شاهد بالفيديو.. الفنانة شهد أزهري تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بنيولوك جديد وتقدم وصلة رقص مثيرة خلال حفل خاص بالسعودية على أنغام (دقستي ليه يا بليدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. فنانة سودانية تحيي حفل غنائي ساهر ب(البجامة) وتعرض نفسها لسخرية الجمهور: (النوعية دي ثقتهم في نفسهم عالية جداً.. ياربي يكونوا هم الصاح ونحنا الغلط؟)    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تسخر من الشباب الذين يتعاطون "التمباك" وأصحاب "الكيف" يردون عليها بسخرية أقوى بقطع صورتها وهي تحاول تقليدهم في طريقة وضع "السفة"    شاهد بالصورة والفيديو.. (فضحتونا مع المصريين).. رجل سوداني يتعرض لسخرية واسعة داخل مواقع التواصل الاجتماعي بعد ظهوره داخل ركشة "توك توك" بمصر وهو يقلد نباح الكلاب    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    قائد السلام    واصل تحضيراته في الطائف..منتخبنا يؤدي حصة تدريبية مسائية ويرتاح اليوم    عيساوي: البيضة والحجر    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    ماذا قال دكتور جبريل إبراهيم عن مشاركته في مؤتمر مجموعة بنك التنمية الإسلامي بالرياض؟    دعم القوات المسلحة عبر المقاومة الشعبية وزيادة معسكرات تدريب المستنفرين.. البرهان يلتقى والى سنار المكلف    انجاز حققته السباحة السودانية فى البطولة الافريقية للكبار فى انغولا – صور    والي الخرطوم يصدر أمر طواريء رقم (2) بتكوين الخلية الامنية    شاهد.. حسناء السوشيال ميديا أمنية شهلي تنشر صورة حديثة تعلن بها تفويضها للجيش في إدارة شؤون البلاد: (سوف أسخر كل طاقتي وإمكانياتي وكل ما أملك في خدمة القوات المسلحة)    في اليوم العالمي لكلمات المرور.. 5 نصائح لحماية بيانات شركتك    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    الحراك الطلابي الأمريكي    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأهرام اليوم» تقدم قراءة تحليلية لنتائج الانتخابات المصرية
نشر في الأهرام اليوم يوم 03 - 12 - 2011

أعلن مستشار اللجنة العليا للانتخابات في مصر عبد المعز إبراهيم أمس السبت النتائج النهائية للمرحلة الأولى للانتخابات والتي شملت تسع محافظات، وقال إن إجمالي الناخبين كان 13 مليونا شارك منهم 8 ملايين، أي بنسبة مشاركة قدرها 62 في المئة، وهي أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات في تاريخ مصر. وورد في الإعلان أن الانتخابات اتسمت بكثافة التصويت والسلاسة والنزاهة بشهادة المراقبين الدوليين، وقام الجيش بدوره في تأمين سير الانتخابات، كما قام القضاة بدورهم في الإشراف عليها. يذكر أن الجولة الأولى من الانتخابات المصرية كانت قد جرت في تسع محافظات بالجمهورية بمشاركة بلغت 18.5 مليون مصري، وجاءت نتائجها وفق المؤشرات المعلنة بفوز حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في هذه المرحلة باكتساح حيث بلغت نسبة الفوز 40%، وجاء في المركز الثاني حزب النور السلفي بنسبة 30%، وفي المركز الثالث قائمة الكتلة المصرية التي تعبر عن التيار الليبرالي بنسبة 18%. وكان العنوان الأبرز لهذه الجولة في الانتخابات المصرية هو أن مصر إسلامية، حيث كان متوقعا فوز الإخوان المسلمين وحزبهم السياسي نظرا للممارسة الطويلة في العمل السياسي، والخبرة التنظيمية العالية التي يتميزون بها.
