واقع الحزب الاتحادي الديمقراطي بجميع فروعه وفصائله ومكوناته واقع يبعث على الأسى والإحباط، ويشير لمستقبل غامض ومخيف لكل سوداني قلبه على الوطن، لعدة أسباب لا صلة لها بأي أحد سوى قيادات الاتحادي، فإذا تجاوزنا اجترار الماضي لهذا الحزب العتيد الرائد وما لحق به من انشقاقات منذ وحدة 1967م، نجد مطامع الأفراد قد جعلته معبراً للكسب الحرام، واتخذوه مطية للجاه والمجد الكاذب، خاصة خلال حكم الإنقاذ، لذلك يكون من غير المقبول أن يقال إنه الحزب الذي يمكن أن يكون صمام أمان السودان. إذ أن القيم الوطنية التي أرساها الحزب منذ تكوينه الأول «حزب الأشقاء» من عفة وصرامة من حيث حقوق الإنسان وديمقراطية الحكم والعدالة في أسمى مؤسساتها وحماية المال العام من أن تمتد إليه أيدي المفسدين، قد تلاشت هذه القيم من كل من شارك الإنقاذ الحكم، وأصبحت المشاركة مسخاً وإذلالاً لكل اتحادي، وقد كان بالإمكان أن تكون المشاركة وفق قيم حزب الحركة الوطنية، وذلك بإبراز تلك القيم والتمسك بها وكشف كل فساد، حتى تكون المشاركة للوطن وللإنسان السوداني، ولكن لم يكن شيئاً من ذلك هو الباعث على المشاركة. ورغم ذلك لا ندين الشريف زين العابدين، ومهما يكن من أمر مشاركته فإنه لن ولم يكن مشاركاً لحفنة دولارات أو جاه أو ثراء حرام، ومن كل ذلك دعونا نطرح خلافنا اليوم في شأن وحدة الحزب، فقد تشظى الحزب إلى الاتحادي الموحد والوطني الاتحادي، وإلى فصائل هي الهيئة العامة وجماعة صديق الهندي وجماعات من الأصل، وأفراد لهم وزنهم الحزبي، وكل هؤلاء يرمون الميرغني والدقير بتمزيق الحزب والعمل من أجل مصالحهم الأسرية والشخصية، ونحن نشاركهم هذا الرأي، ولكن السؤال المهم هو ماذا فعل هؤلاء القوم لمعالجة اشكالية الحزب؟ الاجابة بكل وضوح لم يفعل هؤلاء شيئاً يذكر، ولئن تفاوتت المواقف فقد ضعف القيادات، ومطامع الأفراد ظلت هي المعيق لوحدة الحزب، وحتى لا يدعي مدعٍ غير ذلك لجماهير الحزب، إليكم أبين موقف اجتماعات ما يسمى الحركة الاتحادية.. الحركة الاتحادية شكل جاء وليد اجتماع شهير تنادى إليه الاتحاديون بدعوة كريمة من الصديق دكتور/ عبد الجبار، وتشكلت على إثره لجنة لوحدة الحزب اتخذت من نادي الخريجين مقراً لها، وذلك منذ عامين. وظللنا في اجتماعات مستمرة وحتى الآن لم تستطع تلك الفصائل أن تفعل شيئاً أو تخطو خطوة نحو الوحدة، بل حدث العكس تماماً، إذ تباعدت الشقة بينهم، وظهرت نوايا كل فصيل وهدفه بدون أدنى اتهام للميرغني أو الدقير، فقد أصبح الهجوم على الميرغني أو الدقير أو اسقاط النظام هو المبرر لاستمرار المشاكسات بين الفصائل. وأين الوحدة فلا إجابة مقنعة سوى التعلق بخيوط العنكبوت، وبذلك يمكن القول إن الداء فينا نحن، فضعف القيادات ومطامع الأفراد هو السبب الرئيس في تمزيق هذا الحزب، ومهما يكن