{ قصر (توب كابي) توجد به الأمانات المقدسة والتي تعود إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم جميعاً، كما أن هناك آثاراً تعود إلى عدد من الأنبياء عليهم السلام، وقبل أن أتناول ذلك بالتفصيل أسرد سرداً مؤجزاً تاريخ هذا القصر الذي بني بناء على توجيهات من السلطان محمد الفاتح في العام 1465م وكان مقراً لإدارة الدولة العثمانية لفترة أربعمائة سنة من عمر الدولة العثمانية الذي استمر لستمائة وخمسين سنة، حيث انتقل السلاطين بدءاً بالسلطان عبدالمجيد في العام 1856م إلى قصر (دولما باهتشه) وأصبح القصر القديم مكان إقامة والدات السلاطين حتى العام 1909م حيث تحول إلى متحف يتبع لوزارة الثقافة والسياحة وتحرسه القوات المسلحة التركية نظراً لما فيه من مقتنيات عظيمة. { عند الساعة الثانية ظهراً قدمنا لزيارة هذا المتحف وفي أذهاننا تصورات هائلة وعصف لا ينقطع ونحن سنرى بعد قليل بعض مقتنيات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخرى لصحابته وفئة ثالثة لعدد من الأنبياء عليهم السلام، تذكرة الدخول إلى المتحف ثلاثون ليرة تركية تعدل من عملتنا خمسة وسبعين جنيهاً، وجدنا عند مدخل المتحف وفي داخله أناساً من مختلف بقاع الأرض وبمختلف الأعمار، والاهتمام المتعاظم قاسم مشترك يجمع حتى الأنفاس التي تصعد وتهبط في تمهل على صعيد واحد والزحف داخل المتحف بطيء مما يجعلك تنفق أكثر من ثلاث ساعات حتى تقف متأملاً لكافة الموجودات بالمتحف وأنت تعود لتاريخ كل شىء دون أن تغيب تصوراتك القديمة لهذا الشىء نفسه قبل أن تطبق عليه نظراتك في هذه اللحظة. { بدأنا من الجهة اليمنى للمتحف فوجدنا أمامنا مقتنيات السلاطين وتفاصيل حياتهم وقصورهم وقد كان الذهب والكرستال والفضة والمجوهرات بكافة أنواعها والحرير وشاهدنا غرف نومهم وكراسي ملكهم وملابسهم وأدوات طعامهم وقد رأيت بأم عيني ملاعق وكاسأت الذهب والفضة وهي حياة مترفة وباذخة تسمو عندها الجماليات والفخامة والماديات بكل أشكالها، أما في جانب الأنبياء وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ذهب ولا فضة ولا كرسيتال ولكن الروحانيات تسمو على كل شىء والقيمة هنا تتجاوز عرض الدنيا الزائل الذي تأملناه في الجانب الآخر وهذه واحدة من الدروس التي يمكن أن تلتفت لها من داخل هذا المتحف وأنت تقارن بين حياة الملوك والحكام وحياة الأنبياء والصحابة وحسناً فعل الأتراك وهم يضعون كل هذه المقتنيات في مكان واحد. { وجدت نفسي أمام سيف سيدنا داؤود وعليه كتابة باللغة الهيروغليفية وقد أحضر السلطان ياووز سليم هذا السيف بعد عودته من حملته على مصر وعلى مقربة من سيف سيدنا داؤود عظم جمجمة وذراع سيدنا يحيى وتفيد الكلمات أسفلها أن السلطان مراد الثالث أحضرها إلى إستانبول ومعلوم أن سيدنا يحيى مات مقتولاً وتفيد بعض الروايات غير الموثقة أن امرأة تدعى (سالومي إيطلي) كانت تقف خلف القاتل. ومن مقتنيات الأنبياء عليهم السلام عمامة سيدنا يوسف عليه السلام وعصا سيدنا موسى عليه السلام ووعاء كان يستخدمه سيدنا إبراهيم عليه السلام. { من الأمانات المقدسة بالمتحف والتي تعود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم خاتمه ونعله وسترته، بالإضافة لسترتين أخريين، إحداهما تلك التي ألبسها الرسول صلى الله عليه وسلم لكعب بن زهير بمناسبة دخوله الإسلام وإلقائه قصيدة أمامه وقد أخذ معاوية بن سفيان رضي الله عنه السترة باعتباره من ورثة كعب، أما السترة الثانية فهي تلك التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم لأويس القرني من أهل اليمن، وكذلك بالمتحف قوس الرسول صلى الله عليه وسلم وخصل من لحيته الشريفة وأثر لقدمه الشريفة على صخر بالإضافة لبعض رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الحكام ولوائه المائل إلى السواد. { بالمتحف عشرون سيفاً، منها للرسول صلى الله عليه وسلم وهناك سيف سيدنا أبوبكر وسيدنا عمر، مكتوب عليه ابن الخطاب، سيف لسيدنا عثمان وسيدنا علي، طوله (112) سم، وسيف لسيدنا خالد بن الوليد وسيدنا معاذ بن جبل وسيدنا عمار بن ياسر وسيدنا جعفر الطيار، كما توجد بعض ثياب السيدة فاطمة الزهراء، عليهم رضوان الله جميعاً. { بالمتحف الكثير الذي لا يسع المجال لذكره لضيق مساحة العمود وإلى اللقاء في رحلة السبت القادم بإذن الله مع الرواية الخامسة. ذلك أن الخميس للمساحة الاجتماعية التي نحرص عليها والجمعة للمتفرقات.