أما المفاجأة فكانت في البروز الواضح للتيار السلفي واحتلاله المركز الثاني على عكس التوقعات بأن الليبراليين سيكونون منافسا قويا للإخوان، فعندما انزعج ليبراليو مصر من المد الإسلامي للإخوان تحالفوا وكونوا ما يسمى بكيان (الكتلة المصرية) التي تكونت من حزب المصريين الأحرار الذي أنشئ خصيصا لمواجهة الإخوان بزعامة مؤسسه رجل الأعمال المسيحي الشهير نجيب ساويرس، بالتحالف مع مجموعات من اليساريين والشباب وبعض الأحزاب التي كانت تخشى هي الأخرى من هذا المد الإسلامي.وعندما بدأت الجولة الانتخابية الأولى في مصر استخدم كلا الطرفين أسلحته لمواجهة الآخر، الإسلاميون اعتمدوا على التزام المواطن البسيط بالعقيدة والدين، ولعبوا على هذا الوتر جيدا، بما كان له الأثر الأكبر في الفوز، فالشعب المصري كما هو معروف عنه أنه شعب غير مسيّس نظرا لفترات حكم سابقة أبعدته كثيرا عن السياسة والحرية، وفرضت عليه ظروفا حياتية قاسية جعلته يتوه في دوامة البحث عن لقمة العيش.
ما ساعد أيضا في صعود الإسلاميين في مصر وتصدرهم هذه الجولة هو عدم وجود أية توعية للناخبين قبل الانتخابات وطريقة التصويت، فالمصريون ولأول مرة منذ سنين طويلة لم يعتادوا الانتخابات، ولم يعلموا كيفية التصويت خاصة مع تطبيق نظام القوائم والفردي، فكانت لدى الناخب ورقتان الأولى للقوائم وهذه سهلة بدون تفكير سيختار الحرية والعدالة لأنها تمثل الإخوان، أما الورقة الثانية فكان بها عشرات الأسماء مقسمة بين فئات وعمال، لم يعرف الناخب منهم سوى أسماء مشهورة في بعض الدوائر، أما باقي الدوائر فكانت الأسماء مجهولة، ولذلك كانت طريقة التصويت بالصدفة بوضع علامة على أي مرشح، وهنا كان لذكاء الإخوان دور كبير حيث انتشر مندوبو الإخوان نساء ورجالا أمام اللجان لتوجيه الناس بالبحث عن أسمائهم ومعرفة أرقام لجانهم وأرقامهم في اللجان حتى يسهلوا للناخب الذي لا يفقه من أمره شيئا، ويقدموا له ورقة مكتوب عليها رقم اللجنة ورقمه بالكشف، بالإضافة إلى أسماء مرشحي الإخوان الذين يبحث عنهم أصلا الناخب وسط هذه الزحمة من المرشحين، ومع هذا التنظيم وتقديم الخدمات روج البعض والتابعون للإسلاميين بأن مرشحي الكتلة المصرية هم مسيحيون، حتى يقع الناخب بين اختيار المسلم والمسيحي، وكان لاستعمال الدين في الانتخابات وقع السحر على صناديق الانتخابات، وهرع الجميع لنصرة دينهم الإسلامي، فمن المعروف أن نحو 95% من الشعب المصري مسلمون، في المقابل أشيع أن الكنيسة وقفت بكل ثقلها خلف كيان الكتلة المصرية وخصصت الأتوبيسات لنقل الناخبين، ولكن العقيدة كانت أقوى من ذلك بكثير، وظهرت المؤشرات من اليوم الأول تلوح باكتساح الإخوان الأمر الذي جعل الدكتور عصام العريان القيادي البارز بالجماعة يصرح بأن الأغلبية في مجلس الشعب يجب أن تشكل الحكومة، وهنا خرجت الأصوات بأن المجلس العسكري هو الحاكم الفعلي للبلاد في المرحلة الانتقالية وهو من توكل إليه هذه المهمة، وتبين بعد ذلك أن جماعة الإخوان تحاول اختبار ردود الأفعال، وحينما وجدت رفضا سارعت بنفي هذا الحديث حيث قال رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور محمد مرسي إن كلام الإخوان فهم خطأ حول هذا الأمر، وإن موقف الإخوان هو أن المجلس العسكري وفقا للإعلان الدستوري هو الذي يعين الحكومة ولكن حزب الحرية والعدالة طالب بأن توضع الأغلبية النيابية في الحسبان عند تشكيل الحكومة، ويبدو أن الإخوان انزعجوا من أن الشعب يقع في خيار بينهم وبين المجلس العسكري، وهنا من الممكن أن تدور الفتن أيهما أسهل حكم العسكر أم الحكم الإسلامي، وربما كانت تأخذ هذه المعادلة كثيرا من حسبة الإخوان.
