رغم أنها ما زالت في فترة العدّة على رحيل زوجها - عليه الرحمة - استضافتنا في بيتها وأفردت لنا مساحة من الزمن لإجراء هذا الحوار.. دكتورة سعاد الفتاح تسامت على وجعها الخاص، وعلى جرحها لتتحدث عن جراح البلد.. قوية حتى حين تجهش بالبكاء.. لم يخنها تماسكها ولم تضعف حين طفرت دموعها أثناء الحوار، ثم ذرفت حار الدمع حزناً على فقدها.. الحوار كان للمراجعة والتقييم، والدكتورة وضعت بشجاعة إصبعها على مواطن الجرح وهي تقول: (نعم لا بد من المراجعة وتصحيح المسار).. وفي الحوار حملتنا رسالة إلى الصادق المهدي وأخرى إلى الشيخ الترابي، كما حملتنا رسالة دافئة إلى رئيس تحرير هذه الصحيفة: (قولي للهندي عز الدين أنا أتابع مسيرتك وأتابع صحيفتك التي قفزت بالزانة وحققت نجاحات كبيرة - رغم أنها (جاءت أول أمبارح) - إنت نجحت وتميزت، و(الأهرام اليوم) صحيفة مقروءة، وفي الوسط الذي أعيش وأعمل فيه النساء من حملة الدكتوراة وحتى الكتّاب وما قبل الكتاب يقرأونها ويتابعونها.. حقيقة هناك تميز وهناك شجاعة وصراحة).. بحسب شهادتها.. سعاد مضت بالقول: (الهندي عز الدين أنا أحبه حب الأم لولدها، فهو (ولد شقي)، كما يقول المصريون).. معاً نتابع حوار المراجعات: { خطأٌ أُرتُكب وأغضب دكتورة سعاد، ومازال يُغضبْها؟ - (بعد صمت للحظات قالت): - انحسار ظل المرأة من ناحية قانونية. الإنقاذ أنصفت المرأة ولكن.. وهذا لا يرجع للإنقاذ ولكن يرجع للمرأة. فالإنقاذ فتحت الأبواب على مصراعيها أمام المرأة حتى في القضاء الذي كان محرَّماً على المرأة المصرية والمرأة العربية، مفتوح أمام المرأة السودانية، ولكن هناك أشياء غير مقصودة ترجع المرأة إلى الوراء كلَّما حاولت أن تتقدم. { مثل ماذا؟ - واحدة من هذه الأشياء التي أرجعت مسيرة المرأة إلى الوراء وإلى الآن نحن نعاني منها وآمل من الناس أن يسمعوا حديثي في هذه النقطة: الكوتة في المجلس الوطني..هي اسمها الكوتة؟! أنا أخجل! أنا الآن جئت بالكوتة ولكني جئت لسبب إستراتيجي وليس بسبب أني أريد أن أدخل المجلس الوطني..الكوتة تُفسد الحياة السياسية للمرأة. والمنطق الذي يُساق منطق معوج وأعرج، قالوا إن الرجل لا يعطي المرأة صوته وأن المرأة نفسها لا تُعطي المرأة صوتها..!! وهذا كلام نظري وأُبرهن بالآتي: في عهد النميري زكية عبد الرحيم فازت في دائرة تعتبر قروية - في دارفور والرجال أعطوها أصواتهم.. وسقط الرجال المترشحين معها.. وفاطمة أحمد إبراهيم ترشحت في بري دعمها الحزب الشيوعي؟ أم دعمها الناس؟ أم دعايتها كانت.... هذا كله..!! ... فاطمة فازت وسقط رجال كانوا مترشحين معها..!! على ماذا يدل هذا..؟!! يدل على أن المرأة إذا زرعت سوف تحصد.. وأنا أعتقد أن هذه «الكوتة» تحطيم للمرأة وتكريس لفشلها ولضعفها. الآن «ربع البرلمان» نساء.. ماذا فعلن؟ إلى الآن «ما في شيء إتعمل بالكوتة» إلا أشياء هامشية مهرجانية لا تعني لي شيئاً. الكوتة أغضبتني ولاتزال تُغضبني واليد الواحدة لا تصفق.. الناس كلهم مع الكوتة إلا مولانا كاروري.. مولانا كاروري وقف في المنصة وقال «الكوتة غلط».. قلت له جزاك الله خير. { نعم.. حقيقة هي «غلط» أنا أيضاً معك. - إذن.. أكتبي هذا. { دكتورة كيف ترين المشهد الآن .. وكيف تنظرين إلى مشاركة الاتحادي الأصل في الحكومة ، ومشاركة نجل الصادق المهدي؟ - مشاركة الاتحادي الأصل تدل على وعي سياسي منقطع النظير من الاتحادي الأصل، وتدل على تحمُّل وإحساس بالمسؤولية كبير، وأنا أرحِّب بهم وأقول لمولانا محمد عثمان الميرغني برافو نجحت. أما دخول عبد الرحمن المهدي أعتقد أنه عمل تكتيكي، تكتيك مكشوف وهو أيضاً ذكاء تكتيكي من المؤتمر الوطني. { في ختام هذا الحوار ماذا تُريدين أن تقولي؟ هل من رسالة أو حديث تودين إرساله إلى أحد..؟ - أوقفوا الكوتة.. «هذه واحدة».. والتفوا حول حكومة القاعدة العريضة.. وعندي رسالة خاصة للصادق المهدي.. الصادق المهدي ابن صديقتي وحبيبتي رحمة عبد الله وهي امرأة أقوى من الصادق.. وربما أقوى شخصية في حزب الأمة هي رحمة عبد الله - بت يابا .. أنا أقول للصادق المهدي ابن صديق عبدالرحمن المهدي وابن رحمة عبد الله: (تمضي بعد لحظات طويلة من الصمت، وبصوت مشحون بانفعال هادئ): أصبت بخيبة أمل.. من موقفك! (ثم ردّدتها بإنجليزية): iam disappointed..!! وحزينة لذلك.. وأعتقد أن الصادق المهدي- وأنا أعرفه من قبل أن يدخل السياسة منذ الخمسينيات وأعرف أنه رجل شديد الذكاء - كنت أؤمل له في هذه الفترة من الحياة السياسية في السودان في وضع أخطر وفي مقعد أفضل من الذي يقعد فيه الآن.. قولي له «ماما سعاد زعلانة منك» ..«خُتيها بالمينشيت الأحمر.. ماما سعاد زعلانة منك يا الصادق..» { وماذا تقولي للترابي؟ - (بعد لحظة قصيرة من الصمت قالت): أقول له يا شيخ حسن الترابي الله يهديك .. لتأتي مع إخوانك وتصلح كل المعوج معهم. أدخل معهم المطبخ واكتوي بناره من الداخل، ولا تكن بالخارج في بر السلامة، والناس- إخوانك وأخواتك وأحبابك وحبيباتك يصطلون بالنار .. أدخل معنا في هذه النار واصطلي بها وأصلح ما تستطيع إصلاحه. أقول لك باسمى أنا سعاد الفاتح وليس باسم أي شخص آخر.. أنا احتاجك معنا. قولي له هذا. قولي له يا شيخ حسن «أنا أحتاج إليك معنا». ولكن أحتاج لحسن الترابي «بتاع الستينيات حسن أكتوبر» وحسن 30 يوليو 1989.. أريد حسن الترابي «بتاع 89 وبتاع 64» «ما عايزة حسن الترابي بتاع 2011» هذه نسخة أنا لا أريدها..!!