إن كنت بأسلوبك هذا تبحث عنك بين أسطري بين الناس، فها أنا ذا أخرجك لهم كما أخرجت البتول المسيح، وإن كنت تبحث عن شهرتك بين هشيم فرحي، فإني أعلنك للملأ عشقاً وزاداً ورفقة لرحلة العمر المرهفة، وإن كنت تقصد تحريكي بهذا الصمت وهذا العناد، فأنا يا سيدي بركان وماء، رياح ومطر، وزلزال وهدوء، أما إن كنت تعاملني معاملة البحر للسحاب، فترفق بي، لأن البحر يضحي بمائه ليتبخر في الأفق، ويترجى أشعة الشمس كي تساعده بتحويل الماء لبخار، ويسأل الله أن يتكثف، ويطرق باب الهواء ليغادر داره ويتركها للسحاب ليبكي دموعاً تعود لتروي ظمأ الأرض! أما أنت فإنك تحرض عليّ الزمان والمكان، وتهجر قلبي لألم الحزن. وتغادرني نحوي وتبتعد عن نظري ليمجدك خافقي أكثر فأكثر، وتمنحني تذكرة عبوري لك ثم تستوقفني عند كل مدخل فيك وتذيقني ذل السؤال! مالك تعبرني دون إذن مني، وتملكني دون إثبات حق، وتعتريني مثل حمى الشتاء، تشتت أفكاري وأزمجر تتركني في العراء السقيم. وأراك تغني على مشرحة الصمت وترقص ما تستطيع على جثمان حروفي! ماذا يرضيك لأفعله، أكفاك الدم عربون هدنة بيني والدمع؟ إن كان سيقيني شر هجرك فلك ما تريد، أما إن كنت تظن أن هجرك يمنحني متعة الكتابة فإنك على خطأ، لأني أكتب أحرفي من لهب الدمع ودم القلب الجريح.