وفي هذا الصدد قال مرسي لا نتوقع صداما بين المجلس العسكري الانتقالي والحكومة المكلفة، لافتا إلى أن روشتة المرحلة الانتقالية تستند إلى أن يتعاون مجلس الشعب المنتخب والحكومة المكلفة التي يشكلها المجلس العسكري، وجدد مرسي تهدئة مخاوف المسيحيين في مصر، مشيرا إلى أن موقف الحرية والعدالة هو أن يحتكم المسيحيون إلى عقائدهم وشريعتهم الخاصة، مضيفا سنحتكم إلى آراء الخبراء في قضايا السياحة والبنوك، وأن لديهم خطة لجذب 50 مليون سائح أجنبي إلى مصر، مشيرا إلى أن حزب الحرية والعدالة لن يكتفي بشعار الإسلام هو الحل فقط، وإنما سيقدم برامج اقتصادية وسياسية واستثمارية أيضا، وقال إن من لديهم مخاوف من الدولة الدينية أقول لهم شعارنا «مصر دولة وطنية ديمقراطية حديثة» وإن الدولة الدينية ليست موجودة في الإسلام، وتابع أن الفرصة قائمة لإقامة تحالفات بعد الانتخابات داخل مجلس الشعب حتى نلغي من الأذهان فكرة احتكار أي فصيل سياسي للسلطة، لافتا إلى أن إجمالي ما حصلت عليه قائمة الحزب حتى الآن هو 40 % من الأصوات وهو ما يعادل 40 مقعدا، وأن الحزب في الانتخابات الفردية قد فاز فيى 3 مقاعد فقط في بورسعيد والإسكندرية وحلوان.
وحاول مرسي بدهاء تهدئة الشارع السياسي فما زالت هناك جولتان ربما صاحبتهما تحالفات للحد من فوزهم، وقال إنه لا صحة لاكتساح جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في حزب الحرية والعدالة للانتخابات النيابية في المرحلة الأولى حيث إن النسب متقاربة وأشار إلى أنهم احترموا قرار حزب الوفد بفض تحالفه معهم إلا أنهم كانوا يفضلون أن يستمر التحالف، مضيفا أن حزب النور السلفي حصل على 30 % من المقاعد وحصلت الكتلة على 18 % وهو ما ينفي اكتساح الإخوان للأغلبية النيابية في المرحلة الأولى حتى الآن، وقال مرسي إن الهدف من ترويج الشائعات عن اكتساح الإخوان هو الاستمرار في استخدام الفزاعة لتخويف المجتمع من وصول التيار الإسلامي للسلطة.
وتأتي المفاجأة الأبرز في هذه الجولة بفوز السلفيين الذين لم تكن لديهم أية خبرة سياسية ولم يمارسوا أي عمل سياسي طيلة فترة النظام المخلوع، ورغم ما هو معروف عنهم من المغالاة في الدين بتخويف وترهيب الناس جاءت نسبتهم عالية، ورجح الخبراء ذلك لتخيير الشعب بين الإسلام والمسيحية في هذه الجولة. ومن جانبه أكد عماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفي إنه غير راضٍ عن النتائج الأولية للمرحلة الأولى في الانتخابات البرلمانية، وإن الحزب يسعى لحصد المزيد من المقاعد في البرلمان، لافتا إلى وقوع تقصير في حملة الحزب الانتخابية، حيث لم يكن لهم تمثيل قوى في بعض اللجان قائلا، «لقد كنّا نتمنى أن نكون الأوائل في الانتخابات»، ووجه عبد الغفور رسالة إلى الشعب المصري قائلا إن «حزب النور يقدر المسؤولية نحو المصريين كافة ونضعهم في أعيننا، ووضع المرأة سيكون أفضل، ووضع الأقباط سيكون أفضل، حين يوجد حزب النور، فمصر لا يبنيها النور فقط أو الحرية والعدالة فقط بل سيبنيها كل المصريين بأيديهم».
