من فترة وتركيا ترعى المعارضة السورية وتستضيفها. وعند بداية الربيع العربي وقبله كانت العلاقة بين حكومتي البلدين طيبة، وكانت طيبة على نحو خاص بين رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان والرئيس السوري الدكتور بشَّار الأسد . وفعل الأتراك كل ما في وسعهم لتليين الموقف السوري الرسمي المتشدِّد العنيف من حركة الاحتجاجات التي انطلقت من مدينة درعا ثم إلى بقية مدن القُطر السوري، وسقط خلالها مئات القتلى، وفُرضت على سوريا عقوبات اقتصادية دولية وعلَّقت جامعة الدول العربية عضويتها، ونادى البعض بتدخُّل أجنبي على غِرار ما حدث في ليبيا، وكان له دور لا يُنكر في الإطاحة بنظام معمر القذافي. ثم يئس الأتراك من إمكانية تغيير الموقف السوري الرسمي واستجابته لمطالب المحتجين، وساءت العلاقة بين البلدين في مستويات الحكم العليا. وأسس المعارضون السوريون جيشاً سمَّوه الجيش السوري الُحر. ورغم اضطرارهم إلى هذه الخطوة، إلا أن حمل السلاح خارج نطاق الجيش الرسمي له عواقبه الوخيمة. وقد تجرَّعنا هذه العواقب هنا في السودان منذ حركة أنانيا الأولى. وقال أحمد رمضان أحد قادة المجلس الوطني السوري الذي هو أهم المجموعات المعارضة: اتفقنا على ألا نشن هجوما ًمسلحاً على النظام السوري. وأضاف أن قائد الجيش السوري الُحر رياض الأسد اتفق معنا على أن تستمر حركة الاحتجاج السورية حركة مدنية، وأن الجيش الُحر لن يُطلق النار إلا إذا تعرَّضت حياة المدنيين للخطر . ويرى بعض المحللين أنه ليس بالضرورة أن يستمر هذا الاتفاق الذي تم في تركيا بين المجلس الوطني والجيش الُحر طويلاً، وهو أول اجتماع يُعقد بين الطرفين. ويبدو أنهما يسعيان إلى إنشاء مجلس مشترك يقود المعارضة التي تستهدف إزالة النظام البعثي الذي يتزعمه الرئيس بشار الأسد، ويتألف المجلس الوطني السوري من مائتي عضو ويقوده برهان غليون الذي يقيم في العاصمة الفرنسية باريس. وجاء في الصحف أن المجلس يتخوَّف من أن تؤدي العمليات العسكرية ضد بعض الأهداف الحكومية والسفارات الأجنبية في سوريا إلى نتائج سالبة يستفيد منها النظام الذي دأب منذ بداية الاحتجاجات على ترديد أن النظام يحارب عصابات مسلحة. ومن المخاوف أيضاً أن إنشاء ذراع عسكري للمعارضة قد يؤدي إلى صراعات داخلية بين مختلف الجماعات المعارضة وتشتيت التركيز من الهدف الرئيس الذي هو مقاومة النظام وتغييره إلى مسار آخر. وتأسس الجيش الحُر يوليو الماضي من خمسة عشر ألف مقاتل ويقولون إن كثيراً من أسلحته تم تهريبها من ليبيا عن طريق تركيا وقد أنشئ المجلس الوطني في إستانبول . ويقولون أيضاً إن قرار تركيا بفرض عقوبات اقتصادية على سوريا جعل تركيا التي أصبحت أهم حلفاء المعارضة السورية بعد يأسها من استجابة نظام الأسد لمطالب المحتجين بديلاً عملياً للتدخُّل العسكري الغربي الذي طالب به البعض . حفظ الله سوريا التي كانت عاصمة العالم الإسلامي أيام الخلافة الأموية وشعبها الوحدوي الذي كان في العصر الحديث هو قلب العروبة النابض.