من أمر المواقف فإن هناك تبايناً في الاستعداد لوحدة الحزب وإليكم التفاصيل: بما أن الفصيل الاساسي هو الاتحادي الموحد بقيادة الأستاذة جلاء الأزهري وآخرين، فإن موقف هذا الحزب يعتبر متقدماً نحو الوحدة وبذل جهد مقدر في سبيلها، وهذا ديدن هذا الحزب منذ وحدة الزعيم محمد والشريف زين العابدين في عهد الصداقة التي ضربت من أقرب الأقربين من الشريف زين العابدين وفصيل الشريف الصديق الهندي، ومما يدعو للأسى أن الصديق الهندي كما كان سابقاً ظل يناور حول الوحدة حتى الآن، هادفاً إلى مبتغاه مع غريمه الدقير وهيهات، أما فصيل الهيئة العامة فهذا الفصيل غير مسجل ولا أعرف له أهدافاً سياسية سوى أنه يطالب بإسقاط النظام. ونقول لدكتور شداد وأزهري على سوف يطول الانتظار لإسقاط النظام عن طريق الهيئة العامة. وهناك المنشقون على الأصل بقيادة دكتور عبد الجبار ودكتور أبو الحسن فرح وآخرون، فهؤلاء لهم إشكالية مع الميرغني، ووضح أنهما بصدد الاستمرار تحت مظلة ما يسمى الحركة الاتحادية كجسم هلامي تكايدهم الهيئة العامة كيما يظل هذا الجسم مطاطأً إلى ما شاء أن يكون، ووجد الشريف صديق ضالته في هذا الجسم الهلامي، وهم يعلمون تماماً أن الهدف أصلاً من هذه المظلة هو اتمام الوحدة، ولكن كيف تكون الوحدة ولكل فرد مطامع وحسابات ومصالح، إلا الموحد مهما قيل فيه من «قوالات» فإذا الموحد عائق للوحدة أو الاندراج تحت مظلته أمر مرفوض، فهناك مائة شكل لإكمال الوحدة، لكن شيئاً من ذلك لن يقوم به القوم، بدليل انهم اتجهوا للجماهير والقواعد في الأقاليم. والسؤال هو هل من معارض لوحدة الحزب؟ ان الالتفاف حول قواعد الحزب حركة عديمة الفائدة، ولقد أثبت الميرغني والدقير وبكل أسف قدرتهما على خلق الفعل السياسي، وبالمقابل عجز القوم أن يفعلوا شيئاً، لذلك وبكل ارتياح أحمل صديق الهندي ودكتور عبد الجبار مسؤولية فشل هذا المشروع العظيم. لقد كان آخر اجتماع للجنة التنسيق للحركة الاتحادية بنادي الخريجين خلال مايو المنصرم، أكبر دليل على تباين رؤى عناصر الحركة المزعومة، إذ وعلى المنصة اختلفت الرؤى تماماً نحو إكمال الوحدة أو إنشاء حزب جديد، لذلك ابتدع أحدهم فكرة الطواف على مدن السودان، وهل السودان هو مدني وكوستي؟ ان هذا العمل نحن لا نحمل له أية محمدة بل نرفضه لأنه عمل يتستر به دعاة الاستمرار فيما لا وحدة للحزب لمصالحهم الشخصية وخلافاتهم الحزبية، ومهما يكن من أمر فإن هؤلاء لن تكون لهم وحدة حزبية وهم الذين مزقوا الحزب، مهما علت أصواتهم وأفادوا الميرغني والدقير أكثر من يكونوا قد ألحقوا بهم الهزيمة الحزبية، فإن الحزب الوحيد الذي ظل يسعى للوحدة هو الاتحادي الموحد، مهما قيل عنه من أحاديث لا أساس لها، فإذا كان هناك من يرغب من الفصائل لمزيد من الحوار فليكن الباب مفتوحاً بيننا.. والله الموفق.