كما أوضح د. ناجح إبراهيم عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية أن تخوف الشعب المصري من الإسلاميين يقتصر فقط على النخبة، أما البسطاء فانتخبوا الإسلاميين لثقتهم بهم ولأن الشعب المصري متدين بطبيعته، وأضاف أنه على التيار الإسلامي أن يدرك أنه سيكون مسؤولا عن الشعب المصري بكامله وليس عن جماعته فقط، لذلك عليه ألا يقصي أحدا لأن موقعهم كمسؤولين يختلف عن موقعهم كدعاة، وطالب إبراهيم التيار الإسلامي بألا يخلق عداوات مع الدول الغربية ويعمل على النهوض بمصر حتى لا تتكرر مأساة 56 و67، وتابع قائلا: «عليهم إصلاح البيت من الداخل ثم التفرغ للخارج».
أمّا الكتلة المصرية فقد أعربت في بيان لها عن سعادتها بالمشاركة الكثيفة الواعية لجموع الشعب في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، أملا في صناعة مستقبل مصر الجديد، والعبور لتحول ديمقراطي حقيقي، وقد أثبت الشعب وعيه وإيمانه اللامحدود بالديمقراطية والحرية، وأن إرادة الشعب العظيم لا تلين.
المفاجأة الأكبر في هذه الجولة جاءت في تدني النسبة التي حصل عليها حزب الوفد أحد أعرق الأحزاب المصرية، فالوفد قام قبل الانتخابات بحملة انتخابية كبيرة، وكان متوقعا احتلاله المركز الثالث على أسوأ تقدير، إلا أن الوفد خالف التوقعات هذه الجولة، وأعلن رئيسه الدكتور السيد البدوي أن الحزب حصل على 13 مقعدا في هذه الجولة، ووصف البدوي من يلعب على وتر الطائفية، بأنه «يلعب بالنار التي ستحرق الجميع»، واتهم في هذا الصدد الإخوان والسلفيين باللعب على هذا الوتر، وتوجيه الكنيسة للأقباط للتصويت لصالح حزب بعينه، قائلا: «إن هذا الأمر تجب مراجعته، فالأزهر والكنيسة رمزان للوطنية المصرية والوحدة الوطنية»، وشدد رئيس حزب «الوفد»، على أن علاقته بالكنيسة المصرية جيدة جداً وسوف تظل كذلك مدى الحياة لأنها عقيدة وفدية «فالوحدة الوطنية والمواطنة من ثوابت الدين قبل أن تكون من ثوابت الوفد»، محذرا من تعرض مصر للعزلة، على خلفية ما حدث في المرحلة الأولى من الانتخابات واحتمال سيطرة تيار معين على الحياة السياسية، قائلا «مناخ الاستثمار والبورصة سيتأثر بالسلب وسيصل الدولار إلى 10 جنيهات، فسيطرة تيار معين هو أمر غير طبيعي»، وحرض الناخبين على عدم التصويت للتيار الإسلامي، بقوله «المصريون لديهم من الفطنة والذكاء ما يجعلهم يستشعرون هذا الخطر الذي يحيط بمصر»، وأكد البدوي أنه يجب على الجميع احترام قواعد الديمقراطية، واختيار الشعب، وأشار رئيس الوفد إلى أنه رغم اتجاه البعض إلى التنافس الديني، لكن على الجميع في النهاية احترام اختيار الشعب، وأوضح أن صورة الوفد ستتغير في الجولتين الثانية والثالثة، وسيكون له نصيب أكبر في المقاعد.
أما المفاجأة الأغرب في هذه الجولة فهي عدم الإقبال على التصويت من الأساس لائتلاف شباب الثورة، الذي انشغل كثيرا بميدان التحرير، بشده وجذبه، تاركا خلفه أحزابا استعدت ولعبت في الظلام لتحتل مركزا في السلطة بعيدا عن المظاهرات، وهنا فسر المراقبون ذلك بعدم خبرة الشباب وحماسهم الزائد الذي لعبت عليه أطراف كثيرة لها باع طويل في الملعب السياسي، فكانت هذه الأطراف تغازل الشباب وتشجعهم على ما يفعلونه بالميدان، وهي في نفس الوقت تستعد للمعركة الحقيقية التي تمثل الشرعية الأساسية وهي الانتخابات، وللهروب من هذه الهزيمة أعلن معظم الشباب انسحابهم من الانتخابات وذهابهم مرة أخرى إلى التحرير الذي يرى البعض أن فرصه ستكون ضعيفة جدا بعد الانتخابات، فقد جاءت المشاركة في جمعة الأمس التي أطلق عليها جمعة (تأبين الشهيد) ضعيفة جدا، بالإضافة إلى اتجاه معاد للتحرير في ميدان آخر وهو ميدان العباسية الذي ينتقد ثوار التحرير ويؤيد المجلس العسكري، وهذا الميدان لا يقل أهمية الآن عن التحرير، وربما يفوقه في الأيام المقبلة.
