938م والزعيم إسماعيل الأزهري هو رجل العام 1956م والشعب السوداني هو رجل العام 1964م والعام 1985م وإلخ. ثم نأتي للحاضر الذي هو أحلى كما قال صاحب «أغداً ألقاك» التي غنتها أم كلثوم.. الأستاذ الشاعر الهادي آدم.. ومن رأينا أن رجل هذا العام 2011م الذي يلملم أيامه استعداداً للرحيل إلى الماضي هو الحركة الشعبية التي لو كانت - كما تزعم- حركة وحدوية لما انقسم السودان إلى دولتين ولما أصبح الشعب شعبين، وكان لهذا الانقسام وسوف تكون له آثار تجل عن الوصف والحصر على الدولتين والشعبين ولن يرجع الحاضر أبداً إلى الوراء والناس مطالبون بالتعايش معه والانطلاق منه لبناء مستقبل أفضل وأجمل.. ومن المؤكد أن رجل العام في مصر هو شعبها وفي ليبيا هو شعبها وفي سوريا واليمن هما الشعبان السوري واليمني رغم أنهما لم يصلا بعد إلى نهاية الشوط.