في عصر الكرة الذهبي شهدت حقبة الستينات من القرن الماضي عطاءً ثراً وباهراً في لعبة كرة القدم بجميع أنحاء السودان، حيث كانت تلك السنوات قد شهدت بداية التكوين الأول لاتحاد كرة القدم الأفريقي الذي تأسس في العام 1957م بجهود ثلاث دول هي السودان ومصر وأثيوبيا. وهناك نجوم ونجوم تألقت في ذلك الزمان يعرفها شعبنا المحب للرياضة تماماً، غير أنه وفي غمرة الأحداث وتوالي السنوات، نجد أن هناك لاعبين قد أعطوا عطاء باهراً، ثم أخذتهم مدن المنافي لعقود طويلة من الزمان. ومن ضمن هؤلاء النجوم، يطل علينا من الأفق البعيد اسم الكابتن المهندس (سمير حسن بابكر) والذي كان من أشهر حراس المرمى الذين شهدتهم بلادنا في ذلك الزمان البعيد، جنبا إلى جنب في فترات الحارس العملاق سبت دودو وفيصل السيد وهاشم محمد عثمان وعبدالوهاب صفيحة ورفعت وغيرهم كثر. كما عاصر نجومية ماجد وجكسا وقاقرين ومصطفى شاويش وإبراهومة الكبير وديم الصغير وإبراهيم يحيى الكوارتي والدحيش وعمرالنور وعمر التوم وود الزبير والطاهر حسيب وأوهاج وأمين زكي وحسبو الصغير والأسيد وجعفر نوبا ومحجوب الله جابو (البابور) وسمير صالح (سمارة ماش) وغيرهم كثر. ولعله قبل فترة قد نشرت الصحف احتفاليات أعرق أندية الخرطوم بحري وهو نادي الأمير البحراوي بمناسبة صعوده إلى الدرجة الأولى، حيث لا يتذكر الناس تاريخ هذا النادي وصولاته في دوري العاصمة في ذلك الزمان، إلا ويأتي ذكر حارس مرماه العملاق سمير حسن بابكر. ولأن كابتن سمير الذي اغترب إلى سلطنة عمان للعمل في مجاله المهني كمهندس ميكانيكي منذ خمسة وثلاثين عاماً، إلا أننا نرى من الواجب توثيق القليل من عطائه في كرة القدم كحارس مرمى بالفريق القومي في ذلك الزمان، وكحارس أول لمنطقة بحري بأسرها، وأيضاً في منتخبات الجامعات والمعاهد العليا السودانية التي كانت تشارك في الكثير من فعاليات الجامعات العربية والأفريقية. فالكابتن سمير حسن قد وقع في كشوفات نادي الأمير البحراوي في العام 1959م وقد كان طالباً في بداية المرحلة الثانوية ببحري، حيث انطلقت البداية الحقيقية لنادي الأمير في بداية الستينات بسبب صعود النادي بمتوالية متواصلة من الدرجة الثالثة فالثانية، ثم الأولى على التوالي في العام 1965م، والدرجة الأولى كانت تعادل الدوري الممتاز حالياً. كما كانت هناك كوكبة من النجوم في ذلك النادي العريق مثل الكابتن الفنان محمد ميرغني وأشولي وعمر شمة وبركية وقريب الله وآخرون كثر، ويأتي أيضاً من أهمهم حارس المرمى الذي رحل قبل أيام وهو (إدوارد) ابن بحري العريقة... وحين تألق نجم سمير حسن مع نادي الأمير ضد أندية الهلال والمريخ في الدوري المحلي بالعاصمة، تنافس فريقا القمة لضمه إليهما، غير أن خيار أهل بحري من الرياضيين هو انتقال سمير حسن إلى نادي التحرير الذي كان في قمة عطائه بالدرجة الأولى بالعاصمة... وحين كانت مناطق الخرطوم وأم درمان وبحري تتنافس في دوري المناطق التنشيطي، كان سمير حسن هو الحارس الأول لمنطقة بحري. لعب كابتن سمير حسن بعد إكماله الثانوية لفترة موسمين للنادي الأهلي بودمدني (سيد الأتيام) حيث كان والده الحاج حسن بابكر يعمل قيادياً بقطاع الحسابات بمشروع الجزيرة ببركات في عصر المشروع الذهبي، وقد شهد سمير عمالقة أهلي مدني كالراحلين سيد مصطفى وبابكر سانتو وأحمد الجاك، وشقيقه الكابتن والإداري ببركات لاحقاً حكيم الجاك (حكومة) وقيس عبادي وأحمد حامد وأبوصاحبو وغيرهم وقد كانت أندية ودمدني الأربعة تعج بالعمالقة في ذلك الزمان وهي أندية الاتحاد والأهلي والرابطة والنيل والتي كانت تشكل فرق الدرجة الأولى قبل ظهور منافسات الممتاز. غفل سمير حسن بابكر راجعاً إلى الخرطوم بحري حين تم قبوله في العام 1964م في كلية الهندسة بالمعهد الفني العالي بالخرطوم (جامعة السودان حالياً)، وقام بإعادة تسجيله بنادي التحرير والذي شهد العمالقة كمال حسب الله أشهر هدافي السودان والفريق القومي، والقرود وعلي سعيد وجيمس وقد كانوا جميعاً من نجوم الفريق القومي. ظل سمير حسن وفياً لمنطقة بحري بمثل وفائه لأصدقائه، وداعماً معنوياً ومادياً واجتماعياً لناديه الأول الأمير البحراوي إبان سنوات عمله بسلطنة عمان وسبق له أن ترأس النادي السوداني الاجتماعي الضخم بالعاصمة العمانية مسقط وقد كان من مؤسسيه الأوائل، إلى أن عاد إلى أرض الوطن بنية الاستقرار والاستثمار بالبلاد.. فألف ألف مرحباً بكابتن سمير حسن بابكر الذي يعرفه كل نجوم العصر الذهبي لكرة القدم السودانية، وعوداً حميداً. صلاح الباشا