جاء في الاخبار ان اتحاد عمال كينيا جدد تأكيده برفض القرارات التي تستهدف القادة الافارقة دون غيرهم، وقال أمين عام الاتحاد فرانسيس اتولي، في اتصال هاتفي مع بروفيسور غندور رئيس الاتحاد القومي لنقابات عمال السودان، ان اكثر من مليون عامل كيني يؤكدون وقوفهم مع الرئيس البشير والسودان ضد قرارات المحكمة الجنائية. بالتأكيد هذا الموقف ليس بالغريب على القيادات النقابية الافريقية عامة، فالقرارات الذي اصدرتها إحدى المحاكم الكينية بحق الرئيس البشير حال قدومه كينيا تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن دول افريقيا من هذا النوع (كينيا) لازالت ترزح في الاستعمار، بل أن الاستعمار لم يخرج منها حتى الآن، دولة مثل كينيا لا تاريخ ولا حاضر ولا دور طليعي نضالي لها في افريقيا تتجرأ على دولة هي كل أفريقيا، بل وقلبها النابض، فالسودان هو الذي علم الشعوب الافرقية السياسية وضرب اروع الامثال في النضال لنيل الاستقلال، ما هذا الذي يحدث.. لكن والحق يقال إننا اخطأنا كثيراً عندما جعلنا من هذه الدول (كينيا) مكاناً لتتشرف فيه وتتفضل لنا بأن سلاماً قد وقع في اراضيها ذات يوم (نيفاشا)، الآن فعلاً ادركنا خطأ التقديرات السياسية والدبلوماسية وصدق قول الذين لم نسمعهم بأن نيفاشا كانت اكبر خديعة وأكبر فخ وقعنا فيه، وها هو الفصل الأخير من نيفاشا يظهر في فحوى هذا القرار الاستعماري المحمول جواً إلى كينيا وحكامها المهترين مهما جاء المناديب ومهما تباكت الدبلوماسية هناك. فالحلقات مربوطة ببعضها البعض وهذه الصفعة تم توجيهها للسودان الآن ليس من باب الصدفة ولا التخبط في التخطيط بل هي أشياء مدروسة ومدبرة وذلك بعد أن حقق أهل السودان انتصاراً جديداً بضم قوى سياسية كبيرة وذات ثقل جماهيري في الحكم وبالتالي لا اشك في أن هذه الخطوة إنما كانت تستهدف هذه الأجواء التي تعيشها الخرطوم. استوقفتني كلمات عميقة وإستراتيجية وجميلة للرجل المجاهد الخلوق اللواء ركن طبيب عبد الرازق مصطفى في عموده المعهود والشهير (أعزائي القراء) على صفحات مجلة طبيبك والعائلة، فهو يقول: صحيح أننا اجتهدنا وأخلص منا بعض قادتنا وجاهدوا وصبروا وصابروا ورابطوا وانجزوا وتحملوا العنت والمشقة والبلاء - في إشارة لتجربة الحكم الإسلامي - ووقفوا في وجه الاستهداف والتآمر بكل شجاعة حتى أضحت القيادة العليا ورمز السيادة لهذه الدولة في شخص الرئيس البشير هي المستهدف الأول بالطعن والملاحقة والقتل المعنوي ومحاولات الاعتقال، فضرب أروع الامثلة في الشجاعة والمواجهة والحنكة والحكمة والصبر والتجرد، ونال موقعه في قلوب الناس والتفت حوله الجماهير، ويقول اللواء عبد الرازق الآن تتجاذبنا الابتلاءات بعد انفصال الجنوب الذي لم نكن نبشر به ولم نسع له بل ربما لم نكن نتوقع حدوثه فلم نتحسب له وكان ذلك عين الخطأ، فليس من المعقول ولا من الحكمة مطلقاً أن لا نضع احتمالاً للانفصال وأن لا نتحسب له ولا يتم الترتيب لخطة بديلة. الرجل في كل مقالاته التي كتبها ظل يحذر من عدم تمكين العالم الاوربي والامريكي واليهودي من تنفيذ اجندته بقوله في إحدى كتاباته ايضاً: إن النظام ليس لديه مشكلة مع شعبه في التوجه، فتوجه الدولة وشعبها هو سبب عداء الغرب، وقال إن البشير ومؤسسة الرئاسة تجد القبول عند الشعب رغم محاولات القتل المعنوي وكروت المحكمة الجنائية وغيرها. والرجل في كل مقالاته وكتاباته كان يدعو إلى الاعتبار بالعبر والدروس المستفادة من كل التجربة لذا ختم مقاله هذا بالقول: (فلنسارع بنزع ذلك الفتيل الملتهب ولنقدم للعالم نموذجاً رائعاً في الأزمات، ولنستعيد موقعنا بالمقدمة في ريادة الزحف الإسلامي المتمدد.. فقط أن لا نتأخر وأن لا نتباطأ). أنا من جانبي أقول إنه لا فرق الآن بين كل السيناريوهات سواء كانت كاودا (2) أو كينيا (المحكمة) أو أوكامبو وقراره الأخير.