كانت الملاحظة الأجدر بالذكر هي المشاركة النسائية العالية في التصويت رغم أن المرأة ليس لها سوى 2% فقط في البرلمان المصري، وهنا قالت الناشطة عزة كامل إن المشاركة السياسية للمرأة كانت كبيرة، مشيرة إلى أن مؤشرات نسبة تمثيل المرأة في البرلمان لن تتجاوز ال2% في البرلمان، وأنها نسبة غير مرضية في جميع الأحوال، مضيفة أن نسبة المرشحات في الانتخابات الحالية كانت 15.6% في القوائم و6.3 % في الفردي، مؤكدة أنها نسبة لا تتناسب مع مشاركة المرأة في التصويت في الانتخابات الحالية، وانتقدت عزة وجود بعض التحالفات التي تم رصدها في اللجان الانتخابية للنساء، مشيرة إلى أن المؤيدات للتيار الإسلامي كن يحثثن غيرهن على التصويت لصالح التيار الإسلامي، مضيفة أن اللجان شهدت وجود عدد كبير من المراقبات المنقبات داخل اللجان وقيامهن بتوجيه السيدات للتصويت لصالح مرشحي التيار الإسلامي، وأضحت أن أكثر الانتهاكات التي تمت بلجان السيدات في المرحلة الأولى كانت ضبط إحدى المنقبات التي قامت بالتصويت 15 مرة في أكثر من لجنة بعد أن تم الكشف على بطاقتها.
الإعلام المصري أشار في مجمله إلى أن الطائفية حسمت هذه الجولة من الانتخابات، ودلل على ذلك بالحادثة الأشهر في الدائرة الثالثة بضاحية مدينة نصر بالقاهرة، حيث المعركة بين مرشح الحرية والعدالة، والدكتور مصطفى النجار أحد أبرز شباب الثورة، حيث انتشرت صور للأخير على شبكة الإنترنت بأنه مرشح المسيحيين والكنيسة وسرعان ما انتشرت هذه الإشاعة أمام اللجان بوساطة محسوبي الإخوان المسلمين، الأمر الذي أدى إلى حدوث إعادة في هذه الدائرة على هذا المقعد، كما شهدت الجولة أيضا خروجا الناشطة المعروفة جميلة إسماعيل زوجة الدكتور أيمن نور بعد انسحابها واعتراضها على العملية. وفي هذا الصدد رأى بعض الحقوقيين أن الانتخابات المصرية في جولتها الأولى شابتها بعض التجاوزات، ولكنها في مجملها لا تبطل العملية وقال الحقوقي المصري أحمد فوزي إن الانتخابات شهدت العديد من التجاوزات والمخالفات ولكنها لا تبطل الانتخابات، وإنها أنزه انتخابات شهدتها مصر خلال ال 40 عاما الماضية، موضحا أن أبرز المخالفات هي تجاوز ميزانية جميع الأحزاب للإنفاق على الدعاية الانتخابية عدا الثورة مستمرة، واستمرار الدعاية أثناء عمليات التصويت وهو يعد خرقا لتعليمات اللجنة العليا، وأضاف فوزي أن الجريمة الكبرى التي شهدتها المرحلة الأولى هي تبادل الاتهامات بين الأحزاب، مشيرا إلى أنه ليس من المقبول أن يستخدم حزب النور شعار الكتلة الصليبية على موقع الحزب، مشددا على ضرورة أن يكون هناك موقف للجنة العليا للانتخابات لوقف مثل هذه الانتهاكات، مطالبا بضرورة أن يكون هناك تعريف محدد لاستخدام الشعارات الدينية خلال الانتخابات، وزاد أن الداخلية لم تنجح فى تأمين القضاة وجعلتهم عرضة للبلطجة، مشيرا إلى أن عدداً من القضاة تم احتجازهم داخل اللجان ولم تنجح الشرطة في حمايتهم من البلطجة، مشيرا إلى أنها تعاملت مع الانتخابات بمنطق الحياد السلبي. كما رأى بعض آخر من الحقوقيين أن توزيع الرشى على الناخبين كان ظاهرة ملحوظة أيضا لهذه الجولة، ووصف البعض ما حدث بأن الإسلاميين في هذه الجولة مارسوا عادات الحزب الوطني المنحل في انتخاباته السابقة.
