{ تُجرى اليوم عملية الاقتراع في انتخابات اتحاد طلاب جامعة الخرطوم، وشهدت الجامعة خلال الأيام الماضية حراكاً سياسياً ونشاطاً تعبوياً هادئاً للتيارات المتنافسة على مقاعد الاتحاد الذي ظل مجمداً لمدة عام. وكان (الإسلاميُّون) قد سيطروا على دورة العام 2008م، في أعقاب (دورات) عديدات متوالية احتكرها (التحالف الديمقراطي) المعارض. { (ثلاث) قوائم رئيسية تسعى اليوم لكسب أصوات الناخبين من طلاب جامعة الخرطوم بكلياتها ومجمعاتها المختلفة في «الخرطوم»، «أم درمان»، و«شمبات». القوائم هي: قائمة (التحالف الطلابي الديمقراطي) وهو يمثل تنظيمات المعارضة الأساسية، باستثناء واجهة الحزب الشيوعي (الجبهة الديمقراطية)، وواجهة حزب المؤتمر الشعبي (الحركة الإسلامية الطالبية)، فيما تضم قائمة (الوحدة الطلابية) الطلاب غير المنتمين، مدعومين من طلاب (المؤتمر الشعبي)، و(الحزب الشيوعي). { القائمة الثالثة هي قائمة (التيارالإسلامي)، بقيادة حركة الطلاب الإسلاميين الوطنيين (المؤتمر الوطني)، و(الإخوان المسلمين)، واتحاد قوى المسلمين (أقم)، وأنصار السنة (المركز العام)، فيما دعت جماعة أنصار السنة المحمدية (الإصلاح)، التي توالي الشيخ «ابو زيد محمد حمزة»، إلى مقاطعة الانتخابات، رغم أنها كانت تعتبر من أقوى التنظيمات في الجامعة خلال الانتخابات الفائتة، وحصدت (آلاف الأصوات) في قائمة (منفردة)، ودون تحالفات..!! { الجديد في هذه الانتخابات، أن (التحالف الديمقراطي المعارض) قد تعرض لهزة، بخروج تنظيمي الجبهة الديمقراطية وطلاب المؤتمر الشعبي من القائمة، لأسباب مختلفة، باتجاه (المقاطعة)، الخلاف الأهم بين طلاب (الشعبي) و(التحالف) أن منسوبي الأخير يعتبرون أن تحالفهم مؤسس على مشروع (علماني) لا علاقة له بالدين، ولهذا رفضوا استيعاب طلاب الحركة الإسلامية الطالبية (الشعبيين)، رغم أن (تحالف المعارضة) المركزي بقيادة المخضرم «فاروق أبو عيسى» ينشط فيه (المؤتمر الشعبي) ممثلاً في الأستاذ «كمال عمر» المحامي بصورة لافتة، تجعله في أحايين كثيرة أكثر تنظيمات المعارضة نشاطاً وقدرة على إيذاء الحكومة. { عدد مقدر من الطلاب يذكرون أنهم عانوا كثيراً في مجال (الخدمات) خلال دورات (التحالف الديمقراطي) لانشغال تنظيماته بصراعات داخلية، جعلتها تبدل رئيس الاتحاد أكثر من مرة، في عمر دورة (واحدة)، فضلاً عن انشغال اتحاداته بالشأن السياسي، أكثر من الاضطلاع بمسؤوليات هذا الكيان النقابي، وتصديه لقضايا الطلاب الحقيقية في توفير السكن وخدماته، ومعالجة مشكلات الطلاب المعسرين، والتدخل في تسوية القضايا الأكاديمية، والنزاعات بين الطلاب وعمادات الكليات. { سألتُ محررنا المكلف بتغطية الانتخابات - وهو أقرب إلى المعارضة: ماذا تتوقع من واقع جولاتك داخل الجامعة.. أيُّ القوائم ستفوز بمقاعد الاتحاد؟ فأجانبي دون تردد: التيار الإسلامي!! قلت له: لماذا؟ رد قائلاً: التحالف الديمقراطي يواجه مشكلات كبيرة، وخلافات داخلية، وقد فقد كثيراً من تعاطف الطلاب، بعد أن حقق (اتحاد 2008) بعض النجاحات. { ليس هذا هو المهم، الأهم أن يقدم (الخاسرون) - أيَّاً كانوا - التهاني حارة وصادقة لإخوانهم (الفائزين)، بعيداً عن المواجهات والمخاشنات، لأننا نأمل ونتعشم أن يضرب طلاب جامعة الخرطوم عبر هذه العملية الانتخابية مثلاً رائعاً ومتقدماً يشبه تاريخ الشعب السوداني في الممارسة الديمقراطية الراشدة. { نريد من (تنظيمات) الجامعة أن تؤكد - اليوم - للجميع أن هذا الجيل الجديد من طلابنا يتمتع بوعي راسخ، وحكمة ثاقبة، وعقلانيَّة تستفيد من سلبيات (وهنَّات) الثورات العربيَّة من حولنا، حتى إذا ما جاء أوان (التغيير) في بلادنا، كنَّا جاهزين لتقديم تجربة (سودانيَّة) مختلفة، تناسب هذا الشعب المعلِّم. { وفقكم الله.