السبت الماضي كان نادي الخريجين شاهداً على آخر المحاولات لترميم شروخ حزب الاستقلال بتوقيع ستة فصائل اتحادية على إعلان مبادئ لدمجها في حزب واحد يتكئ على مبادئ الآباء المؤسسين، ممثلة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية لمواطني بلاد النيلين، المحاولة الأخيرة تكتسب أهميتها من أنها نفذت بعد أيام من مشاركة أكبر الفصائل الاتحادية بقيادة مولانا الميرغني في الحكومة ليزاحم بذلك فصيلاً سبقه إلى ملاذات السلطة شاقاً عليه عصا الطاعة قبل أكثر من عشر سنوات وهو ما اعتبره نفر من عتاة الاتحاديين تمايزاً للصفوف يعجل بوحدة قوى الخير بمحاذاة وحدة قوى الشر في الوقت ذاته. (الأهرام اليوم) جلست إلى أحد أبرز الموقعين على الإعلان؛ الشريف صديق الهندي، للتمحيص فجاءت إفاداته على النحو التالي: { إعلان المبادئ الخاص بوحدة الفصائل الاتحادية تم التوقيع عليه بعد أيام من إعلان التشكيل الحكومي بمشاركة مولانا الميرغني وجلال الدقير هل كان ذلك رد فعل سريع لتصفية الحسابات مع الرجلين أم جاء في سياقه الطبيعي بعد اكتمال اجتماعات اللجنة المعنية؟ - الأمر يرجع للسببين، صحيح الاجتماعات كانت متواصلة منذ فترة طويلة وقبل شهر كان الميثاق جاهزاً وتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى من قبل ممثلي الفصائل ولكن كان هناك ترقب لتشكيل الحكومة لأنها مهمة جداً وستحدث فرز، خصوصا للاتحادي الأصل، لأنه كان هناك أشخاص منتمون للحركة الاتحادية - الكيان المشرف على الوحدة - وهم أعضاء بالاتحادي الأصل، وأصلاً مجموعة الدقير لم تخرج من الحكومة وهم باقون ما بقي الحكم، وصحيح لم يكن من المتوقع مشاركة الميرغني ولا الفكرة والطريقة التي شارك بها ولا المواقع وشاغلوها، وبعد المشاركة وهي حدث كبير كان لا بد من التوقيع النهائي ولكن التوقيع أصلاً معتمد على مسائل إستراتيجية وليست تكتيكية والتي يمكن أن تكون في تحديد التوقيت وغيره وفي الإعلان نفسه ليس هناك إشارة واضحة للمشاركة ولكن ينص صراحة ويلزم بمناهضة الأنظمة الشمولية. { في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه الميثاق قلت إن مشاركة الميرغني والدقير أزالت أكبر عقبتين أمام الوحدة الاتحادية إلى أى شيء ترمي تحديداً؟ - الفصائل الاتحادية سبق وأن وقعت على إعلان 21 أكتوبر في العام 2008 بمنزل الزعيم الأزهري، والدقير حاول جاهداً عرقلة تنفيذ الإعلان وصولاً للوحدة بل حل لجنة الوحدة بالحزب والتي كنت أنا رئيسها لأنها - الوحدة - كانت مقابل المشاركة وعليه الاختيار بينهما، أما الوحدة أو المشاركة في الحكومة، لذلك عرقل الوحدة، والميرغني كانت هناك مشكلة لدى كل الفصائل تتصل بعدم إقراره بالانشقاقات وكان يدعو لما يسميه لم الشمل ويقول إن هناك أفراداً خرجوا من الحزب وعليهم أن يعودوا وإن الحزب موحد منذ العام 1967 وهو ما لم يكن مقبولاً لدى جميع الفصائل. { تتحدثون عن وحدة وتستبعدون فصيل الميرغني وهو واحد من أكبر الفصائل ويتمتع بنفوذ تاريخي!! - نحن لا ننكر وزن أحد ولكن كل الذي حدث أن الميرغني بمشاركته في الحكومة فض التحالف القائم بين الوطني الاتحادي والشعب الديمقراطي، والاتحاديون تاريخياً لهم وزنهم الذي لا يقلل منه خروج فلان أو علان وسبق أن خرج رجل بقامة الفضلي وترك الوطني الاتحادي ولم يتأثر ورحل الأزهري والشريف حسين وزروق وبقي الاتحاديون لأن الفكرة لا تموت بموت أحد أو خروجه مهما كان. { المبادرات التي تشكلت لوحدة الاتحاديين هي أضعاف مضاعفة لعدد الفصائل نفسها والشاهد أن جماهير الحزب يئست تماماً وتتهم قيادات الفصائل بعدم الجدية في إنجاز الوحدة فهل تختلف المبادرة الأخيرة عن سابقاتها؟ - الخطوة الأخيرة لم تكن قفزة في الظلام وجاءت نتاج اجتماعات كثيرة وطويلة دارت فيها مقترحات ونقاشات جادة وسنستمر خطوة خطوة لأنه لا مجال لوحدة مرة واحدة كما يتحدث البعض عن الوحدة العربية يريدونها أن تتم في لحظة واحدة ونحن تركنا أي فصيل يدير شئونه لحين إكمال الوحدة ونحن وجماهيرنا نملك الإرادة الكافية وسننجح لأنه لا يوجد خيار آخر. { هناك همس عن خلافات داخل الوطني الاتحادي حول التوقيع على الميثاق وتحديداً بين رئيس الحزب يوسف محمد زين وحسن الحاج موسى الذي وقع إنابة عن الحزب، ما صحة ذلك وإن كان صحيحاً هل أجريتم اتصالات مع طرفي الصراع لتدراكه؟ - أولاً لا بد من معرفة أن الوطني الاتحادي قائم على ائتلاف ومن الطبيعي حدوث خلافات ولكن هي طفيفة ولن تؤثر في إنفاذ الوحدة وفعلاً هناك اتصالات تمت مع الطرفين ولكن أنا لم أكن جزءاً منها وبعض الإخوة ذهبوا لمقابلة مولانا أزرق طيبة للتوسط حول بعض المسائل التفصيلية مثل من وقع على الميثاق ولكن هم متفقون معنا على ما جاء في الميثاق وأكدوا لنا دعمهم الكامل لإنجاحه والخلاف ليس حول الميثاق ولذا لن يعرقل الوحدة. { الميثاق نص على تكوين هئية تنسيقية عليا لإدارة العمل التنظيمي والسياسي دون أي تفصيل ولا تحديد أعضائها ولا السقف الزمني لتنفيذ مهتمها؟ - نحن حالياً لنا أجهزة مؤقتة، لدينا مجلس يتكون من ست مجموعات أي مجموعة ممثلة بخمسة أشخاص ولدينا لجنة تنفيذية مؤقتة ستعمل لحين تشكيل الجهاز التنسيقي الذي سيكون بتمثيل متساوٍ لكل الفصائل، بما فيها مجموعة المستقلين الذين وقع عنهم د. عمر عثمان وهذه جبهة وطبيعة العمل في الجبهات تنسيقي ومن الناحية العملية سيكون هناك جهاز تشريعي بمعنى رقابي ومن الطبيعي سيكوّن له لجنة تنفيذية ولائحة تحدد السلطات والهيئة ستدير التنسيق في ما اتفقنا حوله وهو ليس أمراً سهلاً لذلك تركنا الكيانات قائمة لحين دمج الفصائل في حزب واحد، وفي ما يتصل بالزمن لا يوجد توقيت محدد لأننا لا نريد أن ندير القضية بالحماسة الزائدة لدى الناس حالياً، وكما أسلفت نحن غير راغبين في أي قفزة في الظلام. { وماذا عن اسم الحزب بعد الاندماج؟ - هذه قضية مفتوحة والاسم سيحدد عند الاندماج إن كان مسجلاً فسيتم توفيق الأوضاع وإن لم يكن مسجلاً فسيسجل، والاسم الكبير الذي يلتف حوله الناس لا بد من مراعاة الجانب القانوني فيه لأن مجلس الأحزاب أصبح حكومياً ويدافع عن المجموعات المشاركة في الحكومة وهذا اتهام مباشر نوجهه له. { على ذكر المجلس هل تسلمتم رداً على الاستئناف الذي تقدمتم به ضد قبوله لقرارات فصلكم؟ - لم ولن تأتينا أي ردود وهذا يحدث منذ مدة طويلة منذ تسمية الاتحادي الأصل المجلس يتجاهل مذكراتنا ولكن في النهاية ستنعامل معه على الرغم من أنه منحاز. { نفهم من ذلك أنكم تريدون حسم الصراع مع الدقير بإكمال الوحدة وتجاوز الجدل القانوني؟ - الأحزاب لا تنشأ ولا تبقى بقوانين، الأحزاب تكون بمواقف حقيقية وناس يحملون هذه المواقف. { هناك جدل حول ملكية نادي الخريجين بينكم وجلال الدقير لمن الملكية بالأساس؟ - الملكية للخريجين والشريف الهندي أهداه لهم ولا رجعة في ذلك ونحن لا يمكن أن ننتزعه ونعيده لبيت الشريف حتى وإن كانت آخر بقعة في الدنيا، فالقبر موجود، نحن آخر من ينقض وصية الشريف ونتشرف بهديته للخريجين والوطن والتي انتقلت تاريخياً للاتحاديين. { ولكن نادي الخريجين تفرق دمه بين القبائل؟ - المؤسسة باقية ولكن هم يخجلون من أن يأتوا لنادي الخريجين ليمارسوا فيه ما يمارس. { وفي حال تصعيدهم للإجراءات القانونية؟ - مرحب.. الإجراءات القانونية والتعسفية أيضاً وهذا النادي منذ الاستعمار يصادر ويعاد، صادرته أنظمة عبود ونميري والإنقاذ ونشاطنا ليس مقصوراً على مكان تحدده السلطة وهم سعوا لانتزاع الدار وذهبوا لجهات كثيرة ونحن ننتظر ماذا سيفعلون ونحن قائمون بأمر الله وأمر شعبنا ولا أحد بينهما. { بالعودة للميثاق قبل الوصول للاندماج الكامل هل تنوي الهيئة التنسيقية القيام بأنشطة ولقاءات جماهيرية بالعاصمة والولايات؟ - بالتأكيد ستكون هناك ليال سياسية ولقاءات وأنشطة مشتركة للشباب والطلاب والفئات المختلفة وسنحتفل بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان يوم 19 / 12 بدار الوطني الاتحادي وسنحتفل بعيد الاستقلال يوم 1/1 في منزل الزعيم الأزهري، وكنا في السابق نحتفل به في نادي الخريجين وهذه المرة سندمج الاحتفالين وسنطوف على كل الولايات لنقل الفكرة وتشكيل أجهزة ولائية مماثلة للأجهزة المركزية، وتوجد ولايات أعلنت منذ مدة طويلة الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي شكل عام 67 ولا تتبع لأحد والآن نحن اتخذنا الخطوة التي يأملون فيها. { الميثاق نص على مناهضة الأنظمة الشمولية هل يفهم من ذلك التحاقكم عبر الجسم المؤقت بقوى الإجماع الوطني لإسقاط النظام؟ - نحن لدينا أدوات اتحادية أقدم مما هو موجود ونمارس العمل المعارض بتقاليد اكتسبناها من تجاربنا الكثيرة وهذا لا يعني عدم التنسيق ولا المعاداة وإذا اتفقنا في المسائل العامة فسننسق بقلب مفتوح وإذا لم نتفق لكل إنسان وجهة نظره في تحمل المسؤولية الوطنية، ونحن لا نريد التجيير منذ وقت باكر مع فلان أو ضد علان وأكيد نحن ديمقراطيون ومع الشعب وإرادته وبالطبع نحن لسنا مع الحكومة ولا نطرح أنفسنا كحكام بل وطنيين يهمنا كيف نحكم قبل تحديد من يحكم، سواء كنا نحن أو غيرنا وهذه مسألة مبدئية وقديمة والآن النظام اختار من يعاونه من ويعاديه. { هل تتوقع أن تتم وحدة بين الدقير والميرغني بعد مشاركة الأخير في الحكومة؟ - من المعروف أن التحالف المصلحي سهل جداً وأنا أتوقع أن تقوم بينهما وحدة قائمة على تقاسم السلطة والثروة وهي خطوة بالضرورة لا علاقة لها بالاتحاديين ولا تاريخهم ولا مبادئهم ولا أخلاقهم. { هناك شخصيات كبيرة بالاتحادي الأصل رافضة للمشاركة، منها علي محمود حسنين وميرغني عبدالرحمن والتوم هجو وأبو سبيب هل لديكم اتصالات بها؟ - نحن على اتصال بكل الاتحاديين وهم على اتصال بنا، وعلي محمود والتوم هجو خاطبا المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه الميثاق من خارج البلاد، وسيد أحمد الحسين الأمين العام للاتحادي الأصل كان حاضراً لمراسم التوقيع، وكذلك أبو الحسن فرح وآخرون كثر حضروا وآخرون داعمون للخطوة لم يتمكنوا من الحضور وكلهم قيادات مرموقة تجعل الواحد يندهش فإذا كان هؤلاء رافضين للمشاركة فمن هم الداعمون لها ونحن لنا قضية مشتركة هي وحدة الاتحاديين وتقوية حزبهم ولعب دورهم من خلال المؤسسات وليس الرشاوي والترضيات والتأثير العاطفي الطائفي، وهناك اتحاديون أعظم من الموجودين حالياً ذهبوا مع الأنظمة الشمولية وآخرون استقالوا وآخرون رحلوا والحزب موجود وباقٍ ولن يضيره حفنة من المستوزرين، وعلى العموم نحن نرى أنه لا بد من الجدية في قضايا البلاد لأن ما يحدث حالياً لا جدية فيه والوضع مؤسف ومحبط بالنسبة للمواطنين هذا مسرح عبثي. { عطفاً على ما قلت ما توقعك لما سيكون عليه الحال في مقبل الأيام من الجانب الحكومي؟ - الرشد والغي موجودان ونسأل الله أن يمنحنا الرشد جميعاً.