اكتساح التيار الإسلامي وسيطرته على مجريات الأمور في بدايات الانتخابات المصرية أزعج دوائر غربية كثيرة، وظهر هذا بوضوح في تقارير وسائل الإعلام الدولية بأن فوز الإسلاميين سوف يقلب نظام الشرق الأوسط كله، وعلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية على هذا الأمر بأنها الخطوة الأكثر أهمية على الإطلاق منذ صعود الإخوان مع بداية الربيع العربي، ورأت الصحيفة، أن تلك النتائج الأولية تؤكد على امتداد النفوذ المتنامي للإسلاميين في المنطقة التي كان يحكمها من قبل حكام مستبدون متحالفون مع الغرب، فالإسلاميون قاموا بتشكيل الحكومة في كل من تونس والمغرب، وسيكون لهم دور كبير في ليبيا ما بعد القذافي، إلا أن انتصار الإسلاميين في مصر وهي أكبر الدول العربية وأكثرها نفوذا وحليفة لأمريكا، وتعد محور الاستقرار الإقليمي، هو الذي سيكون لديه القدرة على قلب النظام الموجود في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتابعت الصحيفة قائلة، إن الصعود غير المتوقع للسلفيين إلى جانب الإخوان سيحول على الأرجح دفة المركز الثقافي والسياسي نحو اليمين، فقادة حزب الحرية والعدالة، سيشعرون على الأرجح بضرورة منافسة السلفيين على أصوات الناخبين، وفي نفس الوقت لن يشعروا بنفس الحاجة إلى التسوية مع الليبراليين لتشكيل حكومة، وتنقل الصحيفة عن الباحث بمؤسسة القرن في القاهرة، مايكل وحيد حنا، قوله إن هذا يعني أن البرلمان قد يصبح شأناً يخص الإسلاميين، إذا أراد الإخوان ذلك، أي مناظرة بين الإسلاميين الليبراليين والإسلاميين المعتدلين والإسلاميين المحافظين، وتوقعت الصحيفة أن الأغلبية الإسلامية الجديدة من البرلمان ستزيد على الأرجح من صعوبة الحفاظ على الشراكة العسكرية والسياسية مع الولايات المتحدة، على الرغم من أن الجيش قال إنه يخطط للحفاظ على احتكار العديد من جوانب الشؤون الخارجية، ولن يفوت الإسلاميون الفرصة لانتقاد سياسات واشنطن تجاه العراق وأفغانستان وإسرائيل والفلسطينيين.
وبينما قال الإخوان إنهم سيبقون على معاهدة السلام مع إسرائيل أو ربما يتفاوضون عليها من جديد، إلا أن السلفيين قالوا إنهم سيطرحونها للاستفتاء. ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفض الكشف عن هويته قوله إنه من الصعب أن تكون هذه أخبارا سارة لإسرائيل.
ويبقى أن الانتخابات البرلمانية المصرية لم تنته بعد فما زالت هناك مرحلتان لا تقلان أهمية عن الجولة الأولى، وتنقسم التوقعات فيهما إلى استمرار الزحف والفوز الإسلامي، ففي الجولة الأولى تم الانتصار على الليبراليين في محافظات القاهرة والبحر الأحمر وبورسعيد التي تمثل معقلا لليبراليين، أما الجولتان المتبقيتان فستكونان في الأقاليم المصرية الريفية المحافظة، وهي أقاليم ملتزمة دينيا بالفطرة، وأن اختيار الإسلاميين فيها سيكون بالأمر اليسير، أما التوقع المعاكس فهو انزعاج النخبة المصرية من هذا المد الإسلامي، وأنهم سوف يعدون العدة لجولات أكثر منافسة بالاستعداد الجيد لمنع الفشل في الجولة الأولى. على أية حال أمامنا أقل من شهرين لانتهاء الانتخابات، وسوف تفصح الأيام فيهما عن هوية مصر المستقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.